جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

بين التنمية البشرية والتنمية الإنتاجية

ينهض المجتمع ويتقدم بجناحى التنمية الإنتاجية المستدامة وتنمية الموارد البشرية.
وإذا كان جناح التنمية الإنتاجية يشمل مجالات الإنتاج فى الصناعة والزراعة والتجارة مع توفير البنية التحتية فى الطرق والنقل والمواصلات والاتصالات الملائمة والمواكبة والمتوازية مع الطفرة الإنتاجية بجانب النهوض بمجالات السياحة بأشكالها المتعددة (السياحة الثقافية، والعلاجية، والترفيهية، وسياحة المؤتمرات) فالجناح الثانى المكمل له هو تنمية الموارد البشرية عبر الاهتمام وتطوير وتنمية الخدمات الصحية والتعليمية والثقافية وتنمية المهارات والمواهب الفنية والرياضية والتدريب والتأهيل المستمر للأعمال والوظائف والمهن فى سوق العمل.


تنهض المجتمعات وتتقدم عبر التشارك بين الحكومة ومؤسسات الدولة من جهة، ومنظمات المجتمع المدنى بكل أشكالها (تنموية وحقوقية وثقافية وتوعوية وسياسية من أحزاب وجمعيات أهلية ومراكز ونقابات) من جهة أخرى. ويهمنى الإشارة إلى أن المجالس الشعبية المحلية المنتخبة تلعب دورًا هامًا فى التنمية الإنتاجية والبشرية، حيث إنها تقوم بدور المتابعة والرقابة على المجالس الحكومية المحلية التنفيذية بل وتشارك فى وضع الخطط وجلب الموارد لتنفيذها على المستوى المحلى فى المحافظات والقرى والمدن والأحياء. لذا لا بد يا سادة من الاهتمام بمناقشة قانون المحليات وعمل جلسات استماع مجتمعية لإصداره من مجلس النواب فى أقرب وقت ممكن وإجراء انتخابات المحليات لنستكمل النهوض بالمجتمع ونقضى على الفساد المستشرى فى المحليات.
 

ولكى يشارك كل أبناء المجتمع فى مجالات التنمية لا بد من نشر التوعية بأهمية مايعرف بـ "ثقافة العمل التطوعى".
"أصبح العمل الاجتماعى التطوعى اليوم من أهم السبل فى النهوض بالمجتمعات فالحكومات فى الدول سواء المتقدمة أو النامية لم تعد قادرة على تلبية احتياجات أفرادها والمجتمع ككل مما فرض أشكالا جديدة تساهم فى دعم الحكومة لاستكمال ما تقوم به لتلبية الاحتياجات الاجتماعية لأفراد مجتمعها، لذا لم يعد العمل التطوعى مقتصرًا على مجال مساعدة الفقراء والمساكين، وإنما يقوم بدور أساسى فى تنمية هذه المجتمعات والارتقاء بها، وأصبح العمل التطوعى ضرورة من ضرورات الحياة لما له من رسالة اجتماعية هدفها المشاركة فى البناء والتنمية" هذا ما جاء فيما كتبه الدكتور أحمد الشناوى بمجلة كلية التربية بجامعة الأزهر العدد (165 الجزء الرابع) أكتوبر 2015.
ومن الجدير بالذكر أن جميع الأديان تحض على العمل الخيرى والتعاون والتكاتف فى أوقات الشدة من كوارث طبيعية كالحرائق والزلازل والأوبئة.
ثقافة التطوع هى منظومة القيم والمبادىء والأخلاقيات والمعايير والرموز والممارسات التى تحض على المبادرة بعمل الخير الذى يتعدى نفعه إلى الغير إما بدرء مفسدة أو بجلب منفعة تطوعًا من غير إلزام ودون إكراه وهو عكس الواجب أو الإلزام ولذلك هناك فرق بين العمل التطوعى والعمل غير التطوعى، وأيضا هناك فرق بين "القطاع الخيرى غير الهادف للربح"، "والقطاع الحكومى وقطاع الأعمال الربحى". كما أن هناك فرقًا بين المنظمات الحكومية والمنظمات غير الربحية أو الأهلية. يقول الأستاذ الدكتور والخبير التعليمى والتربوى حامد عمار "تعد الجامعة إحدى أهم المؤسسات التى تسهم فى تكوين المجتمع وبلورة ملامحه فى الحاضر والمستقبل، ووظيفتها لم تعد قاصرة على التعليم أو التدريس فقط، بل أصبحت تمثل فى الوقت الراهن فى ثلاث وظائف مهمة هى التدريس والبحث العلمى وخدمة المجتمع" 
وعلى الرغم من أننا فى أشد الحاجة للعمل التطوعى والخيرى (نظرًا للأزمات الاقتصادية التى نتعرض لها فى الفترة الأخيرة نتيجة محنة تفشى فيروس كورونا) فإن هناك تحديات كثيرة تواجه العمل الأهلى فى بلداننا العربية ومنها مصر ومن هذه التحديات اختلال تحديد الأولويات مع جمود الخطاب التوعوى لنشر ثقافة التطوع وعدد من القوانين التى تقف حائلة ومقيدة لتأسيس وعمل الجمعيات الأهلية، كما أن الإعلام والذى عليه دور كبير فى نشر ثقافة التطوع بأشكاله المتنوعة يقتصر فقط على التوعية بالعمل الخيرى.
لقد اتسعت مجالات العمل التطوعى واشتملت على العمل الخيرى والعمل الخدمى والعمل التنموى والعمل الثقافى والتوعوى، وأصبح للعمل التطوعى دور كبير فى تنمية المجتمع والنهوض به وتقدمه.
وعلى الدولة بكل مؤسساتها الاهتمام بنشر ثقافة العمل التطوعى فى رياض الأطفال والمدارس والجامعات، وقصور وبيوت الهيئة العامة لقصور الثقافة، ومراكز الشباب، والمؤسسات الدينية المسيحية والإسلامية، وكل الوسائل الإعلامية المسموعة والمرئية والمقروءة.