جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

عودة يونس

فيلم العارف
فيلم العارف

تدور أحداث الفيلم حول يونس خبير التكنولوجيا واختراق الشبكات hacking، الذي تم تجنيده من قبل الجهات الأمنية بغرض القبض علي "راضي" المجرم المحترف الذي يحاول الحصول علي معلومات تخص مخازن الأسلحة لتسليمها لأحد الجماعات المتطرفة التي سوف تستخدمها في عمليات إرهابية مخطط لها مسبقا.

تبدو الأحداث كالتيمات المتكررة من حيث الاستعانة بخبير قد تقاعد أو اعتزل. فيتحمس للعمل في إحدى العمليات المهمة بناء على الأوامر، مثلما شاهدنا في أفلام جيمس بوند، في عودة "دانيال كريج" للعمل من أجل القبض على "هاكر". وهو لص إلكتروني استطاع اختراق جهاز الاستخبارات البريطانية، ومهمة مستحيلة للممثل ومنتج السلسلة توم كروز في الجزء الثالث. وكان إيثان هانت قد تقاعد من الخدمة لكن السلطات تستدعيه وتسند إليه مهمة جديدة وجديرة بالعودة للعمل من أجل القبض علي مجرم يتاجر في الأسلحة والمعلومات. وكما في فيلم "عيش الغراب" كذلك، حيث لعب نور الشريف دور ضابط الحراسة المسؤل عن تأمين الرئيس السادات وانعزل واصيب بالاكتئاب بعد فشله في تأمين الرئيس واغتياله، لكنه يعود مجددا للخدمة من خلال مهمة جاءته بالأمر بعد أن انفصل عن زوجته وابنته وأدمن على الخمر. وتيمة فيلم "عيش الغراب"، هي الاقرب لفيلم "العارف" حيث إن أحمد عز أو يونس- العنوان الجانبي للفيلم. فيونس كان السبب والمذنب في وقوع حادث قتل والديّ زوجته عن طريق تفجير منزلهما.

أحمد عز

ليس من الضروري أن أحد الأفلام تتشابه تيمته مع عشرات الأفلام المصرية والأجنبية أن يحمل الحبكة نفسها. ففي فيلم "العارف" استطاع سيناريو الكاتب محمد سيد بشير أن يقدم حبكة جيدة في التنقل بين أحداث الماضي والحاضر وربطهما بشكل سلس، بحيث لا يفقد المشاهد التتابع وتسلسل الأحداث التي طغت عليها المشاهد الخارجية في شوارع إيطاليا والتشيك وماليزيا وغيرها. وذلك في مشاهد أكشن مثيرة. كما اعتمد السيناريو علي التفاعل البصري للمشاهدين وليس الاعتماد على الحوار الذي يمكن أن يُسمع بدون النظر إلي الشاشة وإلا فقد المتعة البصرية في التنقل بين شاشات الكمبيوتر ومراقبة وجوه العاملين علي اختراق الأجهزة التي تتبعهم في أنحاء الدول المذكورة.

يوجد اختيار جيد جدا لتناول موضوع الإرهاب والتطرف الديني وقضايا اغتيال الضباط والبحث عن الأسلحة والصواريخ التي خلفها النظام الليبي والتخطيط لنقلها إلى مصر. وقد تم تكليف يونس بتعقب هؤلاء الدواعش من خلال عمليات سطو إلكتروني ليواجه راضي (أحمد فهمي) الذي فاجأنا بدوره الجاد الخالي من الإفيهات أو محاولات الإضحاك. لعب دورا جادا يحسب له خارج نطاق الكوميديا، وقد لعب أحمد عز دوره كأحمد عز المعروف في أفلامه السابقة، الشاب الجان الذي يملك جميع مقومات الجاذبية ويستطيع أن يدخل في عراك بالأيدي والأسلحة، بينما لا تفارقه الابتسامة والتعليق المرح على الفتاة "كارمن بصيبص" التي اكتشف أنها عميلة لتحقيق نفس هدف المهمة وتعمل لحسابها.

العارف - عودة يونس

في الحقيقة، لا توجد أي مساحات للكوميديا الفجة والتعليقات غير اللائقة التي تحتمل معاني وإيحاءات جنسية يطلقها "مصطفي خاطر" في فيلم جاسوسية وأكشن جاد كهذا لا يحتمل عبارات ذات إيحاءات يعرفها الجمهور بمختلف أعماره. ومن الواضح أن هذه سقطة تم فيها إسناد دور لكوميديان موهوب دون أن ينتبه الممثل هذا إلى جدية الدور أو على الأقل التعامل معه باهتمام من دون الانزلاق لأداء مبتذل لا يتلاءم مع طبيعة الدور. وهذا بطبيعة الحال لا يتعارض مع التوفيق في اختيار الممثلين الآخرين وتسكينهمفي أدوارهم، وعلى رأسهم محمود حميدة في دور رجل المخابرات المتزن.

وعموما، من الممكنأن يصبح فيلم "العارف"حلقة في سلسلة من هذا النوع من الأفلام لما يتميز به من مقومات فنية وتقنية تؤهله لذلك.