جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

دولة الحماية الاجتماعية.. كيف تدعم الحكومة المواطن بشكل شامل؟

دولة الحماية الاجتماعية
دولة الحماية الاجتماعية

 

مجهودات ضخمة بذلتها الدولة على مدار السنوات الماضية، أولًا لإعادة هيكلة الاقتصاد وإنقاذه والنهوض به إلى أعلى المراتب، وثانيًا للارتقاء بالخدمات الحكومية المرتبطة بشكل مباشر بالمواطنين، وثالثًا لإحداث نهضة حقيقية وفعالة فى معيشة المواطنين أنفسهم على جميع المستويات الصحية والتعليمية والخدمية والسكنية والترفيهية وغيرها.

وبدأ الشعب، خلال الفترة الحالية، يحصد ثمار العمل والمجهود الذى بذلته الدولة على مدار السنوات الماضية، بأن أصبح لدينا شكل مختلف للبنية التحتية من طرق وصرف صحى وخدمات أخرى مثل منظومة الدعم والتأمين الصحى وغيرها. «الدستور» تستعرض ما يمكن تسميته «كشف حساب الحكومة فى دعم المواطن»، من واقع الوثائق والتقارير الرسمية للوزارات، والتى تظهر بالتفصيل أوجه الخدمات والدعم المقدم والفئات المستهدفة منه، والأموال التى تم إنفاقها على تطوير جميع الأفرع الخدمية والبنية التحتية للبلاد وغيرها.

 

«التضامن».. 500% ارتفاعًا فى مخصصات «تكافل وكرامة» و«الضمان»

 

نجحت وزارة التضامن الاجتماعى فى إيصال الدعم النقدى إلى ٣.٨ مليون أسرة، تضم أكثر من ١٤ مليون مواطن، بجميع محافظات الجمهورية، وزادت مخصصات برامج الدعم بنسبة ٥٠٠٪، لتصل إلى ١٩ مليار جنيه حاليًا، مقابل ٣.٧ مليار جنيه فى بداية إطلاقها فى عام ٢٠١٥.

ويحصل ١.٣ مليون شخص، من كبار السن فوق ٦٥ سنة والأشخاص ذوى الإعاقة، على معاشات الدعم النقدى، فيما يبلغ عدد المستفيدين من الضمان الاجتماعى ٣٨٨ ألفًا و٦٠٠ شخص.

وقالت نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعى، إن الدولة خصصت دعمًا نقديًا للأسر الأولى بالرعاية وجعلته مشروطًا بممارسات تنموية تصب فى صالح بناء الأجيال القادمة، من بينها رعاية الأطفال صحيًا ومراعاة تطعيماتهم، وإلحاق من هم فى سن التعليم بالمدارس.

وأضافت أن موازنة الدعم النقدى فى العام المالى الحالى بلغت ١٩ مليار جنيه مقارنة بـ١٨.٥ مليار جنيه فى العام الماضى، مشيرة إلى أن «التضامن» تركز على الأطفال الأولى بالرعاية وتوفر تكافؤ فرصهم التعليمية، وذلك من خلال حزمة متكاملة من البرامج، من بينها برنامج الدعم النقدى المشروط، الذى أدى لخفض معدلات التسرب من المدارس.

وواصلت: «٤١٪ من مستفيدى برنامجى (تكافل) و(كرامة) هم أطفال تحت سن الـ١٨ سنة، وجميعهم ملتحقون بالمدارس فى المراحل المختلفة، و٣٧٪ من الطلاب الذين يحصلون على الدعم استطاعوا الوصول لأعلى مراحل التعليم المدرسى رغم ظروفهم الصعبة».

ونوهت إلى أن الرئيس السيسى وجّه باستكمال دعم طلاب «تكافل وكرامة» حتى التعليم الجامعى، ليشمل البرنامج الذين التحقوا بالجامعات أو المعاهد أو التعليم الفنى أيضًا، مع الموافقة على تخصيص تمويل لتكافؤ الفرص التعليمية للطلاب غير القادرين وغير الملتحقين ببرنامج «تكافل» بإجمالى ١٫٥ مليون طفل بمراحل التعليم المختلفة، على أن يشمل ذلك طلاب الأسر غير القادرة، والطلاب من ذوى الإعاقة، والملتحقين بالتعليم الفنى. 

«التخطيط».. دعم الغذاء والبوتاجاز والكهرباء يمنع ارتفاع مستوى الفقر إلى 40% 

تنفق الدولة مليارات الجنيهات سنويًا على الدعم وبرامج الحماية الاجتماعية، ما بين دعم سلعى ومعاشات استثنائية وتأمين صحى ومشروعات خدمات أساسية، موجهة للمناطق والفئات الأكثر احتياجًا، وهو ما انعكس على تراجع معدل الفقر فى البلاد لأول مرة منذ ٢٠ عامًا، رغم الضغوط الاقتصادية التى فرضتها جائحة فيروس كورونا ومن قبلها إجراءات الإصلاح الاقتصادى.

