جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

الانتقام المدمر!!

يُحكى أن ثعبانًا دخل ورشة نجار بعد أن غادرها صاحبها فى المساء بحثًا عن الطعام، وكان من عادة النجار أن يترك بعض أدواته فوق الطاولة، ومن ضمنها المنشار، وبينما كان الثعبان يتجول هنا وهناك مرّ جسمه من فوق المنشار مما أدى إلى جرحه جرحًا بسيطًا.

ارتبك الثعبان، وكردة فعل قام باستخدام أسنانه بقوة وعض المنشار محاولًا لدغه مما أدى إلى سيلان الدم حول فمه، ومن المؤسف أن الثعبان فى غبائه لم يكن يدرك ما يحدث، واعتقد أن المنشار يهاجمه، وحين رأى نفسه ميتًا لا محالة؛ قرر أن يقوم بردة فعل أخيرة قوية ورادعة، التف بكامل جسمه حول المنشار محاولًا عصره وخنقه، استيقظ النجار فى الصباح ورأى المنشار وبجانبه الثعبان الميت لا لسبب إلا لطيشه وغضبه وانتقامه الذى دمره.

أحيانًا نحاول فى لحظة غضب أن نجرح غيرنا، فندرك بعد فوات الأوان أننا لا نجرح إلا أنفسنا ولا نسىء إلا لأنفسنا ولا ننتقم إلا من أنفسنا.

إن الحياة أحيانًا تحتاج إلى بعض التجاهل، تجاهل أحداث، تجاهل أشخاص، تجاهل أفعال، تجاهل أقوال. 

قارئى العزيز.. عوِّد نفسك على التجاهل الذكى، فليس كل أمر يستحق وقوفك، فليس كل نقد يوجه لك يحتاج إلى رد، وليس كل إساءة توجه إليك تحتاج إلى رد.

أحيانًا يكون الصمت هو أبلغ حكمة، وعدم الرد هو الرد، والتجاهل هو البرهان على الذكاء، فلا تهدر طاقتك الثمينة فى الوقوف الدائم عند صغائر الأمور. 

فاستثمارك طاقتك فى كل ما هو إيجابى ونافع لهو أنفع وأجدى من الدخول فى مناقشات ومجادلات لن تجنى من ورائها إلا إهدار الطاقة دون جدوى.