جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

السيسى.. وعودة عصر الازدهار

كم من سنوات وسنوات مرت علينا ونحن نتوجع ونشكو من انحسار النهضة عن وطننا، وكنا دائمًا ما نقارن أنفسنا بدول الغرب، وتخرج من قلوبنا تنهيدة طويلة تنم عن الحسرة والألم بسبب عدم قدرتنا على مجاراتها، وعجزنا عن الدخول فى سباق معها، وكان أكثر ما يحرك تلك الثورة المتأججة فى صدورنا ويدفعنا إلى التمرد ولو فى صمت هو أن تلك الدول كانت قديمًا تستقى ثقافتها من خلالنا، فنحن دولة الحضارة والمدنية والثقافة منذ قديم الأزل، لذا كنا نردد عبارة: «ما الذى حدث لنا، وكيف آل بنا الحال إلى هذا التدهور والكساد».

وكنا نتحسر على أيام «محمد على» بسبب النهضة العريقة التى غمر بها البلاد من خلال تحديث مصر ورسم شخصية مُتميزة لها عن الأقطار المُغايرة، حيث إن مصر كانت فى عهده واحدة من أكثر الأقطار تقدمًا فى المنطقة، لدرجة أن هذا الأمر ذاع صيته لدى الدول الأوروبية وفى شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام، وكانت تلك النهضة فى شتى الميادين والمجالات. وبعد كل هذا التطور والازدهار والرخاء، تحولت مصر إلى دولة نامية ومتأخرة على كل الأصعدة، مما تسبب فى حدوث كساد نفسى لدى الشعب، وكاد أن يفتك بالأجيال اللاحقة.

ولكن يشاء القدر أن يُعيد التاريخ نفسه، فلقد أصبحنا الآن لا نرى سوى حركة مُتوسعة فى شتى الميادين فى الدولة تُؤكد أن عصر الرخاء والازدهار قد عاد وبقوة ملحوظة، فلقد تم وضع مصر على المسار الصحيح، وذلك بدءًا من الارتقاء بمستوى معيشة المواطنين، وتوفير الحياة الكريمة لهم، بما يحفظ ويصون كرامتهم، وذلك من خلال الارتقاء بالعنصر البشرى أولًا، لأنه النواة والأداة التى يبدأ معها النجاح والتنمية والذى به ستتحقق استراتيجية التنمية المستدامة، وذلك من خلال الاهتمام بالتنمية البشرية، فلقد أصبحت مشروعات الاهتمام بصحة المواطنين، وذلك من خلال فحصهم بصفة دورية، عن طريق توفير المراكز الطبية المتخصصة، والقوافل الطبية المتنقلة وتوفير سبل العلاج للمرضى، علاوة على الاهتمام بالتعليم ومحو الأمية، مُرورًا بالريف المصرى ومشروعاته المُتطورة لتطوير القرى فى إطار مبادرة «حياة كريمة»، والذى يهدف إلى تحديث كل جوانب الحياة، وذلك من خلال التركيز على الارتقاء بالمستوى الاجتماعى والصحى والتعليمى والاقتصادى والسكنى، وكل القطاعات الخدمية لتلك القرى.

ويُعد هذا المشروع من أضخم المشروعات التنموية فى تاريخ مصر الحديث، حيث إنه يأتى تحت مظلة تنفيذ «رؤية مصر ٢٠٣٠»، علاوة على مشروعات البناء والتعمير، ومشروع العاصمة الإدارية الجديدة التى تُؤكد أن مصر تسير بالتوازى مع كبرى الدول المتقدمة فى التطور التكنولوجى وعصر الحوكمة والرقمنة الإلكترونية، بالإضافة إلى مشروعات محطات الكهرباء العملاقة والمدن الصناعية المتخصصة، مثل مدينة دمياط للأثاث، وأكبر حقل غاز فى البحر المتوسط، وهدم مثلث ماسبيرو العشوائى وإعادة بنائه.

ولا ننسى أن نواة التنمية بدأت من مشروع قناة السويس الجديدة، الذى كان بمثابة تحدٍّ جديد لهذا الشعب العريق، حيث تم تنفيذ هذا المشروع المبهر فى فترة وجيزة للغاية، وأيضًا مشروع محطة الطاقة النووية بالضبعة، الذى كان نواة جديدة لتوليد الطاقة الكهربائية فى مصر من الشمس، وكذلك جميع الصناعات الصغيرة والمتوسطة، والتى تستهدف توفير فرص العمل المؤقتة والدائمة للشباب المصرى للقضاء على البطالة، ولا ننسى السياحة، فقد تم استكمال بناء المتحف المصرى الكبير، والذى يعرض تاريخ الإنسان المصرى فى كل المجالات وعلى كل العصور.

وأيضًا مشروعات الإسكان الاجتماعى من خلال إنشاء منظومة الإسكان الجديدة والتى تضم آلاف الوحدات السكنية التى تُوزع على الشباب، فلم تشهد مصر مثل تلك المنظومة من قبل، وذلك بخلاف مشروعات تطوير الطرق والكبارى، والجميل أن كل هذا يتم فى وقت واحد ووجيز، ومن خلال خطة مُنظمة، وأهم مشروع على الإطلاق هو القضاء على الفساد، والضرب بيد من حديد على الرءوس الفاسدة من خلال الجهات والأجهزة الرقابية، وأيضًا عن طريق سن التشريعات والقوانين التى تقوم على حماية المواطنين والمال العام.

والأجمل من كل ذلك أن كل تلك المشروعات تمت بعد أن كانت مصر تسير فى طريق مظلم لا نهاية له، مما يدل على أن إرادة الشعب المصرى ستظل سرًا لا يستطيع أحد أن يفك شفرته، وأن هناك قيادة سياسية حكيمة من رئيس مخلص يعشق وطنه، ولا يترك فى جهده جهدًا لكى يصل بها إلى بر الأمان، ويجعلها فى مصاف كبرى الدول المتقدمة، إن لم تكن على رأسها على الإطلاق، فحقًا لقد أعاد إلينا الرئيس السيسى عصر التنمية والازدهار، والأمل الذى كنا قد فقدناه منذ مئات السنين.