جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

السينما وكورونا.. رحلة التعافي من «العزل» حتى «انتعاشة» شباك التذاكر

السينما وكورونا
السينما وكورونا

تعيش السينما المصرية الفترة الحالية انتعاشة كبيرة، رغم من الأزمة التي عاشتها صناعة السينمائية في مصر مؤخراً بسبب انتشار فيروس كورونا، حيث أن هناك عدد كبير من الأعمال السينمائية طُرحت بدور العرض، وحققت إيرادات كبيرة.

الإيرادات الكبيرة التي حققتها الأعمال الفنية المختلفة، يراها نقاد سينمائيين أن الفضل فيها يرجع لـ"جرأة كبيرة" تحسب لصناع هذه الأعمال الذين غامروا بطرح أعمالهم في هذا التوقيت.

وقف دور العرض السينمائي واللجوء للمنصات 

أزمة السينما بدأت مع انتشار فيروس  كورونا، والغلق التام الذي حدث، وخلال هذه الفترة تضررت الصناعة بشدة، بسبب تعطل تصوير عدد كبير من الأفلام، بجانب تأجيل عرض أعمال أخرى، وكان البديل في ذلك التوقيت هو لجوء المنتجين لعرض الأعمال على المنصات بدلاً من دور العرض، وبالفعل عرض فيلم "صاحب المقام" و"أعز الولد" و"خط دم"، لكن هناك أعمال أخرى كان من الصعب عرضها على المنصات نظراً لميزانيتها الضخمة.

السينما 

مؤشرات عودة السينما في عام كورونا 

في 30 يوليو طرحت “دولار ونيو سنشري” فيلم “الغسالة”، بطولة أحمد حاتم، وهنا الزاهد، ومحمود حميدة، وحقق بعد 21 أسبوع عرض 15 مليون جنيه.

توأم روحي

وفي 19 أغسطس طرح “السبكي” فيلم "توأم روحي"، بطولة حسن الرداد، وأمينة خليل، وحقق 13 مليون جنيه.

زنزانة 7

وفي 16 سبتمبر قرر صناع فيلم "زنزانة 7" بطولة أحمد زاهر ونضال الشافعي، خوض المغامرة، وطرح الفيلم بالسينمات، وكانت المفاجأة بنجاح الفيلم وتحقيقه لإيرادات كبيرة بالرغم من عدم وجود نجم شباك، حيث وصلت إجمالي إيرادات الفيلم لـ10 مليون و600 ألف جنيه.

وبعد نجاح هذه الأفلام في “عام كورونا”، وتحقيقهم لهذه الإيرادات بنسبة إشغال السينمات الذي حددها مجلس الوزراء، كان بمثابة إنذار شديد اللهجة لصناع الأفلام من الجمهور بتعطشهم لعودة السينما. 

السينما 

بداية عودة السينما

مع بداية عام 2021 بدء صناع الأعمال السينمائية يبحثون مع شركات التوزيع مواعيد مناسبة لطرح أعمالهم، وكان العائق الوحيد أمامهم هو نسبة الإشغال التي لم تتخطى الـ 50%، وهي نسبة كانوا يروها لا تليق بأعمال كثيرة يتخطى ميزانيتها الـ80 مليون جنيه.

وقفة رجالة

انتظر صناع الأعمال السينمائية قرارت رئاسة الوزراء برفع هذه النسبة على الأقل لـ70%، لكن قبل رفع هذه النسبة، طرح المنتج أحمد الجنايني فيلم "وقفة رجالة" الذي يعد أول عمل سينمائي يقوم ببطولته 4 أبطال “جرندات”؛ وهم: بيومي فؤاد، وماجد الكدواني، وسيد رجب وشريف دسوقي، وحقق 25 مليون جنيه إيرادات.

تحقيق فيلم “وقفة رجالة” هذه الإيرادات في ظل نسب الإشغال القليلة، شجع المنتجين وقرر بعضهم طرح أعمالهم في موسم عيد الفطر السينمائي، خاصة مع بداية زيادة إشغال السينما إلى 70%. 

السينما 

انتعاشة السينما وعودة أعمال النجوم 

مع بداية موسم عيد الفطر السينما بدأت السينما في العودة لطبيعتها مرة أخرى، ورغم من أن المنافسة لم تكن بنفس قوة مواسم الأعياد المعتادة من قبل، إلا أن الأعمال الذي طُرحت كانت مؤشر قوي لهؤلاء النجوم بالعودة.

