جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

اقتصاديون يجيبون عن السؤال: هل نتأثر بالأزمة العقارية الصينية؟

العقارات
العقارات

أزمة جديدة تهدد تعافى الاقتصاد العالمى، نجمت عن تزايد احتمالات انهيار شركة «إيفرجراند»، ثانى أكبر مطور عقارى فى الصين، لعدم تمكنها من سداد ديونها البالغة نحو ٣٠٠ مليار دولار، ما قد يعصف بالتجربة الصينية، ويكرر الأزمة المالية التى شهدها العالم فى عام ٢٠٠٨، بعد تداعى قطاع الرهن العقارى فى الولايات المتحدة.

وفى ظل المخاوف الناجمة عن أزمة شركة «إيفرجراند»، وتزايد الحديث حول احتمالات تمدد تأثيرها إلى خارج الصين، التى تعد أكبر مصدر ومستورد فى العالم، تواصلت «الدستور» مع عدد من الخبراء الاقتصاديين لشرح تفاصيل الأزمة، ومدى تأثيرها على السوق المصرية والأسواق العالمية، التى لم تتجاوز بعد تداعيات أزمة انتشار فيروس «كورونا المستجد».

هدى الملاح:القاهرة ستعبر التحدى مثلما تجاوزت جائحة كورونا والإرهاب

قالت الدكتورة هدى الملاح، مدير المركز الدولى للاستشارات الاقتصادية ودراسات الجدوى، إن عدم قدرة شركة «إيفرجراند»، أكبر مطور عقارى فى الصين، على سداد مديونياتها، البالغة ٣٠٠ مليار دولار، لا يعنى أبدًا أن تكون الدولة نفسها على حافة الإفلاس كما يروج البعض، لأن تلك الديون لا تعنى شيئًا مقارنة باقتصاد دولة يقدر بتريليونات الدولارات.

وأضافت: «رغم ذلك فالأزمة كبيرة جدًا، ومن المتوقع على نطاق واسع أن تحاول بكين احتواءها، لأن الحكومة الصينية لن تقف مكتوفة الأيدى أمام انهيار هذه الشركة العملاقة، التى تعمل فى أكثر من ١٢٥٠ مشروع بناء، بالإضافة إلى تجاهلها أزمة البطالة الكبيرة التى يمكن أن تنتج عن تشرد موظفى وعمال ومهندسى الشركة، والعمالة غير المباشرة فى هذه المشروعات».

وعن الحرب الاقتصادية الدائرة بين الصين والولايات المتحدة، قالت الخبيرة الاقتصادية: «الصين هى ثانى أكبر اقتصاد فى العالم، والولايات المتحدة تعلم جيدًا أن الصين فى طريقها لتجاوزها، لذا يكمن الخلاف فى تغلغل السلع والمنتجات الصينية داخل الأسواق الأمريكية، الأمر الذى أدى لتراجع الإنتاج فى الولايات المتحدة، وجعل واشنطن تقرر فرض قيود جمركية على المنتجات المستوردة من الصين، كنوع من الحماية لمنتجاتها المحلية، رغم مخالفة ذلك القانون الدولى».

وعن تأثير تلك الحرب الاقتصادية على مصر قالت: «حين تحدث أزمة كبيرة، مثل تلك الواقعة بين أكبر اقتصادين فى العالم، فعلينا أن نحاول الاستفادة من الأوضاع وتحويل السلبيات إلى إيجابيات، وهو ما يحدث فعلًا، بعدما نجح الرئيس عبدالفتاح السيسى فى تطوير البنية التحتية للبلاد، وحول منطقة قناة السويس من ممر ملاحى إلى ممر إنتاجى، وهو ما يدعم الاقتصاد المصرى بشكل كبير، ويزيد من اعتماده على التصنيع بدلًا من الاستيراد».

وأضافت: «اجتزنا عدة أزمات كبيرة فى السنوات الماضية، وهى تحديات كبيرة جدًا واجهتها الدولة بنجاح، على رأسها الحرب ضد الإرهاب، وتجاوز أزمة كورونا، وحققنا معدلات نمو اقتصادى إيجابية فى ظل الوباء تفوق ما حققته دول عظمى، لذا أعتقد أن الاقتصاد المصرى لن يتأثر كثيرًا بالأزمة العقارية فى الصين». 

على الإدريسى:التعاون مع أسواق أوروبية وعربية سر قوتنا 

أوضح على الإدريسى، أستاذ الاقتصاد، أن الأزمة الاقتصادية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين ليست جديدة، وبدأت فى عام ٢٠١٨، وأثرت بشكل ملحوظ على معدلات النمو وحركة الاستثمارات على مستوى العالم، التى ضاعف من تأثيرها تداعيات جائحة فيروس كورونا التى وضعت كلا الاقتصاديين فى موقف صعب، وبالتالى تأثرت جميع اقتصاديات العالم.

وعن تأثر اقتصاد مصر بالأزمة، أوضح: «مصر جزء من العالم، وبالتالى ستأثر سلبيًا بتلك الأزمة وبسرعة كبيرة، كوننا نعيش فى عصر العولمة الاقتصادية».

وتابع: «حرص القيادة السياسية على تنويع التعاون مع الأسواق الاقتصادية من خلال التبادل التجارى مع دول أوروبية وآسيوية وعربية جنبًا إلى جنب مع تعزيز العلاقات الدبلوماسية يحمى الاقتصاد المصرى ويخفف من تأثره بالصراعات الاقتصادية العالمية».

