سفيرنا فى نيروبى: سدود إثيوبيا تهدد بجفاف بحيرة توركانا بكينيا
قال السفير المصرى فى كينيا، خالد الأبيض، إن رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسى أسهمت فى تعميق العلاقات بين مصر وكينيا، وهو ما انعكس على ميزان التبادل التجارى ووجود الشركات المصرية فى كينيا، موضحًا أنه فى عام ٢٠٢٠، ورغم جائحة «كورونا»، فقد بلغ ميزان التبادل التجارى بين البلدين نحو ٦٣٥ مليون دولار بنسبة زيادة وصلت لنحو ٥٫٣٪ مقارنة بعام ٢٠١٩، لتسجل الصادرات المصرية إلى كينيا زيادة بلغت نحو ٣٫٥٪.
وأضاف «الأبيض»، فى حواره مع «الدستور»، أن هناك مشاركة مستمرة للفرق المصرية فى الفعاليات الثقافية الكينية، بجانب التعاون على المستوى الصحى، خاصة فى ملف علاج مرضى فيروس الكبد الوبائى «سى»، لافتًا إلى أن هناك عددًا من البعثات الكينية التى سافرت إلى مصر للتدريب فى مجالات عديدة، منها الزراعة والكهرباء.
■ بداية.. ماذا عن العلاقات بين مصر وكينيا؟
- تعد كينيا إحدى الدول الكبيرة والمحورية فى القارة الإفريقية، وهى دولة من دول حوض النيل، وكذلك هى دولة جوار غير مباشر، وفى السياسة الخارجية تقسم الدول لدوائر حسب الأهمية والقرب الجغرافى، وكينيا من ضمن تلك الدول التى تدخل فى دائرة الأمن القومى المصرى للأسباب السابقة.
■ كيف تطورت العلاقات بين البلدين تاريخيًا؟
- فترة الرئيس جمال عبدالناصر تركت إرثًا كبيرًا فى العلاقات، والتى لم تبدأ فقط وقتما افتتحت مصر سفارتها على الأراضى الكينية عام ١٩٦٤، ولكن قبل هذا بكثير، حيث دعم الرئيس جمال عبدالناصر حركة «ماو ماو»، التى كانت تقود حرب الاستقلال، وكانت هناك محطة إذاعة من مصر باللغة السواحلية، وهناك الكثير من قادة حركات التحرر قدموا وعاشوا فى مصر، عندما كان وجودهم داخلها يشكل خطرًا على حياتهم.
واعتمدنا فترة على هذا الإرث، ولكن فى عام ٢٠١٤ بدأت روح جديدة طرأت على علاقة مصر بإفريقيا، وسببها رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسى للقارة وإيمانه بأن مصر توجهها الطبيعى نحو أشقائها فى الدول الإفريقية، ونظرته كانت، وما زالت، نظرة تكاملية على كل الأصعدة، كنا سابقًا نولى اهتمامًا بالتوجه شمالًا، الآن نولى الاهتمام بالتوجه جنوبًا، وهذا انعكس على سبيل المثال على ميزان التبادل التجارى ووجود الشركات المصرية فى كينيا، حتى إنه فى عام ٢٠٢٠، ورغم جائحة «كورونا»، فقد بلغ ميزان التبادل التجارى بين مصر وكينيا نحو ٦٣٥ مليون دولار، بنسبة زيادة وصلت لنحو ٥٫٣٪ مقارنة بعام ٢٠١٩، لتسجل الصادرات المصرية إلى كينيا زيادة بلغت نحو ٣٫٥٪، وهذا ما انعكس إيجابًا على اقتصاد الدولتين فى ظل توافر الإرادة السياسية للتعاون المشترك.
■ هل هناك معوقات تواجه تعزيز التعاون؟
- إذا وجدت الإرادة السياسية من كلا البلدين يتم تذليل المعوقات، وفى وقتنا هذا هناك إرادة سياسية، وبالتالى لا توجد معوقات، والتقارب على كل الأصعدة حتى الصعيد الثقافى، فقد زارت وزيرة الثقافة المصرية، الدكتورة إيناس عبدالدايم، نيروبى عام ٢٠١٩، وتم تكريم مصر كضيف شرف معرض الكتاب بنيروبى، وتعامل الجانب الكينى بحفاوة بالغة.