وتنافس في موسم العيد، رامز جلال بفيلم "أحمد نوتردام"، وحقق 20 مليون جنيه إيرادات، متفوقاً على "ديدو" لكريم فهمي، الذي حقق 15 مليون جنيه، وتزيل السباق كل من "ماما حامل" لليلي علوي، وبيومي فؤاد، بـ3 مليون ونصف المليون جنيه، و"ثانية واحد" لدينا الشربيني، ومصطفي خاطر، الذي حقق 3 مليون جنيه فقط، لكن هذه الأعمال كانت بمثابة تمهيد لموسم الصيف. 

صيف سينمائي قوي ومنافسة شرسة بين النجوم 

لأول مرة منذ سنوات طويلة ينافس في موسم الصيف هذا العدد كبير من الأعمال التي تضم نجوم شباك.

البداية في موسم الصيف؛ كانت مع الفنان تامر حسني بفيلم “مش أنا”، والذي تخطت إيراداته 40 مليون جنيه، كما طرح المنتج وائل عبدالله فيلم "البعض لا يذهب للمأذون مرتين" لكريم عبدالعزيز، ووصلت إيراداته حتى الآن لـ38 مليون جنيه، وتصدر السباق أحمد عز بفيلم "العارف"، حيث اقتربت إيراداته من 50 مليون جنيه، وخلال أسبوعين عرض حق فيلم “الإنس والنمس” لمحمد هنيدي 30 مليون جنيه، أما فيلم "موسي" بطولة إياد نصار وكريم محمود عبدالعزيز، حقق في أول أسبوع 5 مليون و300 ألف جنيه. 

السينما 

الأعياد والمصايف تنعش دورالعرض في الإسكندرية

ويقول جمال السيد، أحد العاملين بدور السينما، إن عودة دور السينما للتشغيل مرة أخرى كانت بمثابة الانفراجة لنا بعد انقطاع دام طويلا للمرة الأولى.

ويعمل السيد داخل دور السينما على مساعدة رواد السينما في الوصول لمقاعدهم، وذلك منذ ما يقرب 7 سنوات.

ويضيف أن فترة كورونا أوقفت رزقهم، والذي يعتمد بشكل كبير على “البقشيش” الذي يحصله من الحضور، بجانب راتبهم الشهري.

بحث السيد عن عمل آخر في تلك الفترة ليعوض الخسارة التي لحقت به، وعمل في أحد محال البقالة، معلقا: "كان لازم نتصرف أومال كنا هنأكل عيالنا منين".

تسالي السينما من المقرمشات والفشار والحلوى، ركن أساسي داخل صالات السينما لتكون أول جانب لاستقبال المشاهدين الراغبين في وقت ممتع أمام شاشات السينما.

ولكن في تلك الفترة جراء انتشار فيروس كورونا، أغلقت ماكينات التشغيل وتوقفت حركة ذلك الجانب، إذ يقول خالد عبد الرحمن، أحد العاملين بالكافيتريا الخاصة بالسينما، إنه في تلك الفترة تم تسريحنا وأصبحنا بلا عمل ولا مصدر رزق.

ويشير عبد الرحمن إلى أن عودة قرار عمل السينمات أعاد فتح منازلنا مرة أخرى، خاصة بعد زيادة نسبة الإشغال إلى 50%، وزيادة أفيشات الأفلام السينمائية المعروضة، والتي أحدثت رواج مرة أخرى.

وبدوره، يقول سعيد أحمد، أحد العاملين بشباك التذاكر: “كان واحشنا زحمة السينما، في تلك الفترة تحديدا هناك إقبال زائد من المواطنين، وخاصة مع عودة فتح الشواطىء، واستقبال المصطافين من المحافظات المجاورة”.

ويضيف أحمد، أن هذه الأيام تعتبر من أكثر المواسم رواجا، وهناك حفلات مكتملة الأعداد مع عودة رحلات المصطافين للمدينة، وعرض الأفلام السينمائية الجديدة، وأيضا عقب انتهاء امتحانات الثانوية العامة.

