جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

لماذا يعتبر رياض السنباطى من أفضل 5 موسيقيين في العالم؟

الموسيقار رياض السنباطي
الموسيقار رياض السنباطي وكوكب الشرق

لا يمر يوم 10 سبتمبر إلا بتذكر رحيل أحد رواد الموسيقى العربية رياض السنباطي، خاصة أن اليوم هو الذكرى الـ40 لرحيله.

ترك «رياض» ثروة موسيقية كبيرة وضعت اسمه في سجل الخلود الفني، حيث أنه الوحيد بالوطن العربي الذي حصل على جائزة اليونسيكو بالموسيقى..

يعد من أكثر الملحنين الذين اهتموا بالقصيدة العربية، فهو أكثر من لحنوا القصائد على مدار تاريخ الموسيقي بالوطن العربي، لتصبح عبقريته بمرور الزمن مصدر إلهام وإعجاب للذين أتوا من بعده.

«السنباطي» كان مشروعا عبقريا لمغن محترف يمتلك كل مقومات النجاح لكن تركيزه على التلحين حرمه من النبوغ الفني كمطرب قادر على صنع بصمة قوية ومؤثرة.

نشأة «السنباطي» وبدايته

ظهرت موهبته في سن الثامنة من عمره بعد شغفه بالعزف على العود، حيث كان يهرب من المدرسة إلى دكان نجار قريب من منزلهم يهوى العزف على هذه الآلة ليتعلم منه.

كان والده المطرب محمد السنباطي يصطحبه معه في الأفراح بمدينة فارسكور في دمياط، ليغني معه حتى ارتبط الجمهور به كفرد أساسي مع والده وأصبح مشهورًا، وسافر بعد ذلك معه للمنصورة بعد أن أصبح عنصرا أساسيا في فرقته خاصة أن شهرته زادت في المنصورة، وأصبح له جمهور كبير ولقب وقتها بـ«بلبل المنصورة» وهو فتى صغير.

سيد درويش أراد اكتشافه ووالده رفض 
عدد من الشخصيات الموسيقية كانت سبباً في نشأة رياض السنباطي بعد أن تأثر بهم وهما عبد الحي حلمي ويوسف المنيلاوي وسيد الصفطي وأبو العلا محمد، وكان متأثراً بسيد درويش خاصة أنه كان صديقا مقربا من والده محمد السنباطي، وفي إحدى المرات سمع  سيد درويش صوت رياض بالمنصورة وهو يغني إحدى أغنيات سيد درويش الشهيرة «أنا هويت وانتهيت» وأعجب بصوته وطلب من والده أن يأخذه معه إلى القاهرة ليتعلم الموسيقى، لكنه رفض بسبب اعتماده عليه في الأفراح.

سيد درويش

ذهب ليتعلم الموسيقى فعُين أستاذا للعود

بداية رياض السنباطي الحقيقية كانت عام 1928، بعد أن قرر النزول إلى القاهرة والالتحاق بمعهد الموسيقي للدراسة وأثناء اختباره اكتشف أساتذة المعهد أن رياض التلميذ يتفوق عليهم من حيث أنه يحفظ عددا كبيرا من الموشحات وهو أكثر منهم بجانب احترافه عزف العود، ليتم تعيينه مدرساً للعود بالمعهد بدلأً من أن يصبح طالباً.

بعد سنوات قليلة ترك «السنباطي» المعهد بسبب رغبته في خوض تجربة التلحين أكثر من أن يكون عازفا في بداية الثلاثينات وكانت نقطة الانطلاق بتعاقده مع شركة أوديون للاسطوانات وقتها من خلال أغنية دينية لحنها وغناها اسمها «يا مشرق البسمات» وأرسلها للشركة التي ساعدته في أن يبدأ رحلة الشهرة كملحن وأنتجت له عدة أعمال لعدد من المطربين المشهورين وقتها ولحن لهم السنباطي مثل
ـ عبد الغني السيد.
ـ رجاء عبده
ـ صالح عبد الحي.

حياته مع كوكب الشرق 

رغم ان السنباطي قدم مع ام كلثوم أكتر اغانية إلا أن لقائهم الأول كان صدفة وهما صغار حيث تقابلاً صدفة في محطة قطار بعد ان تصادف والدها الشيخ إبراهيم وصديقه والد رياض السنباطي ودارت بينهم دردشة تعارف حيث أن الإثنين أم كلثوم والسنباطي كان إسمهم لمغنيان بدء يتردد في القرى  وبعد سنوات وشهرة كل منهما ام كلثوم فى سماء الغناء والسنباطي كأحد الملحنين الجدد الذين قدموا بصمة قوية فى الإذاعة وخلال شركة أوديون جمعهم لقاء أخر وكان بداية العمل بينهم  وهو عام 1935 .

