جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

جونسون يؤكد وجود أرضية مشتركة مع واشنطن وبروكسل بشأن إيرلندا الشمالية

جونسون
جونسون

أكد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون عقب عقده أول لقاء مباشر مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، اليوم الخميس، على وجود "أرضية مشتركة" بين لندن وواشنطن وبروكسل في ما يتعلّق بحماية السلام في إيرلندا الشمالية في ظل التوتر بعد بريكست.


وقال جونسون بعد الاجتماع المغلق إن جميع الأطراف وافقت على "ضمان المحافظة على توازن عملية السلام.. أنا متفائل بأنه بإمكاننا القيام بذلك".


وبعد عهد سلفه دونالد ترامب، أكد جونسون أن لقاءه مع بايدن الذي استمر 90 دقيقة جاء "كنفحة هواء "منعشة".


وقبيل بدء اللقاء، ابتسم الزعيمان أمام عدسات الكاميرات في كاربيس باي في كورنوال عشية انعقاد قمة قادة مجموعة السبع فيما هنّأ بايدن رئيس الوزراء البريطاني على زواجه حديثا.


ويعد اللقاء الذي يستهل بايدن به أول جولة خارجية يقوم بها كرئيس، فرصة للبلدين الحليفين تاريخيا للمساهمة في إعادة رسم شكل العالم ما بعد كوفيد في ما يتعلّق بمجالات أبرزها التغيّر المناخي والتكنولوجيا والتجارة.


واتفق الزعيمان على "ميثاق الاطلسي" بنسخة جديدة قائمة على ميثاق 1941 الذي وقعه رئيس الحكومة البريطاني الأسبق وينستون تشرشل والرئيس الأميركي الأسبق فرانكلين روزفلت، وحدد نظام العالم الجديد ما بعد الحرب العالمية الثانية.


كما اتفقا على تأسيس فريق عمل جديد للنظر في استئناف السفر بين بلديهما بعد نجاح عمليات التطعيم ضد كورونا.


وأفاد مكتب جونسون أنهما تعهّدا العمل على "توسيع التجارة والتقدّم باتّجاه التوصل إلى اتفاق مستقبلي للتجارة الحرة بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة".


وبينما سعى بايدن في وقت سابق للتأكيد على مدى قوة "العلاقة الخاصة" التي تجمع البلدين، فإنّ تقارير إعلامية ذكرت بأنه أمر الدبلوماسيين الأميركيين بتوبيخ جونسون على خلفية طريقة إدارته ملف بريكست وتداعيات ذلك على السلام في إيرلندا الشمالية.


وذكرت صحيفة "ذي تايمز" أن أرفع دبلوماسية أميركية في بريطانيا يائل ليمبرت، قالت لوزير بريكست ديفيد فروست إن الحكومة البريطانية "تؤجج التوتر في إيرلندا وأوروبا بمعارضتها لإجراءات التفتيش في موانئ في المقاطعة".


وشدد مستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان (وهو من أصل إيرلندي ولا يزال لديه أقارب في إيرلندا) على أن لدى بايدن اعتقادا "راسخا" بوجوب حماية اتفاق "الجمعة العظيمة" الموقع عام 1998 الذي طوى صفحة ثلاثة عقود من العنف المرتبط بالحكم البريطاني في إيرلندا الشمالية.


وفي تصريحات تعد جونسون بمزيد من الضغوط، أكد قادة الاتحاد الأوروبي بأنهم سيناقشون مسألة الخلاف عندما يلتقونه السبت، بينما رحّبت ايرلندا بالدعم الأميركي.


وفي مؤشر على أجواء القمة المرتقبة، حذّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بريطانيا الخميس بأن فكرة إعادة النظر في اتفاقيات بريكست "غير جدية".


وقال ماكرون قبيل التوجه للمشاركة في قمة مجموعة السبع في جنوب غرب انكلترا "لا أعتقد بأن إعادة النظر، في يوليو، بأمر استكملناه في ديسمبر بعد سنوات من العمل، أمر جدي". 

وأضاف "أؤمن بقوة المعاهدات وبالجدية، لا شيء قابل لإعادة التفاوض، كل شيء قابل للتطبيق".