خالد الشافعى: تراجع محتمل للواردات.. وتعزيز الصناعات الوطنية الحل 

أشار خالد الشافعى، الخبير الاقتصادى، إلى أن الأزمة الاقتصادية بين الصين وأمريكا تعد بمثابة بوادر حرب بين الطرفين، وتصيب الاقتصاد العالمى بأضرار جسيمة، ولها تأثير مباشر على حجم التجارة العالمية وحجم الاستيراد والتصدير على مستوى العالم، وقد تؤثر على حجم واردات بعض الدول، وتتسبب فى ارتفاع الأسعار العالمية.

وعن احتمالية تأثير الأزمة على الاقتصاد المصرى، أوضح أنه من المحتمل أن يتأثر اقتصادنا ولكن بشكل طفيف.

وتابع: «لن يؤثر الصراع على توفير السلع الأساسية التى تعمل الدولة المصرية على توفيرها للمواطن بشتى الطرق، لكن قد ترتفع أسعار بعض الواردات». 

وأكد الخبير الاقتصادى أنه يمكن تفادى الآثار السلبية للصراع بين قطبى الاقتصاد العالمى من خلال الاعتماد على الصناعة المصرية لتوفير متطلبات الأسواق المحلية. 

وأشار إلى أن الرئيس عبدالفتاح السيسى حريص على عدم التأثر بالظروف الاقتصادية العالمية من خلال تبنى استراتيجية زيادة حجم الصناعة الوطنية والمنتج المحلى عبر فتح آفاق ومجمعات صناعية تضم جميع الأنشطة والحرف الصناعية، فضلًا عن توفير كل ما تحتاجه الصناعات من آليات لزيادة القدرة الإنتاجية.

مدحت نافع:إنشاء هيئة مستقلة لإدارة المخاطر المالية

أكد مدحت نافع، الخبير الاقتصادى، أن الولايات المتحدة والصين تواجهان أزمة مالية ضخمة، حيث يعد الدين الحكومى والخاص من أبرز التحديات التى تواجه اقتصادهما.

وأوضح «نافع» أن هناك أزمات عديدة ظهرت فى قطاع العقارات الصينية منذ العام الماضى وما زالت موجودة حتى الآن، مشيرًا إلى أن هناك ديونًا كثيرة لشركة «إيفرجراند» التى تعتبر أكبر مطور عقارى فى الصين.

وأشار إلى أن الأزمة تؤثر بشكل كبير على اقتصاديات الدول المختلفة، لكون الصين ثانى اقتصاد عالمى، ولأن حجم الدين عالميًا بلغ ثلاثة أضعاف ما ينتجه العالم من السلع والخدمات. 

وأضاف: يُعد ذلك مؤشرًا خطيرًا يهدد بانفجار فقاعات عقارية كثيرة ليس فى مجال العقارات فقط، ما يجعلنا نتوقع تعرض العالم لأزمة خطيرة لا تقل عن أزمة ٢٠٠٨ وتأثيرها على الاقتصاد العالمى. 

وأكد أن هناك تفاوتًا فى استجابة دول العالم لتلك الأزمة نتيجة جائحة كورونا وقرارات الإغلاق، التى جعلت هناك طلبًا كبيرًا على المواد الخام والبترولية. 

وعن تأثير الأزمة على الاقتصاد المصرى، أضاف: «من المهم أن تدير مصر المخاطر المالية عبر هيئة مستقلة لإدارة المخاطر، يكون لها رأى حاسم للتوسع فى الاقتراض وإصدار أدوات الدين للحماية ضد تقلبات أسعار المواد الأساسية ومنتجات الطاقة، فضلًا عن اتخاذ البنك المركزى إجراءات التيسير الكمى والكيفى لمراعاة طبيعة النشاط الاقتصادى المصرى».

أحمد خطاب:امتلاكنا قناة السويس يجعلنا نتجاوزها

قال أحمد خطاب، الخبير الاقتصادى، إن مصر جزء من العالم، وأى صراعات اقتصادية بين الدول ستنعكس بالسلب على اقتصاد كل دول العالم، لكن مصر دولة قادرة، تستطيع إجراء توازنات دبلوماسية وسياسية دولية، حتى تتمكن من اجتياز تلك الصراعات وتجنب تأثيراتها.

وأضاف «خطاب» أن مقدار الضرر الناجم من تلك الصراعات سيكون ضئيلًا على الاقتصاد المصرى، موضحًا أن مصر بما لديها من موقع جغرافى متميز، ستتجاوز الأمر، فى ظل أنها تمتلك قناة السويس الجديدة والقديمة، وتمثل القوة العسكرية الكبرى فى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، فضلًا عن امتلاكها موانئ تطل على البحرين الأحمر والمتوسط، والعالم أجمع فى حاجة دائمة لها. واختتم أن الصراع الناشب بين أمريكا والصين فى الفترة الحالية، ربما يكون عاملًا إيجابيًا لمصر، لما تمتلكه من علاقات طيبة مع البلدين، متابعًا: «هتزود الحجم التجارى معهما لأنها بوابة إفريقيا، ولن يتضرر الاقتصاد المصرى، فمصر بخططها واستراتيجياتها ستصد أى تأثيرات سلبية».