 القصة ترجع أن رياض السنباطي  فوجئ بإتصال من ام كلثوم تطلب منه زيارته لمنزلها وبعد مقابلته لها في منزلها بالزمالك سألته أن كان عنده استعداد يلحن لها ووافق السنباطي وأعطته أغنيتان من كلمات أحمد رامي وهما
ـ ياطول عذابي وإشتياقي
ـ لما انتي ناوية هتاجريني

السنباطي والسيدة أم كلثوم

لكن يعتبر التعاون الأول الذي عرفه الجمهور بين ثومة والسنباطي كان من خلال أغنية «على بلد المحبوب» التى أذيعت عام 1935 حيث أن  الأغنيتين  ياطول عذابي ولما انتي ناوية تهاجري  طرحوا في عام 36 وعام 39.

حكاية نصيحة أمير الشعراء أحمد شوقي له بتلحين القصائد
رغم أن سنباطي قدم خلال السنوات الأخيرة من فترة الثلاثينات عدد من الأغنيات مع كوكب الشرق إلا أنها طلبت منه عام 1938 تقديم ألحان قصيدة «سلوا كؤوس الطلا » وكانت المرة الأولى التى يقدم فيها السنباطي لحن قصيدة، وأخبرته أم كلثوم عن قصة القصيدة التى أهداها لها أمير الشعراء أحمد شوقي حيث كانت لها حدوته طريفة وهي أن شوقي تقابل مع ثومة في أحدى الحفلات وعزم عليها بكأس من الخمر ولكن كوكب الشرق لا تشرب الكحول فأخذت الكأس وحطته على فمها ثم وضعت الكأس دون ان تشرب منه حتى لا تحرجه، ولاحظ شوقي موقف السيدة أم كلثوم وارسل لها بعد ذلك قصيدة «سلوا الكؤوس الطلا» .. وكان مطلع القصيدة
 سلوا كؤوس الطلا هل لامست فاها .. واستخبروا الراح هل مست ثناياها.
وتقابل بالصدفة السنباطي بامير الشعراء أحمد شوقي وهو أول من نصحة بتلحين القصائد وإقترح عليه أن يلحن أحد قصائدة «مقادير من جفنيك» التى قدمها بعد سنوات السنباطي وغناتها ام كلثوم عام 1940 وبالمناسبة الموسيقار محمد عبد الوهاب عبد الوهاب لحنها وغناها مرة أخرى بنفسه.

قدم السنباطي عدد كبير من القصائد الغنائية ويعتبر هو وحده قدم ثلث أغنيات أم كلثوم ومن القصائد اللى قدمها مع كوكب الشرق  هي «ولد الهدى ، سلوا قلبى ، نهج البردة، مصر تتحدث عن نفسها، الأطلال»

«الأطلال» حفرت اسمه في التاريخ 

الأطلال كانت عودة التعاون بين السنباطي وام كلثوم بعد فترة من الخصام بينهما وذلك عام 66 والطريف أن كاتب الأغنية ابراهيم ناجي حاول كثيراً ان تغنيها أم كلثوم ولم يتحقق مراده وعندما غنتها أم كلثوم كان إبراهيم ناجي مات، وللعلم ان ام كلثوم غيرت أكثر من جملة داخل القصيدة.
واختارت صحيفة لوموند الفرنسية قصيدة الاطلال من بين افضل مئة عمل فني وادبي شكلت ذاكرة القرن العشرين، ويعتبر رياض هو أكثر الملحنين اللي قدموا قصائد غنائية وأغلبها كان مع «الست» 


وصف محمد قنديل بأجمل الأصوات العربية 
لحن لعبد الحليم حافظ اغنيتن لحن الوفا وفاتوني ، ولحن لمحمد قنديل اغنتين من بينهم دويتو مع فايدة كامل ، ولمحرم فؤاد أغنية واحدة«مصر لم تنم» و لمحمد عبد المطلب في اكتر من اغنية من بينهم «شفت حبيبي» وعبد الغني السيد عدد من الأغنيات، وكن كان يري السنباطي أن محمد قنديل أجمل الأصوات العربية على الإطلاق .
وهناك أغنيات لحنها للفنانة فيروز ولم تخرج للنور حتي وقتنا الحالي وبعد وفاته بأربعين عاماً .

السنباطي وفيروز

كان سيحرم من جائزة اليونسيكو بسبب عدم تكريمه فى بلده أولاً 

السنباطي حصد على جوائز عديدة أهمها أنه الوحيد في الوطن العربي الحاصل على جائزة اليونسكو «أحسن موسيقي في العالم» في 30 ابريل 1977 وهذه الجائزة لم يحصل عليها في العالم سوى خمسة أشحاص فقط، السنباطي هو العربي الوحيد وهذه الجائزة لها قصة طريفة وهي ان شرط الجائزة ان يوافق جميع اعضاء اللجنة العليا للموسيقي برئاسة الموسيقار التونسي صالح المهدي وبعد ترشيح رياض السنباطي للجائزة فوجؤا بأن المسيقار مدحت عصام رفض ترشيح السنباطي بسبب أنه يرى ان السنباطي يجب أن  يكرم فى بلده أولا، ثم فى العالم العربى، وبعدها يرشح للجائزة العالمية وقام المسؤولون فى المجلس الأعلى للفنون والآداب ترشيح السنباطى للدكتوراة الفخرية بما يعنى تكريمه فى بلده، وتراجع مدحت عصام عن موقفة ليفوز السنباطي بجائزة اليونسيكو.