جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

"أزمة بيجاسوس".. التفاصيل الكاملة لتورط إسرائيل في أكبر قضية تجسس عالمي

تجسس إلكتروني
تجسس إلكتروني

التكنولوجيا العليا "الهايتك" هي أكثر ما تفخر به إسرائيل، والقاطرة التي تقود اقتصادها، لكن خلال الأيام الأخيرة كان الجانب المظلم للتكنولوجيا الإسرائيلية هو حديث العالم، وما كان للفخر أصبح للانتقاد، بعد أن تصدر برنامج التجسس الإسرائيلي " بيجاسوس" الذي تملكه شركة NSO االعناوين الرئيسية في الصحف الدولية.

حيث نشرت عدة وسائل إعلام أجنبية لائحة حصلت عليها منظمة "فوربيدن ستوريز"، ومنظمة العفو الدولية تتضمن 50.000 رقم هاتف لأشخاص اختارهم زبائن هذه هذا البرنامج الإسرائيلي لمراقبتهم منذ سنة 2016.

برامج التجسس التي تساعد على ملاحقة الأشخاص واختراق هواتفهم،  إذا استخدمت لملاحقة الإرهابيين فإنه يعد جدير بالإعجاب، ولكن إذا استخدم في ملاحقة أشخاص ممن ليس لهم أي صلة بالإرهاب أو حتى بمخالفات جنائية، فإنها تطرح علامات استفهام، وتقع المسؤلية في حينه على إسرائيل.

أكبر قضية تجسس عالمي

تضم القائمة التي حاول زبائن البرنامج ملاقتها أرقام هواتف كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والرئيس العراقي برهم صالح، ورئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، ، ورئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني، ورئيس الحكومة اللبنانية السابق سعد الحريري، والعاهل المغربي الملك محمد السادس وغيرهم.

 كما تظهر في القائمة أرقام هواتف أكثر من 600 مسؤول حكومي وسياسي من 34 دولة في شتى أنحاء العالم. ومن بين هذه الدول أفغانستان، وأذربيجان، والبحرين، وبوتان، والصين، والكونغو، ومصر، والمجر، والهند، وإيران، وكازاخستان، والكويت، ومالي، والمكسيك، ونيبال، وقطر، ورواندا، والسعودية، وتوغو، وتركيا، والإمارات العربية المتحدة، وبريطانيا، والولايات المتحدة.

أكدت التقارير أنه لم يتضح بعد ما إذا كانت الهواتف الواردة في القائمة تم اختراقها بالفعل، وما إذا كان أصحاب هذه الأرقام تعرضوا بالفعل إلى التجسس، أم أنها كانت قائمة أهداف محتملة، في الوقت الذي نفى مؤسس شركة NSO أي صلة للشركة بهذه القائمة.

كيف يعمل برنامج "بيجاسوس"؟

يتيح برنامج "بيجاسوس" للتجسس اختراق الهواتف النقالة وسرقة معلومات منها والتجسس على صاحب الجهاز، يقوم البرنامج باختراق الهواتف الخلوية للأفراد من خلال إرسال رسائل نصية إليهم تحثهم على النقر على رابط مرفق بالرسائل، وفي حال القيام بالنقر على الرابط تصبح للشركة سيطرة كاملة على الهواتف بما في ذلك محتوياتها وتاريخها وتصبح لديها أيضاً قدرة على تشغيل الميكروفون والكاميرا فيها. توجد الشركة في هرتسيليا. 

وبحسب واشنطن بوست فإن الصفقات بين NSO  وعملاءها تتم أحياناً بواسطة شركة ثانوية للسايبر باسم "كيو سايبر" التي توجد في لوكسمبرغ.

