جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

مخاطر التلوث البيئى.. ناقوس يرن

الملفت للنظر في جداول التلوث البيئي أن الأكثر تلوثًا، هو الدول الأكثر ثراء، وكأن "الفقر حشمة" كما نقول في الأمثال، وبالتالي تسهم هذه الدول في نثر التلوث بالدول المجاورة، وكأن الثروة تشكل خطورة علي أصحابها ثم جيرانها، ولذلك أقول "إننا كنا نسمع هذا التعبير في طفولتنا يقولونه في الأمثال "الفقر حشمة".
ومن التلوث البيئي، تصدر انبعاثات سامة لاسيما في مناطق التنقيب بالمناجم بحثًا عن معادن ثمينة أو غازات طبيعية، وهناك أكثر من ستمائة موقع ملوث في العالم، كما توجد مؤسسات وهيئات تبذل الجهد الكبير لمحاولة الحد من أسباب هذا التلوث مثل:
- منظمة الصليب الأخضر السويسرية، هي منظمة بيئية غير حكومية، تم إنشاؤها في جنيف بسويسرا عام 1993، وذلك استنادًا على أعمال قمة الأرض التي انعقدت في ريو دي جانيرو بالبرازيل عام 1992، تعمل المنظمة على دراسة مشكلات البيئة وتقديم دراسات عن الحلول الممكنة، وقد نجحت في أن تضم إلى عضويتها ثلاثين منظمة دولية أخرى ذات صلة بتلك القضايا، كما حصلت على صفة استشاري لدى الأمم المتحدة ومجلس أوروبا.
وتقوم منظمة الصليب الأخضر السويسرية مع معهد بلاكسميث بتقديم تقاريرهما على موقع الإنترنت بعنوان "المواقع الأكثر تلوثًا في العالم" ومنها مؤسسات التنقيب عن الذهب والمعالجات الإشعاعية للمخلفات والتنقيب عن اليورانيوم وإعادة تدوير البطاريات التي تحتوي على الأحماض المستخدمة بشكل كبير والتي توجد بكثرة في الدول الفقيرة خاصة في آسيا وإفريقيا وهي بعض من أكثر من عشرة مصادر أخرى للتلوث البيئي ويمكن الرجوع إليها من موقع صفحة الإنسان في العالم.
ونشير هنا إلى أن معهد بلاكسميث يتبع هيئة بيور إيرث Pure Earth وهي هيئة دولية غير ربحية مقرها مدينة نيويورك تأسست عام 1999 وتعمل على تحديد مشاكل التلوث والعمل على حلها وإزالتها أو تنظيفها في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، حيث يكون للتركيزات العالية من التلوث السام آثار صحية مدمرة خاصة على الأطفال، وتعاني هذه المجتمعات بشكل غير متناسب من الأمراض المرتبطة بالتلوث، وتعتبر هذه المنظمة المهمة الوحيدة من نوعها التي تعمل على حل التلوث على نطاق عالمي، حيث يركز عملها على عنصرين ملوثين رئيسيين وهما الرصاص والزئبق. ونتيجة لمعدلات التلوث المرتفعة ملايين من البشر يصابون بالتسمم أو يلقون حتفهم سنويًا بسبب الملوثات المختلفة كالتلوث الصناعي والانبعاثات الغازية الضارة بالصحة.
كما تفيد التقارير الصادرة في هذا الشأن بأن تلوث الهواء الناتج عن الدخان المنبعث في عمليات الطهو الذي يحدث في الأغلب في إفريقيا هو أحد النماذج للمنتجات المصنعة أو المعالجة في الدول سريعة النمو السكاني مثل الصين والهند التي تستخدم أفرانًا داخل المنازل مما يصيب الأطفال بأمراض عديدة، وكذلك تلك الناتجة بسبب انتاج البطاريات وإعادة تدويرها مما يسبب تلوثًا سامًا.
اللافت في هذا الأمر، أن الزئبق الناتج عن التنقيب عن الذهب يمكن أن يسبب تسمم أسماك التونة التي يأكلها الكبار والصغار الذين يصابون بالتسمم نتيجة مادة الزئبق في الأسماك، لذا قام بعض الجهات المعنية بصحة الإنسان، خاصة الأطفال، مثل معهد بلاكسميث ومنظمة الصليب الأخضر السويسرية بإطلاق صندوق للصحة والحماية من التلوث بالتعاون مع الولايات المتحدة وألمانيا والصين وروسيا وبعض الدول الأخرى.
ومن المتوقع تخصيص مبلغ أربعمائة مليون دولار لتطهير المواقع السامة في الدول النامية بهدف النظافة، لا سيما في دول شبه الجزيرة العربية حيث تشير البيانات إلي دول تأتي في المرتبة الأولي من حيث الاستهلاك المرتفع لمواد الغذاء، وفي المقدمة قطر في استهلاك المواد الغذائية، ويلي قطر الكويت، ثم المملكة العربية السعودية، ثم الولايات المتحدة الامريكية، ثم ألمانيا، يليها الصين فإسبانيا، حيث يصل الاستهلاك في أعلاه إلي معدلات استهلاكية مرتفعة جدًا، وإن كان الترتيب يبدأ بقطر وينتهي بإسبانيا، فبينهما تأتي دول أخرى مثل الكويت ودولة الإمارات العربية.
كما تعتبر انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من المسببات الرئيسية للاحتباس الحراري الذي انخفضت نسبة انبعاثه داخل الاتحاد الأوروبي في العقدين الأخيرين بشكل ملحوظ، وتعتبر الأنشطة البشرية من المسببات الرئيسية للاحتباس الحراري، وللغرابة فإن أكثرها يقع في الجزيرة العربية بداية من قطر يليها الكويت، ثم دولة الإمارات العربية، ثم المملكة العربية السعودية نسبة إلي الكميات المرتفعة من الاستهلاك، بينما تحل الولايات الأمريكية المتحدة في المرتبة الخامسة نسبة إلي ارتفاع كميات الأطعمة المستهلكة ومما تحمد عقباه أن مصر تأتي في المجمل خارج جدول الدول الأكثر تلويثًا للبيئة.

  • الرئيس الشرفي للطائفة الإنجيلية بمصر