جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

الشيخ شلتوت: الأصل في الغناء والموسيقى الإباحة والمشروعية

الشيخ شلتوت
الشيخ شلتوت

من المسائل التي تحدث جدلا كبيرًا بين الحين والآخر، داخل جروبات الفتاوى عبر موقع التواصل الاجتماعي"فيسبوك" حيث يطرح بعض السائلين سؤالًا يثير الجدل حول حكم الشرع في الموسيقى والغناء.

وعند الرجوع إلى علماء الأزهر، وجدنا الإمام الأكبر الشيخ محمود شلتوت، شيخ الأزهر الأسبق رحمه الله، قد حسم هذا الجدل منذ فترة كبيرة، وأجاب على هذه الفتوى المتكررة.

حيث أكد الشيخ شلتوت، على أن الغناء والموسيقى الأصل فيها الإباحة والمشروعية، فهى من المستلذات الحلال التي تميل إليها الفطرة والغريزة الإنسانية، والشرائع لا تقضى على الغرائز بل تنظمها، ودعا إلى تعلمها ومعرفة أصولها، وجعل الأخبار التي جاءت بتحريمها"إن صحت"  مقيدة بذكر الملاهى، وبذكر الخمور والقينات، وذلك وفقا لما رصدته موسوعة " المسكوت عنه من مقالات تجديد الخطاب الديني" لمؤلفها الدكتور عبد الباسط هيكل، من علماء الأزهر، والذي جاء تحت عنوان " فتاوى أثارت جدلًا" للشيخ شلتوت.

وأضاف الشيخ شلتوت، فيقول الإمام " الأصل الذى أرجو أن ينتبه الناس إليه في هذا الشأن وأمثاله، مما يختلفون في حله وحرمته، هو أن الله خلق الإنسان يغريزة يميل بها إلى المستلذات والطيبات التي يجد لها أثر طيبا في نفسه، بها يهدأ، وبها يرتاح، ويها ينشط، وبها تسكن جوارحه، فتراه ينشرح صدره بالمناظر الجميلة، كالخضرة المنسقة والماء الصافي الذي تلعب أمواجه، والوجه الحسن الذي تنبسط أساريره، ينشرح صدره بالروائح الزكية التي تحدث خفة في الجسم والروح.

وتابع الشيخ شلتوت: " وينشرح بلمس النعومة التي لا خشونة فيها، وينشرح صدره بلذة المعرفة في الكشف عن مجهول مخلوء، وتراه بعد هذا مطبوعا على غريزة الحب لمشتهيات الحياة وزينتها من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة، والخيل المسومة والأنعام والحرث.

حكم تعلم الموسيقى

وأشار بعد سرد طويل لشرح الغريزة والعاطفة، أنه يتضح أن موقف الشاب في تعلم الموسيقى مع حرصه على أداء الصلوات الخمس في أوقاتها وعلى أعماله المكلف بها موقف كما قلنا نابع من الغريزة التي حكمها العقل والشرع بشرع الله وحكمه فنزلت على إرادته، وهذا هو أسمى ما تطلبه الشرائع السماوية من الناس في هذه الحياة.

وأردف قائًلا: "لقد كنت أرى أن هذا القدر كافٍ في معرفة حكم الشرع في الموسيقى، وفي سائر ما يحب الإنسان ويهوى بمقتضى غريزته، لولا أن كثيرًا من الناس لا يكتفون، بل ربما لا يؤمنون بهذا النوع من التوجيه في معرفة الحلال والحرام، وإنما يقنعهم عرض ما قيل في الكتب وأثر الفقهاء، وإذا كان لابد فليعلموا أن الفقهاء اتفقوا على إباحة السماع في إثارة الشوق إلى الحجَ، وفى تحريض الغزاة على القتال، وفى مناسبات السرور المألوفة كالعيد، والعرس، وقدم الغائب وما إلى ذلك.

وأوضح شلتوت، وإذن فسماع الآلات، ذات النغمات أو الأصوات الجميلة، لا يمكن أن يحرم باعتباره صوت آلة، أو صوت إنسان، أو صوت حيوان، وإنما يحرم إذا استعين به على محرم، أو اتخذ وسيلة إلى محرم، أو ألهى عن واجب".