ورطة إسرائيل

ألمح تقرير نشرته صحيفة "الجارديان" البريطانية إلى ضلوع الحكومة الإسرائيلية السابقة برئاسة بنيامين نتنياهو في القضية، وزعم التقرير إلى لقاء سري عُقد في العاصمة النمساوية ڤيينا وشارك فيه مسؤولون إسرائيليون وأفضى إلى بيع البرنامج للسعودية، كما ذكر التقرير زيارات قام بها نتنياهو إلى عدد من الدول، مثل المجر والهند، تمت بعدها المصادقة على بيع البرنامج إلى هذه الدول.

تُعتبر شركة NSO إحدى أشهر الشركات الإسرائيلية، وهي المسؤولة عن تطوير برنامج "بجاسوس" ، وبعد أن عرف العالم نشاط شركة NSO  وتعرضها للجدل والانتقاد، سمحت وزارة الدفاع الإسرائيلية لشركة أُخرى تدعى "كانديرو" بالعمل مع عدد دول، وكانت شركة "مايكروسوفت" اتهمت "كانديرو" الأسبوع الماضي بتطوير برنامج معلوماتي استخدمته عدة حكومات للتجسس على أكثر من 100 صحفي وسياسي ومعارض ومدافع عن حقوق الإنسان حول العالم، بحسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز.

وبعد فتح الملف، يستعد طاقم مشترك من وزارة الدفاع الإسرائيلية وجهاز الموساد وهيئة الأمن القومي في ديوان رئاسة الحكومة وجهات أُخرى في الفترة القريبة المقبلة بإجراء تحقيق لتقصّي وقائع قضية التجسس الأكبر في العالم.

انتقادات دولية ومطالب بوقف بيع البرنامج

يعتبر البرنامج سلاحاً، ولهذا فان كل صفقة بين الشركة وبين أي دولة تستوجب إذن وزارة الدفاع ووزارة الخارجية الإسرائيلية. فيما تقع المسؤولية على إسرائيل. 

فيما رد المحامي عن الشركة الذي يمثل مجموعة قائلاً:" نحن نوفر منتجاً"، الزبون يقدم دلائل على أن استخدام المنتج سيكون حسب القانون في دولته. من الواضح أنه أحياناً تتم إساءة الاستخدام"، والشركة تطور منتجات يتم بيعها فقط لجهات حكومية لها صلاحيات من أجل هدف حصري متمثل في التحقيقات ومنع الجريمة والإرهاب.

من جانبها، دعت منظمة "مراسلون بلا حدود" المدافعة عن حرية الصحافة في بيان صادر لها الحكومة الإسرائيلية إلى فرض حظر على تصدير برنامج التجسس "بيجاسوس"، وأضاف البيان أن البرامج مثل "بيجاسوس" تشير بوضوح إلى تورط دولة إسرائيل، وأكد أنه حتى لو لم يكن للسلطات الإسرائيلية سوى دور غير مباشر فلا يمكنها التهرّب من مسؤوليتها.

ودعا البيان رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت إلى فرض حظر فوري على كل صادرات تقنيات المراقبة حتى يتم وضع إطار تنظيمي وقائي.

تاريخ طويل من الاتهامات

الاتهامات التي تواجها الشركة ليست جديدة، ففي مايو 2019، أعلن تطبيق "واتس آب" الذي يملكه موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" أنه تقدم بشكوى ضد شركة NSO الإسرائيلية بعد أن تعرض لهجوم تعرض لهجوم من برنامج تجسس يتيح الوصول إلى مضمون المراسلات على الهواتف الذكية في مايو الماضي.

وقال مدير التطبيق ويل كاثكارت إنه بعد سلسلة من التحقيقات عرفت "واتس أب" إن من شنّ هذا الهجوم هو شركة "NSO" التي استهدفت 100 شخص من المدافعين عن حقوق الإنسان وصحافيين وناشطين آخرين في المجتمع المدني في العالم، وأشار إلى أن هذه الشركة تمكنت من استغلال ثغرة في التطبيق لإدخال برنامج معلوماتي إلى الهواتف الذكية بمجرد الاتصال بمستخدمي التطبيق.