جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

هل ضرب الأطفال ليه فوائد؟

فيه نسبة كبيرة من المجتمع المصرى اتعودوا إن التربية الصحيحة مبتجيش إلا بالضرب، وأى أم جديدة هتلاقى نصايح كتير من كل اللى حواليها، وماشاء الله كلها تناقضات، إزاى سايبة ابنك كده؟ لازم يتضرب عشان يتربى، لو كبر من غير ضرب هيضيع منك.

إزاى بتزعقى لابنك كده؟ سيبيه ده طفل كل دوره إنه يتدلع لما يكبر يبقى يتربى، بتودى ابنك حضانة؟ حرام عليكى ليه يصحى بدرى من صغره كده وتبهدليه.

ما تودى ابنك حضانة بدل ما هو متأخر فى الكلام كده، هيعمل إيه بقعدته جمبك فى البيت؟

وتلاقى الأم ياعينى محتارة تعمل إيه وأغلب الوقت بتسيب نفسها لإحساسها وظروفها وخلاص، لكن الحقيقى بقى اللى أغلب المجتمع اتربى عليه وهو ضرب الأطفال بهدف التربية ده مفيد فعلًا ولا مضر؟

بس ماتيجى الأول كده نبص على الأطفال اللى بتتضرب سلوكها عامل إزاى؟

حاجة من اتنين:

يا هتلاقى الطفل بيزعق للى يحس إنه ليه سلطة عليه ويضربهم زى دباديبه أو لو ليه أخوات أصغر منه.

أو بيتجه للسكوت وتلاقوه بيخاف من كل حاجة حواليه خايف يتصرف أى تصرف لا ينضرب ومش هيفكر بقى ده صح ولا غلط هيبقى من باب أولى بلاش أحسن.

تفتكروا ده النموذج اللى عايزين ولادنا يكبروا عليه؟

أنا معاكم إن فى أطفال كتير ده لو مكنش كلهم بيعملوا تصرفات تجنن ومهما اتكلمنا مش بيبطلوا وساعات بتوصل لمرحلة العند والصريخ ولو فى الشارع تلاقى الناس كلها بتتفرج عليكى ونوصل لمرحلة الانهيار.

بس هو إيه الهدف من الأساس تربيتهم ولا أنهم يسمعوا الكلام وخلاص وبأى طريقة؟

إخصائيون التربية وتعديل سلوك الطفل انقسموا لفريقين:

فريق بيقول إن الضرب مفيش منه فايدة غير إنه بيسبب إهانة وضرر نفسى ويدمر الفهم، وبيخلى الأطفال آلة تنفيذ الأوامر دون تفكير أو تقرير مصير.

والفريق التانى بيقول إن الضرب ضرورى وليه فوائد كبيرة لكن الضرب المشروط لن يضر به.

طب إيه هو الضرب المشروط؟

الضرب غير الضار دون أن يمس إنسانيته وخصوصيته وصحته العضوية يعنى ضرب لطيف، دون عنف أو إهانة، يؤدى إلى الغربة والاستياء، ولا ينبغى إهانة الأطفال أمام أقرانهم أو أقاربهم. وده مش قبل سن الـ١٠ سنين.

يعنى مش طفل سنتين تلاتة ولا حتى سبعة يتجاب من قفاه فى الشارع وياخدله قلمين ويتهدد إنه هيشوف أيام سودة لما يروح البيت!

ولا يتهدد كل شوية «فين الشبشب» فيروح يستخبى وهو مرعوب، وفى الأغلب لو خاف هيعمل كده كده اللى هو عايزه بس هيحاول يتفنن إزاى يعمله من غير ما تشوفيه.

بس الأسوأ بقى إنه هيفهم إن اللى معاه سلطة بيفرض سيطرته بالعنف وإن مفيش وسائل تانية غير العنف، وهيبقى ارتكبنا أكبر أذية فى حق الطفل والمجتمع.

فى دراسات بتقول «إن تعرُّض الأطفال للعقاب البدنى فى سن مبكرة بيصيبهم بالعدوانية، وبتزيد بعد التحاقهم بالمدرسة».

وأن للعقاب البدنى علاقة كبيرة بتطور الأمراض النفسية عند الأطفال فى مراحل متقدمة من العمر، زى إصابتهم بالاكتئاب والقلق وفقدان الأمل، وتعاطى المخدرات والكحوليات، وضعف النمو الذهنى وضعف التحصيل العلمى، ونقص المادة الرمادية فى المخ».

فى مقالة للدكتور على بهنسى، استشارى طب نفس الأطفال، بيشدد على أهمية اختيار العقاب الإيجابى وأن العقاب علم له قواعد، أهمها ألا يكون بدافع التشفى والشماتة، وأن يتناسب مع حجم المشكلة، ولا ينتج عنه إيذاء نفسى أو بدنى، وأن يتم توقيعه بعد حدوث المشكلة مباشرة لأن العقاب بعد مرور الوقت يتحول إلى موقف شخصى، ولا بد من إعطاء الطفل الفرصة لممارسة حياته بحرية وأن نمنحه مساحة للخطأ مثل البالغين، وأن تكون لدينا القدرة على تقدير الأخطاء، فهناك أخطاء تتطلب التدخل الهادئ، وأخطاء تتطلب التدخل اللحظى بحزم دون عنف، وأخطاء مقبولة».

مع دراسات ومقالات كتير لقيت تصحيح لغلط كبير بنعمله كأهالى، إن مفيش حاجة اسمها عقاب قبل سن الـ٣ سنين أصلًا، لكن ممكن يكون فى عواقب، وبتكون منطقية وليها علاقة بالغلط اللى حصل وكمان بتحافظ على احترام الطفل.

بهدلت أوضتك؟ طب يلا ساعدنى نروقها.. رميت حاجة على الأرض لو سمحت شيلها.

‏وبكده يبقى بنعوده على احترام الآخر وإزاى بنتحكم فى انفعالاتنا وقت الغضب.‏

بعد سن الـ٣ سنين العواقب بتكون بشكل أكبر معملتش الواجب، هسيبك تروح المدرسة من غيره لكن مش هحرمك من المصروف وأساعدك تعمل الواجب!

لازم يحس بنتيجة قراراته بنفسه، ويعرف عواقبها إيه عليه.

لو ضرب أخوه ميتضربش زيه وميكتفيش كمان بكلمة آسف، لازم يفكر يعمل حاجة تبسط أخوه أو يساعده فى حاجة، وده بيعرفه إنه لما يغلط فى حق حد إنه يصلح الموقف بتصرفاته مش بس باعتذار.

من بعد الـ٦ سنين:

هيزيد على كل الطرق اللى فاتت إيجاد حلول ودى أداة مهمة جدًا فى التربية الإيجابية إننا نمرّن الطفل بعد أى غلط متكرر اتكلمنا فيه إنه يدور على حلول بنفسه يقدر يتحكم فيها إنه ما يعملش الغلط ده تانى، تدريب الطفل على الأداة دى بتعزز عنده مهارة حل المشكلات والتفكير العقلانى.

الموضوع محتاج مجهود كبير مننا كأهالى عشان نقوّم سلوك ولادنا بعيدًا عن الضرب والانفعالات اللى ممكن تخليهم شخصيات سيكوباتية إحنا مش عايزنها.

وأكيد كلنا بنحب ولادنا أكتر من أى حاجة فى الدنيا حب يستاهل أننا نعمل أكبر مجهود ومنستسهلش الضرب.