جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

حضرت غُسل جدتي وأنا حائض تنفيذًا لوصيتها.. ما حكم الشرع؟

حكم تغسيل الحائض
حكم تغسيل الحائض للميت

ورد سؤالا إلى دار الإفتاء المصرية، عبر البث المباشر الذي تنظمه على صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" من سائلة تقول: “حضرت غسل جدتي التي وافتها المنية وأوصتني بأن أقوم بتغسيلها وتكفينها مع النسوة اللاتي حضرن الغسل وأنا حائض فما حكم الشرع في ذلك؟”

من جانبها، ردت الدار قائلة إنه يجوز للحائض المحرم أن تحضر غسلَ الميت وتكفينَه عند جماهير الفقهاء، مع مراعاة غض البصر عن العورات، ويتأكد الجواز إذا أوصى المتوفى بذلك، والكراهة في هذا السياق محمولةٌ على الحائض والجنب اللذيْنِ تركا الغسل تهاونًا فيه وتضييعًا للفرائض، لا كل جنبٍ أو حائضٍ، بل تزول الكراهة عند الوصية بذلك.

وأضافت الدار أن من سنن الله تعالى في خلقه أن جعل للمرأة طبيعةً وهيئةً خِلْقيةً خاصة بناءً على تكوينها الجسماني وخصائصها التي خلقها الله تعالى عليها، وأقامها في الوظائف التي تتناسب مع هذه الخصائص، ورتَّب لها الأحكام الشرعية في عباداتها ومعاملاتها على وَفقِ هذه الطبيعة.

واستدلت الدار بما جاء عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فَحِضْتُ، فدخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا أبكي، فقال: «ما لَكِ، أنَفِسْتِ؟» قلت: نعم، قَالَ: «إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَاقْضِي مَا يَقْضِي الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ» متفق عليه.

وأشارت الدار إلى  أن الشرع لَمّا منع المرأة الحائض من أداء بعض العبادات أثناء الحيض جوَّز لها الذكر وقراءة القرآن في بعض الحالات مما هو موضع تفصيلٍ عند الفقهاء، وجوَّز لها المرور في المسجد، ولم يأمر بمنعها من حضور مواطن الذكر والدعاء، بل أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بإحضار الحُيَّض صلاةَ العيدين حتى يشهَدْنَ الخير ودعوة المسلمين؛ كما في حديث أم عطية رضي الله عنها في "الصحيحين". زاد البخاري عن حفصة بنت سيرين: فقلتُ: أَلْحَائض؟ فقالت: "أَوَلَيْسَ تَشهدُ عرفةَ، وتَشهد كذا وتَشهد كذا؟"، وزاد مسلم: "الْحُيَّضُ يَخْرُجْنَ فَيَكُنَّ خَلْفَ النَّاسِ، يُكَبِّرْنَ مَعَ النَّاسِ".

وأكدت الدار إلى أنه مما نص الفقهاء على جوازه للمرأة الحائض: حضورُها غسلَ الميت وتكفينه؛ فإن مذهب جمهور الفقهاء أنه يجوز للمرأة الحائض أن تحضر احتضار الميت وتغسيله وتكفينه وتجهيزه، بل إن منهم من نصَّ على جواز مباشرتها لذلك: فقد روى ابن أبي شيبة في "المُصنِّف" عن علقمة، أنَّه جاءته امرأة، فقالت: إني أعالج مريضًا، فأقوم عليه وأنا حائض؟ فقال: "نعم، فإذا حضر فاجتنبي رأسه"، وعن الحسن: "أنه كان لا يرى بأسًا أن تحضر الحائض الميت"، وعن عطاء قال: "لا بأس أن يغسل الميتَ الحائضُ والجنبُ".