جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

شعب الجبارين.. وفضيحة إسرائيل فى «جلبوع»


رغم إعادة  قوات الاحتلال الإسرائيلى القبض على الأسرى الفلسطينيين الأربعة الشجعان، وعجزها عن العثور عن الاثنين الآخرين إلا أن هذه العملية أحيت روح الفداء والشجاعة والإرادة فى نفوسنا جميعا.. وأكدت أنه لا يوجد شىء اسمه مستحيل طالما توفرت القوة والإرادة واليقين بأنك على الحق المبين.. المعلومات المتوفرة عن سجن جلبوع الإسرائيلى أنه شديد الحراسة، لكن شعب الجبارين الذي واجه البنادق والدبابات بالحجارة والبالونات الحارقة والصواريخ الدقيقة لا تقف أمامه حواجز وموانع وعدم منطق.. جيش الاحتلال يتلقى الضربات واحدة تلو الأخرى، منذ حرب أكتوبر المجيدة ١٩٧٣ مرورا بحرب تموز ٢٠٠٦ أمام حزب الله اللبنانى حتى صواريخ المقاومة الفلسطينية التى انهمرت على البلدات المحتلة هذا العام.. إسرائيل نمر من ورق (مابتشطرش غير ع الضعيف).. الفضيحة الأمنية مستمرة، حيث كشفت قناة عبرية النقاب عن خرائط أخرى لسجون إسرائيلية، رغم الفضيحة الاستخبارية والأمنية فى سجن جلبوع الإسرائيلي.
وذكرت القناة العبرية الـ 13 أن المخطط البنائى والخريطة الكاملة لسجن «شيكما» الحصن  معروضة ومعروفة للجميع، بل ومنشورة للعلن على شبكة الإنترنت، وهو خطأ أمنى واستراتيجى إسرائيلى آخر.
كيان الاحتلال الذى يزعم امتلاكه أهم منظومة أمنية واستخباراتية، وجيش وشرطة، يقف حائرًا وعاجزًا أمام تحرير الأسرى الـ 6  أنفسهم، الاثنين الماضى، عبر «نفق الحريّة»، فى وقت تنام فيه حارسة سجن «جلبوع».

المحرّرون لم يتجاوزوا فقط الأرضيات الصلبة بالحديد المقوى، وجدران الباطون المسلّح، والسياج الشائك، والأبراج العالية المزوّدة بكاميرات المراقبة الالكترونية فائقة الدقة، والكلاب الحارسة، بل كسروا أيضًا جهاز الأمن الداخلى للسجن «الشاباص»، الذى تقوم وحداته الخاصة بفحص الأرضيات والنوافذ، والتنقلات بين غرف السجن على مدار اليوم ودون انقطاع، وإذا ما ثبت تنسيقهم مع المقاومة فى الخارج، كما ادعت وسائل إعلام إسرائيلية فقد تخطوا المنظومة التكنولوجية، التى حدّثها الاحتلال قبل سنة، ووظيفتها اعتراض وحجب المكالمات الهاتفية. 
و«الشاباص» (مصلحة السجون الإسرائيلية)، تأسست عام 1949 وهى تتبع لوزارة الداخلية الإسرائيلية وتمثل ذراعًا تنفيذية ويقع مقرها الرئيسى فى مدينة الرملة فى الداخل المحتل، وهى مسؤولة عن 33 سجنًا موزعة فى كافة المناطق، وتضم 35000 سجين و8000 موظف عام 2009، ونسبة السجناء الأمنيين (سجناء المقاومة الفلسطينية) بلغت 40% ونسبة السجناء الجنائيين بلغت 60%. ويديرها «النتسيب»، مدير مصلحة السجون.

وتنقسم  المصلحة إلى ثلاث كتل: الشمال (شمال نتانيا)، الوسط (بين نتانيا وأشدود)، والجنوب (جنوب عسقلان والقدس).

وتتبع «الشاباص» وحدات خاصة من نخب جيش الاحتلال، أهمها «نخشون»، وحدة السجون الخاصة بالأسرى الفلسطينيين المصنفين «أمنيين» لدى الاحتلال، أى أنهم اعتقلوا على خلفية المقاومة. 
وتعد وحدة ‹النخشون› من أقوى وأكبر الوحدات العسكرية الإسرائيلية، وشُكلت خصيصًا لإحكام السيطرة على السجون عبر مكافحة ما يسمى «أعمال الشغب» داخلها، وهذه الوحدات الخاصة ترتدى زيًّا مميزًا كتب عليه «أمن السجون».
ووضعت سلطات الاحتلال فى كل سجن ومعتقل فرقة خاصة من تلك الوحدات وتعمل 24 ساعة يوميا دون توقف أو انقطاع، حيث تعمل على اقتحام الغرف وقمع الأسرى ليلا أو نهارًا.
هذه الوحدة تتعامل مع عمليات البحث، وإسكات الاضطرابات، وحراسة موظفى مصلحة السجون، وتعمل كوحدة مركزية لمراقبة السجناء والتدخلات العملياتية والأمن. كما تساعد الوحدة فى إجراء عمليات بحث واسعة داخل السجون للعثور على أسلحة أو أى معلومات حول تحركات للأسرى أو وجود مواد للمتفجرات بحوزتهم أو هواتف محمولة وشرائح SIM.
وهى مزودة بأسلحة متنوعة منها السلاح الأبيض، والهراوات، والغاز المسيل للدموع، والرصاص المطاطى، وأجهزة كهربائية تؤدى الى حروق فى الجسم، وأسلحة تطلق رصاص حارق، ورصاص «الدمدم» المحرم دوليا (هى رصاصة مجوّفة من مقدمتها تقوم بالتوسع والانتشار عند اصطدامها بجسم ما، كما أنها تنفجر أو تتسطح بسهولة عند اصطدامها فى جسم الإنسان مما يُسبب جراحًا شديدة) بالإضافة الى رصاص غريب يحدث آلاما شديد، ولا يُستبعد أن تقوم هذه الوحدة بتجريب بعض الأسلحة الممنوعة على أجساد الأسرى.
ومن مهامها أيضًا، نقل المعتقلين من سجن لآخر، أو من السجن الى المحاكمة، ومنع هروب السجناء، أو اعتراض قافلتهم ومهاجمتها وتحريرهم من قبل منظماتهم أثناء ذلك.
كل هذه المعلومات المخيفة والمهولة حول تأمين السجون الإسرائيليةعبر وحدات خاصة لم تمنع أسرى عزل من التفكير فى اختراقها وفضحها وإنقاذ أنفسهم من الموت البطىء داخل المعتقلات الإسرائيلية، والفرار منها وضرب منظومة الأمن الإسرائيلية فى مقتل وكشفها أمام العالم أجمع.. تحية لشعب الجبارين في جنين، مدينة الأسرى، والمقاومين الأبطال في جميع الأراضي المحتلة.