السينما 

تسريب الأفلام على الإنترنت أثر بشكل كبيرعلى شعبية السينما

يقول مروان المحمدي، مدير سينما التحرير، بمحافظة الجيزة، إن إقبال المواطنين علي مشاهدة الأفلام داخل السينمات أصبح قليل جداً، منذ انتشار جائحة فيروس كورونا داخل مصر، وبعض الأهالي يخافون أن الذهاب إلى السنيمات، حيث كان الإقبال قبل انتشار كورونا كبير بشكل يومي، وخاصة أيام الإجازة، ويعتداد الأهالي على مشاهدة الأفلام في نهاية الأسبوع كنوع من الترفيه.

ويضيف المحمدي، أن المشكلة الرئيسة التي تواجه السينما المصرية هي تسريب الأفلام وعرضها على بعض مواقع الإنترنت بعد أن يتم عرضها في السينمات بأسبوع، مما يجعل الإقبال ضعيف بسبب وجود البديل وبتكلفة أقل، مع العلم أن السينما ما زالت محتفظة بسعر التذاكر.

ويشير إلى أن السينمات تنتعش في المواسم والأعياد وبعد امتحانات الجامعات والثانوية العامة وشم النسيم، لكن الإقبال أصبح ضعيف أيضاً خاصة بعد انتشار فيروس كورونا، وتضررت السينمات وجميع العاملين بداخلها بسبب إغلقها لعام كامل، وعند إعادة فتحها أصبح الإقبال ضعيف على غير العادي.

ومن جانبه، يوضح محمد خالد أحد العاملين داخل كافيتريا السينما، أن عمله تعطل كثيراً بسبب قله إقبال المواطنين، وأصبحت بضاعته تالفة، وعند فتح السينمات الإقبال محدود.

ويضيف خالد، أنه في ظل هذه الظروف يحاول البحث عن عمل بجانب عمله في السينما، مشيرا إلى أنه قبل كورونا كان اعتماده الأساسي على شغل الكافتيريا.

ويقول: “الوضع اختلف الآن وبحثت عن عمل آخر، لكسب قوت يومي والحصول على مصاريفي اليوميه”.

تعطش الجمهور

يقول الناقد طارق الشناوي، إنه “المؤكد أن هناك عوامل كثيرة تلعب دور هام في الانتعاشة الحالية، ومن أهمها تعطش الجمهور للسينما، وجرأتهم في الذهاب لمشاهدة الأفلام، بخلاف الفترة الماضية، الذي كانوا يتخوفون فيها من الإصابة بفيروس كورونا”.

السينما 

مستوى الأفلام

ويضيف الشناوي أن مستوى الأفلام التي يتم طرحها حالياً تحتوي علي قدر كبير من الجذب مثل "العارف" و"الإنس والنمس"، وهذه الأعمال مؤجلة من فترات طويلة، ويتم عرضها حاليا في دور العرض، ولا يزال هناك أعمال تستعد دور العرض لاستقبال نجوم آخرين.

وعن عدم وجود أفلام لنجوم صف ثاني أو الأفلام ذات الميزانية الصغيرة، يوضح الشناوي أن ذلك بسبب انشغال دور العرض السينمائي باستقبال أفلام النجوم، لكن أتوقع عودة هذه النوعية من الأفلام الفترة المقبلة.

ويتابع: أن هذه الأفلام تحمل ميزة ليست في الأفلام الكبيرة،  تكمن في إمكانية طرحها في عدد شاشات لا تتخطى الـ20 شاشة، بخلاف الأفلام الكبيرة التي تطرح على الأقل في 70 دار عرض، وهو شئ “صحي” ومفيد للصناعة. 

ويشير الشناوي إلى أن "هناك دور عرض كثيرة تم افتتاحها في الفترة الأخيرة، بجانب تجديد دور عرض أخرى كانت متواجدة بالفعل، والحقيقة أرى أن هذا الأمر أقل من الطبيعي، لأن مصر تعدادها تخطى الـ100 مليون نسمة، بالتالي المفترض أن تكون عدد دور العرض لدينا 10 آلاف، لكن فعليا لا يوجد لدينا إلا 500 دار عرض فقط تقريباً، وهو عدد قليل جداً وأغلبهم في القاهرة الكبرى وليس الأقاليم، وبالتالي الهدف وجود شاشات أكبر وأكثر". 

