جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

حبيبة طارق

تصاعدت واقعة الطالبة حبيبة طارق، الطالبة فى السنة الثانية بجامعة طنطا، لتأخذ أبعادًا مفزعة، تتطلب تدخل وزير التعليم العالى د. خالد عبدالغفار من أجل التصدى لجماعات التطرف والتشدد، وممارساتها المرفوضة على الطالبات من خلال القائمين على العملية التعليمية.

إنها واقعة فى حاجة إلى تدخل من جانب وزير التعليم العالى بنفسه، خاصة أنه تم إعلان رسوب «حبيبة» فى مادتين بعد أن تم تهديدها بذلك، إن المشكلة الآن التى كشفتها واقعة التحرش بحبيبة تعكس تسلط جماعات ظلامية على الطلبة لفرض سلوك أو زى بعينه ما يعد كارثة جديدة تهدد مسار التنوير فى بلدنا، كما يعنى أنه قد تم تشكيل جماعات «الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر» التى تهدف إلى نشر التطرف، وتقوم بممارسة الإرهاب الفكرى على الطالبات الشابات والفتيات اللاتى يذهبن للدراسة فى الجامعة، وهو ما يتعارض ويتنافى مع كل ما نأمله من بناء دولة حديثة ومتقدمة ومستنيرة، ومع حقوق الإنسان والحريات الشخصية فى دولة ترفض التطرف وتتصدى للتحرش بكل أشكاله ولا تقبل أن تقوم مجموعة باضطهاد البنات والنساء وتحقير شأنهن.

إن قصة حبيبة طارق، ليست قصة فتاة مصرية ارتدت فستانًا محتشمًا لتؤدى به الامتحان فى جامعة طنطا ففوجئت بالتحرش بها وسبها وإرهابها وتهديدها من قِبل القائمين على العملية التعليمية بالجامعة، ثم إعلان رسوبها مؤخرًا، والذى- فى تقديرى- هو رسوب متعمد ضدها وليس حقيقيًا. 

وإنما هى قصة جيل بأسره، يريد أن يعيش حياة طبيعية فى بلد ثار ضد التطرف، ويسعى للتقدم والبناء بقيادة رئيس يحترم الحقوق والحريات، ويدعو لاحترام المرأة، ويدعمها ويدعو للحفاظ على الحقوق والحريات، ويشجع الشباب ويسعى لتوفير حياة كريمة للمصريين.. إنها قصة جيل يتم تهديده وسبه وتخويفه من قِبل جماعات ظلامية تريد فرض زى متشدد ليس مصريًا، وأقصد به «النقاب والخمار» لتعود المرأة المصرية إلى الوراء، وتنعزل وتختفى وراء هذا الزى، وتسلب حقوقها جميعها فى الحياة، تمامًا شيئًا فشيئًا.

إن النقاب لم يكن يومًا زيًا ترتديه المرأة والفتاة المصرية، ولم تعرفه مصر إلا منذ عقدين فقط مع ظهور تيار متطرف يريد تغيير وجه مصر، ومحاولات جماعة الإخوان تدمير المجتمع المصرى الذى يتميز بالوسطية وبالاعتدال بغية تنفيذ مخطط دولى يستهدف تقسيم الوطن ونشر الكراهية والتطرف والتشدد، وبث الفتنة بين المسلم والمسيحى وغيرها من محاولات تفتيت نسيج الوطن العريق.

إن أزمة حبيبة طارق، تدق ناقوس خطر فى المجتمع ببدء اختراق جماعات ظلامية لأروقة الجامعات الحكومية التابعة لوزارة التعليم العالى بهدف فرض التطرف والتشدد بين الطلبة والطالبات بوسائل عديدة، وهى جماعات تتحرك بحرية دون أن يوقفها أحد ومن الضرورى أن تتحرك الجهات المعنية فى الدولة للتصدى لها ووقفها والتحقيق فيها وتوقيع الجزاءات عليها وفقًا للقانون والدستور.

إن مشكلة حبيبة قد تصاعدت إلى حد أنها قررت مؤخرًا ترك جامعة طنطا بسبب وقائع متواصلة للتحرش بها وسبها من قِبل مراقبتين بعد أداء امتحانها.. لأنها ترتدى فستانًا محتشمًا، ومن قبل أحد المراقبين المتطرفين الذى سألها: أنت مسلمة ولّا مسيحية ؟ وذلك لأنها لا ترتدى النقاب.

إن ترك حبيبة طارق لجامعة طنطا وتقديم أوراقها فى جامعة خاصة بالإسكندرية وفقًا لقرارها بترك الكلية نتيجة استمرار اضطهادها ثم إعلان رسوبها فى مادتين.. ليس حلًا لقضية تهديد البنات والتحرش بهن من قِبل مجموعات المتطرفين فى الجامعة، فلقد تم تهديدها بالرسوب فى مادتين ما يعنى تنفيذ التهديد الذى تلقته، ومما يجعلنا نشك فى التصحيح ما يقتضى تشكيل لجنة مستنيرة من جامعة أخرى لإعادة تصحيح امتحانات حبيبة طارق.

وهذا يستدعى تدخل وزير التعليم العالى د. خالد عبدالغفار للتوصل إلى حل يحمى البنات فى الجامعات المصرية من المتطرفين ومن المتشددين، وتدخل د. خالد عبدالغفار بشكل رسمى لإعلان احترام الطالبات وحقهن فى تعليم آمن داخل أروقة الجامعات، وتوقيع الجزاءات على كل من يتحرش بالبنات أو الطالبات لتغيير ملامح الهوية المصرية، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية حقوق الطالبات.

لقد أصدر من قبل رئيسا جامعتى القاهرة وعين شمس قرارات بمنع النقاب بداخل الجامعة لأعضاء هيئة التدريس.. إلا أن رئيس جامعة طنطا رفض إصدار هذا القرار بمنع النقاب.. ما يدعونى للتساؤل حول سبب الموافقة على ارتداء النقاب داخل الجامعة، رغم أنه ليس زيًا مصريًا، وأنه يعكس التمسك بالتشدد والتطرف والعنف وهو فكر مخالف للدستور المصرى ومخالف لإرادة الشعب المصرى التى أعلنها فى ثورة يونيو ٢٠١٣ برفض الفكر الظلامى ورفض الظلاميين.