ووفق تقارير وزارة التخطيط، يعد ملف الدعم أحد الملفات الشائكة التى تعاملت معها الحكومات المتتالية بحذر شديد، نظرًا لكونها تمس قطاعًا عريضًا من المواطنين تتخطى أعدادهم ٦٠ مليون شخص وفقًا لأحدث الإحصاءات الرسمية، نظير حزمة تمويلية ضخمة تنفق سنويًا لتغطية مختلف بنود الدعم والمنح والمزايا النقدية، التى تضاعفت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة إلى حد دفع الدولة المصرية لأن تخطو أولى خطواتها نحو هيكلة الدعم وإعادة النظر لآلية توزيعه لضمان وصوله لمستحقيه.

ورغم مضى ما يقرب من ٧ سنوات على انطلاق خطة هيكلة الدعم التى بدأت أولى خطواتها بتحريك أسعار الوقود والكهرباء والغاز الطبيعى ومياه الشرب، سجلت مخصصات باب الدعم والمنح والمزايا ارتفاعات مطردة من ٢٣٣.٨ مليار جنيه عام ٢٠١٤- ٢٠١٥ لـ٣٢١.٣ مليار جنيه عام ٢٠٢١- ٢٠٢٢، بزيادة بلغت نسبتها ٣٧.٤٪ خلال ٧ سنوات.

وأشارت التقارير الرسمية إلى أن حجم الإنفاق العام للدولة على الدعم والمنح والمزايا سجل ٢.٢٦٧ تريليون جنيه خلال السنوات السبع الأخيرة من عام ٢٠١٤-٢٠١٥ وحتى عام ٢٠٢١- ٢٠٢٢، حيث بلغت المخصصات ٢٣٣.٨ تريليون جنيه فى موازنة عام ٢٠١٤- ٢٠١٥ ثم ٢٣١ مليار جنيه عام ٢٠١٥- ٢٠١٦، و٢١٠.٣ مليار جنيه عام ٢٠١٦-٢٠١٧، و٣٢٩.٤ مليار جنيه عام ٢٠١٧- ٢٠١٨، و٢٨٧.٥ مليار جنيه عام ٢٠١٨- ٢٠١٩، و٣٢٧.٧ مليار جنيه عام ٢٠١٩- ٢٠٢٠ و٣٢٦.٣ مليار جنيه عام ٢٠٢٠- ٢٠٢١، وصولًا لـ٣٢١.٣ مليار جنيه فى موازنة العام الحالى ٢٠٢١- ٢٠٢٢.

وتشكل مخصصات الدعم والمنح والمزايا ١٣.٢٪ من إجمالى الموازنة العامة للدولة للعام المالى الحالى ٢٠٢١- ٢٠٢٢، ويستحوذ دعم السلع التموينية على النصيب الأكبر من إنفاق الدولة على الدعم بنسبة تخطت ٥٠٪ بنحو ٨٧.٢ مليار جنيه مقابل ٨٤.٤ مليار جنيه فى موازنة العام المالى الماضى، بينما كانت مخصصات دعم السلع التموينية قد بلغت ٣٩.٣ مليار جنيه فى موازنة عام ٢٠١٤- ٢٠١٥، ليسجل بذلك ارتفاعًا بلغت نسبته ١٢١.٨٪.

وأشارت بيانات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء إلى أن الدعم المقدم من الدولة أسهم فى خفض معدلات الفقر بين المواطنين على مستوى الجمهورية بنسبة ١٠٪، موضحًا أنه لولا الدعم الموجه للغذاء والبوتاجاز والكهرباء لارتفعت معدلات الفقر إلى ٤٠٪ بدلًا من ٢٩.٧٪ خلال عام ٢٠٢٠، ما يعادل فارق ١٠٪ بسبب مخصصات الدعم.

وسجل متوسط إنفاق مصر على الدعم فى الشهر ٢٦.٧ مليار جنيه خلال العام المالى ٢٠٢١- ٢٠٢٢، منها ٧.٢ مليار جنيه على دعم السلع التموينية، و٤ مليارات جنيه على دعم المواد البترولية، و٥٠٠ مليون جنيه على دعم تنشيط الصادرات، و٣٣٠.٣ مليون جنيه على دعم الكهرباء، و٣٢٥ مليون جنيه على دعم إسكان محدودى الدخل، و٣٠٠ مليون جنيه على دعم التأمين الصحى والأدوية، و١٥٤.٢ مليون جنيه على دعم نقل الركاب، و٤٧.١ مليون جنيه دعم المزارعين، و١٦.٧ مليون جنيه على تنمية الصعيد.