السينما 

السينما باب رزق للباعة الجائلين

بجوار باب السينما يقف حسن علي، متجولا أمامها وحاملا عصا به “غزل البنات”، إذ يقول: “أنا بحب اشتغل، والفكرة أبويا اللي قالي عليها، وبفضل أمشي بجانب السينما علشان أجذب الزبائن وهما داخلين، وبكسب منها، وبقدر أساعد أسرتي في البيت، وكنت مستني السينما تفتح علشان أرجع اشتغل تاني”.

وعلى بعد أمتار قليلة وأمام شباك تذاكر سينما “المصرية بلازا” بمدينة الزقازيق، وقف أحمد خلف، يعمل بائع فشار، ينادي بصوت منخفض على رواد السينما للشراء منه.

ويقول: “بعتمد دائما أن أنزل قدام السينما بعد ما أعرف إن فيه أفلام جديدة نزلت، لأن مش كل الناس بتشتري فشار من جوه السينما، في ناس معينة يحبوا ياخدوا مني وده رزقي وبفضل طول الموسم متجولا للحصول علي رزقي من الفشار”.

سينمات وسط البلد تحتفظ بروادها الشباب

يقول ياسر عز مدير سينما "أوديون"، إن دور العرض بمنطقة وسط البلد، شهدت إقبالا كثيفا من جانب المواطنين، والفئة الأغلب من المُقلبين على السينمات هم الشباب والأسر.

ويضيف أن السينما المصرية ما زالت تحتفظ برونقها ومعجبيها حتي الآن، منوها إلى أن فيلمي محمد هنيدي وكريم عبدالعزيز، أجبروا الجمهور على النزول لمشاهدة، وخاصة أن الفنانين يتمتعان بجماهيرية كبيرة من شأنها زيادة الإقبال.

ويوضح عز أن الإقبال متوسط في توقيت حفلة الظهر والعصر نتيجة ارتفاع درجة الحرارة، وتزداد خلال حفلة الساعة 6 مساء.

ويشير إلى أنه ما زالت أسعار التذاكر حتى الآن كما هي، وتصلح لجميع الفئات، بالإضافة لذلك وجود أفلام لفنانين محبوبين بدرجة كبيرة مثل رامز جلال والفنان تامر حسني وأبطال مسرح مصر.

السينما 

إقبال متوسط على سينمات الأقاليم

على مدار الأيام الماضية، استمر توافد العشرات من عشاق السينما على دور العرض في سينما الأقاليم، وخاصة “المصرية بلازا” بمدينة الزقازيق، فشهدت إقبالا متوسطا خلال هذه الفترة من الأسر والشباب، بعد ما كان الإقبال ضعيف في بداية فتح السينمات.

ويقول إسماعيل السيد، مدير سينما “المصرية بلازا”، إن الإقبال متوسط على السينما، لكنه زاد نسبيا خلال الأيام الماضية، وخاصة بعد انتهاء الامتحانات والدراسة، مشيرا إلى أن الإقبال كان كثيفا في العيد.

وتشهد قاعات السينمات في الأقاليم إقبال أضعف عن المناطق الساحلية والقاهرة، وخاصة في ظل انتشار وباء كورونا.

السينما 

السينما الصيفي لها جمهورها خاص

كانت للسينمات الصيفية منذ منتصف القرن الماضي وحتى مطلع القرن الحالي شعبية كبيرة، لكن في السنوات الأخيرة تراجعت جماهيريا، وبدأت تغلق أبوابها واحدة تلو الأخرى، حتى تحولت السينما الصيفية بشبرا إلى مكان مهجور، بعد أن توقفت على العمل نهائيا ما يزيد عن عامين، وأصبح الجمهور يفضل القاعات السينمائية المغطاه والمكيفة.

ورغم ذلك لا تزال السينمات الصيفية متواجدة بل ولها جمهورها الخاص الذي يفضلها عن غيرها، ومن أشهر السينمات الصيفية “سينما رادوبيس” بالهرم، والتي تأثرت بظروف الغلق الذي فرضه فيروس كورونا على دور العرض.

ويتميز هذا النوع من السينمات بسعر تذاكر مخفضة، والتي تكون بنصف سعر التذاكر في السينمات الشتوية أو أقل أحيانا، كما تتميز بالأجواء المختلفة والاستمتاع بمشاهدة الأفلام.