وهناك مشاركة مستمرة للفرق المصرية فى الفعاليات الثقافية الكينية، وكذلك على المستوى الصحى هناك الكثير من التعاون، خاصة فى ملف علاج مرضى فيروس الكبد الوبائى «سى»، وهناك كذلك التعاون القائم من خلال الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، وهناك عدد من البعثات الكينية الذى سافر إلى مصر للتدريب فى مجالات عديدة، منها الزراعة والكهرباء، بالتنسيق مع الوزارات الكينية المعنية بكل ملف.
وهناك أفق تعاون كبير ومستمر فى النمو، والعقبة الوحيدة كانت ظروف الجائحة التى أثرت على حركة الطيران.
■ فى هذا السياق.. هل توجد تسهيلات عبور مستقبلية بين البلدين؟
- لا توجد مشكلات كبيرة فى الحصول على التأشيرات بين البلدين بالنسبة للجانبين، الجانب الكينى كان يسمح له بالحصول على التأشيرة عند الوصول، ولكن بسبب ظروف الجائحة على حامل جواز السفر المصرى التقديم إلكترونيًا قبل الوصول، وكذلك بالنسبة لحامل جواز السفر الكينى، ولا توجد عراقيل حاليًا من قِبل كلا الجانبين.
وهناك اهتمام كبير من المصريين بالسياحة البيئية، وكذلك الجانب الكينى يهتم بالسياحة العلاجية والسياحة الدينية.
■ أين تتواجد الجالية المصرية هناك؟
- الجالية المصرية منتشرة بكثرة، والعاصمة نيروبى لها نصيب الأسد، لأن أغلب الشركات يوجد فى نيروبى، وكذلك هناك عدد كبير من المصريين يعمل فى المستشفى القبطى ومقره نيروبى كذلك.
■ هل يمكن أن تؤثر الانتخابات الرئاسية الكينية المقبلة على الجالية المصرية؟
- الانتخابات الرئاسية الأخيرة شهدت أعمال عنف، قبل أن تهدأ الأمور وتعود إلى نصابها المعتاد، وهذا لم يؤثر كثيرًا على الجالية المصرية ولا الجاليات الأخرى، والانتخابات المقبلة ستكون العام المقبل، وهناك تحالف يتم مع المعارضة ضمن اتفاق «المصالحة» المعروف بـ«Handshake»، الذى تم عقب الانتخابات الماضية بين الحزب الحاكم وحزب المعارضة الرئيسى فى مارس ٢٠١٨، وهذا التحالف الموسع من شأنه التقليل من فرص الاحتكاكات، وبالتالى سيقلل من مظاهر عدم الاستقرار وانعدام الأمان التى شهدتها البلاد من قبل.
ويصعب التنبؤ بما ستؤول إليه الأوضاع، وكل ما يمكن قوله إن المحاولات التى نراها على أرض الواقع هدفها منع الاحتكاكات، أو على أقل تقدير تقليل أعمال العنف التى تصاحب الانتخابات، والرئيس الكينى «أوهورو كينياتا» ناقش هذا فى أحد خطاباته الأخيرة، وأوضح أن كينيا وقت كل انتخابات تتوقف عجلاتها عن الدوران، وهذا ما لا يريده أن يحدث مجددًا لبلاده.
ودورنا فى السفارة هو دعم أى مصريين فى دولة الاعتماد، سواء بالنصيحة أو البيانات، سواء لتسهيل الحياة اليومية أو تسهيل أعمالهم، والسفارة والمكتب التجارى يدعمان بشدة وجود الشركات المصرية فى كينيا.