«القوى العاملة».. 7 مليارات جنيه لمتضررى «كورونا».. وتأمين مجانى للعمال

قدمت الدولة، ممثلة فى وزارة القوى العاملة، دعمًا غير مسبوق للعمالة غير المنتظمة فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، حيث جرى صرف ٦ مليارات و٢٦١ مليون جنيه، منها مليار و٤٠٠ مليون جنيه من حسابات الرعاية الاجتماعية والصحية لهذه الفئة، و٤ مليارات و٨٦١ مليون جنيه من موازنة الوزارة، تنفيذًا لتوجيهات الرئيس بمنح ٥٠٠ جنيه على ٦ دفعات للعمالة غير المنتظمة التى تضررت من فيروس كورونا.

كما وجهت الحكومة مخصصات مالية استثنائية لدعم القطاعات المتضررة من الجائحة، وفى مقدمتها قطاع السياحة والطيران، حيث بلغ إجمالى المبالغ التى تم صرفها خلال العامين الماضيين نحو مليار و٢٠ مليونًا و٥١٧ ألف جنيه لقطاع السياحة، والغزل والنسيج، وقطاعات أخرى.

وخصصت وزارة القوى العاملة نحو ٣٧ مليونًا و٤٤٤ ألفًا و٥٠٠ جنيه لاستخراج شهادات تأمين وشهادات أمان للعمالة غير المنتظمة، حيث جرى صرف ١٣ مليون جنيه لاستخراج ٢١٣ ألفًا و٤٢٢ بوليصة تأمين للعمالة غير المنتظمة، تغطى حالات العجز الجزئى والكلى والوفاة.

وقدمت أيضًا نحو ٢٤ مليونًا و٤٤٤ ألفًا و٥٠٠ جنيه، لاستخراج ٤٨ ألفًا و٨٨٩ شهادة أمان للعمالة غير المنتظمة، ودعمت الصيادين بنحو مليون و٣٢٠ ألف جنيه، حيث حصرت ٢٢ ألف صياد فى خمس محافظات، واستخراج ٢٢ ألف بوليصة تأمين لهم.

«الإسكان».. مليارات لتطوير العشوائيات وطرح «شقق» مخفضة

حاز ملف الإسكان على نصيب كبير من الدعم الحكومى، سواء على صعيد طرح عدد ضخم من وحدات الإسكان الاجتماعى بأسعار مدعمة لمنخفضى ومتوسطى الدخل أقل من مثيلاتها بـ٤٠٪، أو فى تطوير المناطق العشوائية وغير الآمنة على مستوى الجمهورية، وفق حزمة مليارية. وبلغت قيمة الإنفاق على برنامج الإسكان الاجتماعى منذ عام ٢٠١٨ وحتى الآن نحو ١٧٠ مليار جنيه، أما فيما يخص تطوير المناطق غير الآمنة فقد بلغ حجم الإنفاق ٣١ مليار جنيه، ونفذت الوزارة مليونًا و٢٠٠ ألف وحدة سكنية بتكلفة ٤٥٠ مليار جنيه، كما نفذت مليونًا و٢٠٠ ألف وحدة أخرى بتكلفة ٤٠٠ مليار جنيه من يونيو ٢٠١٨ حتى ٢٠٢٠.

كما وجهت الدولة أيضًا الدعم بقيمة ٢٧ مليار جنيه لرفع كفاءة ٢٩٠٠ كم من شبكات الطرق خلال الفترة ٢٠١٥- ٢٠٢٠، بالإضافة إلى٧٥٠ مشروع صرف صحى خلال الفترة من ٢٠١٤ حتى تاريخه، بقيمة ٦٣.٦ مليار جنيه، فيما يجرى تنفيذ ٢١٤ مشروع صرف صحى بقيمة ٢٤.١ مليار جنيه تنتهى عام ٢٠٢٢.

«التموين».. 64 مليون يستفيدون من 87.2 مليار جنيه موجهة للسلع التموينية

تعد وزارة التموين والتجارة الداخلية اللاعب الرئيسى فى منظومة الدعم، من خلال الهيئة العامة للسلع التموينية والقابضة للصناعات الغذائية، ويبلغ عدد المستفيدين من دعم السلع التموينية ٦٤ مليون مواطن. وخلال العام المالى الحالى ٢٠٢١- ٢٠٢٢، ارتفعت مخصصات دعم السلع التموينية لتصل إلى ٨٧.٢ مليار جنيه، مقابل ٨٤.٤ مليار جنيه خلال العام المالى الماضى.

وسجل الدعم الموجه للخبز البلدى ارتفاعًا ليصل إلى رقم ٥٠.٦ مليار جنيه خلال العام المالى الحالى، مقابل نحو ٤٨ مليار جنيه خلال العام المالى ٢٠٢٠- ٢٠٢١، مع وصول عدد المستفيدين من دعم الخبز إلى ٧٢ مليون مواطن.

ويبلغ سعر بيع رغيف الخبز المدعوم ٥ قروش فقط، فى حين تبلغ تكلفته نحو ٦٢ قرشًا، بسبب ارتفاع سعر القمح المستورد إلى ٣٢٠ دولارًا للطن.