يتركّز الخلاف على الترتيبات التجارية الجديدة بالنسبة لإيرلندا الشمالية التي بدأ تطبيقها في يناير بعدما غادرت المملكة المتحدة السوق الأوروبية الموحدة والاتحاد الجمركي، بعد نحو أربع سنوات من استفتاء بريكست.


وبموجب هذه الترتيبات، تجري عمليات تفتيش على البضائع المتجهة إلى إيرلندا الشمالية والقادمة من البر البريطاني الرئيسي لمنع البضائع من الوصول إلى السوق الأوروبية الموحدة عبر إيرلندا المجاورة (العضو في الاتحاد الأوروبي).


لكن ذلك أثار استياء بين الوحدويين الذين يقولون إن القواعد الجديدة تدق إسفينا بينهم وبين بقية أراضي المملكة المتحدة، ما يزيد احتمالات إعادة توحيد المقاطعة مع إيرلندا.


وعلقت لندن إجراءات التفتيش في وقت سابق هذا العام بسبب تهديدات طالت موظفي الموانئ. 

كما نُسبت لهذا البروتوكول المسؤولية في أسوأ أعمال عنف تشهدها المقاطعة الخاضعة للإدارة البريطانية منذ سنوات.


وانهارت محادثات حل الخلاف الحدودي في لندن من دون اتفاق الأربعاء، وهدد الاتحاد الأوروبي المملكة المتحدة بإجراءات انتقامية إذا رفضت تطبيق الترتيبات التجارية لما بعد بريكست بما في ذلك الرسوم الجمركية.


ولم يعلّق الناطق باسم جونسون في تصريحات للصحافيين على التحذير الأميركي، مكتفيا بالقول إن "حماية اتفاق الجمعة العظيمة في بلفاست تصب في مصلحة الجميع وهذا ما ركزنا عليه وما كان أولويتنا خلال محادثاتنا مع الاتحاد الأوروبي".


ووصل بايدن إلى انكلترا ليل الأربعاء معلنا أن "الولايات المتحدة عادت"، وداعيا إلى تعاون دولي لإعادة البناء بعد كوفيد، وإعادة اطلاق العلاقات الدبلوماسية بعد عهد سلفه دونالد ترامب.


وأكد البيت الأبيض بأنه سيعلن أن الولايات المتحدة ستتبرّع في خطوة "تاريخية" بنصف مليار جرعة من اللقاحات المضادة لكوفيد لـ92 دولة أفقر، في دفعة كبيرة للمعركة ضد الوباء.


كما ستساهم دول أخرى ضمن مجموعة السبع التي تضم بريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، في التحرّك وستضع "خارطة طريق شاملة" لطي صفحة الوباء، وفق ما أفاد مسؤول رفيع في الإدارة الأميركية.


كما تنخرط روسيا والصين في "دبلوماسية اللقاحات" في ظل مطالبات من جهات عدة حول العالم بضمان تساوي توزيع اللقاحات، لكن المسؤول الأميركي نفى بأن تكون الولايات المتحدة تسعى للحصول على أي مكاسب لقاء اللقاحات.


وقال المصدر "هذا الأمر الصحيح الذي ينبغي القيام به، إنه الأمر الذكي الذي يجب القيام به كما أنه دليل ملموس على أن ديموقراطيات العالم هي التي ستهزم وباء كوفيد-19".


ومباشرة بعد وصوله، أكد بايدن بأنه سيشدد على الحاجة إلى نهج متعدد الأطراف للتعامل مع قضايا عالمية في كل من محطات جولته التي تستمر أسبوعا، وسيسعى إلى إرضاء حلفاء واشنطن الذين همّشهم نهج سلفه ترامب.


وأكد البيت الأبيض على الحاجة إلى إعادة إحياء الالتزامات بـ"المبادئ الديموقراطية في وجه تحديات حقيقية ومنافسة استبدادية" في عالم اليوم.


وبعد اختتام قمة مجموعة السبع الأحد، سيزور بايدن الملكة اليزابيث الثانية في قصر ويندسور ويتوجه بعد ذلك إلى بروكسل لاجتماعات حلف شمال الأطلسي الإثنين، والاتحاد الأوروبي الثلاثاء قبل لقاء مرتقب الأربعاء يرجّح بأن يخيم عليه التوتر مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في جنيف.