■ تداول بعض المواقع الإعلامية الكينية أخبارًا حول القبض على عدد من المصريين بكينيا.. ما حقيقة الأمر؟
- تناشد السفارة ووزارة الخارجية المواطنين المصريين الالتزام بالقوانين المحلية للبلاد التى يعيشون بها، وحالة القبض على بعض المصريين كانت بسبب عملهم فى كينيا دون تصريح عمل، حيث قدموا بتأشيرة سياحية ومكثوا بكينيا للعمل بعد انتهائها، وتأشيرة السياحة لا تمنح حق العمل، وبالتالى لم يكن أمام الجانب الكينى سوى إلقاء القبض عليهم، ومن جانب السفارة تدخلنا لحل الموقف، وقامت بدورها تجاه المواطنين المصريين، وتواصل القنصل معهم، وهناك محامون تتعامل السفارة معهم.
■ ماذا عن مشكلة الإرهاب فى كينيا؟
- كينيا تواجه مشكلة الإرهاب نتيجة الحدود مع الصومال والامتداد الكبير لتلك الحدود، ويوجد بعض عناصر حركة الشباب هناك، نتيجة المشاكل الأمنية فى الصومال، وهذا ينعكس على كينيا كل حين وآخر، والسلطات الكينية تبذل جهدًا كبيرًا لتقليل الوتيرة ونجحت مساعيها، وبالفعل قلت نسبة العمليات الإرهابية فى الأعوام السابقة بصورة ملحوظة.
■ هل يوجد تعاون بين البلدين فى هذا الملف؟
- الإرهاب يهدف للتأثير على الاستقرار فى البلاد التى تواجهه، وهناك نوع من الحوار بين البلدين كوننا بلدين من الدول الرئيسية المعنية بمكافحة الإرهاب، وهذا الملف من الملفات المهمة بين البلدين، الذى يشكل نقاط التقاء. هذا فى الوقت الذى تتولى فيه مصر حاليًا الرئاسة المشتركة مع الاتحاد الأوروبى لمجموعة عمل بناء القدرات لدول شرق إفريقيا، المنبثقة عن المنتدى العالمى لمكافحة الإرهاب «GCTF»، التى يتم فى إطارها تنظيم اجتماعات سنوية مع الدول المعنية، وعلى رأسها كينيا للتشاور والتباحث حول مختلف التطورات والتحديات ذات الصلة بظاهرة الإرهاب.
ماذا عن التعددية الدينية والقبلية فى كينيا؟
- كينيا دولة حافظت على هُويتها الإفريقية، ولا توجد محاولات لدحر الهوية الإفريقية فيها، وأرى أن من مزايا كينيا أنها دولة ذات تعددية قبلية ودينية، وهذا جزء من النسيج الاجتماعى الكينى.
■ ماذا عن دور الأزهر فى كينيا؟
- هناك وعاظ يتم إرسالهم من الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف كل عام إلى عدد من البلاد الإفريقية ومنها كينيا، وهذا العام هناك ٩ موفدين من الأزهر الشريف و٢ من وزارة الأوقاف، وأغلبهم فى منطقة الساحل الكينى، حيث الأغلبية المسلمة، ومنها مقاطعتا «لامو» و«مومباسا»، وهناك اثنان منهم فى مقاطعة كجيادو «جنوب البلاد» وقدموا بناء على طلب من الجمعيات الإسلامية والمساجد، ويعملون خطباء ومدرسى دين فى المساجد، ويستخدمون اللغة العربية، التى يتقبلها السكان المحليون، وفى بعض الأماكن يكون هناك مترجم للغة السواحلية.
■.. وما دور الكنيسة المصرية هناك؟
- الكنيسة المصرية موجودة فى كينيا منذ عام ١٩٧٦، وهناك مستشفى تابع للكنيسة يحمل اسم «المستشفى القبطى»، وله دور كبير كجزء من القوى الناعمة المصرية، وكذلك هناك ملجأ ومركز مجانى لمعالجة مرض الإيدز.
■ كيف يرى الجانب الكينى تأثير السدود التى تقيمها إثيوبيا على بحيرة توركانا الكينية؟
- بحيرة توركانا مصدر المياه الرئيسى لأهل المنطقة، وقد تأثرت كينيا من سلسلة سدود سيبلى التى أقامتها إثيوبيا على نهر أومو، وأثر ذلك بالسلب على المساحة والطبيعة البيئية لبحيرة توركانا؛ لأن نهر أومو هو المصدر الرئيسى لمياه البحيرة.