جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

ردًا على ادعاءات الصحيفة البريطانية..

المركز المصري يتحدث عن العاصمة الإدارية: «نقلة اقتصادية لمصر»

العاصمة الإدارية
العاصمة الإدارية

في تقرير مليء بالادعاءات والأكاذيب، تحدثت صحيفة "فايننيشيال تايمز" البريطانية عن العاصمة الإدارية الجديدة، في محاولة متعمدة لتشويه المشروعات الاستثمارية المقامة بها.

وحسب المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، فقد ساهمت مشروعات الدولة المختلفة ومنها العاصمة الإدارية الجديدة بالإضافة إلى برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي طبقته الحكومة المصرية بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، في تعزيز قدرة الاقتصاد المصري على النمو، إذ حقق الاقتصاد 5.6% في عام 2018، و5.3% في عام 2017، و4.2% في عام 2016، و3.4% في عام 2015، و4.4% معدل نمو فى 2019 .

وأشاد صندوق النقد الدولى، في تقريره الصادر في مارس 2020 حول الأثر المتوقع لأزمة كورونا على الاقتصاد العالمي، والذي أشار فيه إلى احتمال تباطؤ الاقتصاد العالمي بنسبة 3% في الوقت نفسه، ستستطيع فيه مصر تحقيق نمو اقتصادي بحوالي (6.3% حققت مصر نموًا اقتصاديًا بنسبة 7.2%)، لتؤكد على مرونة الاقتصاد المصري في مواجهة الأزمات، ليس ذلك فقط، حيث ساهمت تلك المشروعات في خفض معدل البطالة في مصر من 15.13% في عام 2013 إلى 13.10% في عام 2020.

ولا يمكن بأي شكل من الأشكال اعتبار العاملين بقطاعات الدولة عمالة مؤقتة، حيث إن مصر بتركيبتها الديمغرافية التي تشكل سن الشباب معظم سكانها، ومعدل نمو سكاني يقترب من 2،% وثقافة ترتبط بشكل كبير برغبة الشباب في الإقبال على الزواج وتملك المنازل.

ويؤكد المركز امتلاك مصر اقتصادًا متناميًا أثبت نجاحه بإشادة من العديد من مؤسسات التمويل العالمية، فإن ذلك يعني وجود استدامة في الطلب على الوحدات العقارية، سواء لغرض السكن أو لأغراض التجارية (مكاتب إدارية، وتجارية). 

أمر آخر يمكن الاستدلال به للتأكيد على حاجة الاقتصاد المصري لاستثمارات في البنية التحتية هي توقعات البنية التحتية العالمية "Outlook Infrastructure Global"، والذي أشار إلى احتياج مصر إلى استثمارات بقيمة 675 مليار دولار خلال الفترة بين 2016 /2040.

وأوضح المركز أن هناك من يدعي أن القائم على تنفيذ تلك المشروعات هي القوات المسلحة، ولكن بالتفكير المنطقي هل يعقل أن تكون القوات المسلحة قادرة على تنفيذ مدينة جديدة مترامية الأطراف على مساحة 170 فدانًا أي حوالى 6.5 كيلومتر مربع، وهي ليست المدينة الوحيدة التي نفذتها مصر بعد ثورة يونيو، فحجم الأعمال التي تم تنفيذها في هذا القطاع هائلة لا يمكن لمؤسسة وحيدة في الدولة القيام بتلك العمل منفردة، ومن ثم فإن جميع العاملين على تنفيذ مشروعات العاصمة الإدارية الجديدة هي شركات القطاع الخاص المصرية التي تقدمت لتنفيذ تلك المشروعات. 

ولفت المركز في رده: "من جانب آخر يرى البعض أن القوات المسلحة المصرية تلعب دور المشرف على تنفيذ بعض المشروعات، وهو أمر حقيقي ومعلن، فإذا كان لديك الجيش الأكبر في المنطقة بقوام يقترب من نصف مليون فرد، ومصر في حالة سلام مع جميع الدول المجاورة (باستثناء حربها ضد الإرهاب)، وسياستها الخارجية سياسة شريفة محبة لجميع دول المنطقة وداعمة لتنميتها".

وأوضح: "فإن توظيف هؤلاء الأفراد المدربين وعلى درجة عالية من المهارات الإدارية والقيادية يعد استغلال أمثل للموارد المتاحة، وهو حل أثبت أنه الأمثل للنهوض بالدول التى عانت أجهزتها الإدارية من نقص كبير في الخبرات الإدارية والمهارات الفنية التي تتعلق بالإشراف، لحين بناء الجهاز الإداري بالدولة بشكل فعال، ومن ثم فإن النموذج المصري في الاستعانة بأحد دُرس في العديد من الدول عالميًا خاصة النامية منها".

فقد ادعى تقرير الصحيفة البريطانية عن أن قطاع العقارات والبناء يضم عمالة وهمية وبمجرد التوقف عن البناء لن توجد وظائف، ولكن من غير الدقيق التكهن بتوقف مسيرة العقارات والبناء في ظل التوقعات بتزايد عدد السكان بنحو 60 مليون نسمة في غضون الثلاثين عامًا القادمة.

فضلًا عن احتياج السوق المصرية لمليون وحدة سكنية سنويًا ينطوي على الاجتياح لمدن جديدة وطرق جديدة ومشروعات ضخمة للبنية التحتية، فكيف إذن يضم القطاع عمالة وهمية، كما أن دور الجيش ووزارة الإسكان وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة في بناء الوحدات السكنية يقتصر على الإشراف والرقابة وأحيانًا التخطيط، أما التنفيذ فيكون بواسطة شركات لا يملكها الجيش، أي أن القطاع الخاص يسهم بدور كبير في الاستثمار العقاري.

وادعت الصحيفة أيضًا أن هناك تدخلًا للجيش وتوسع دوره في الدولة والاقتصاد يدفع القطاع الخاص ليكون أكثر جبنًا ويخيف المستثمرين الأجانب، وفقًا للاقتصاد المصري "خوف الناس هو أن يقوموا بفتح مشروع ليقوم الجيش بتكراره إلى جوار المشروع الخاص وهو ما سيضعفه".

وطبقًا للدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية االقتصادية، فإن "العالم الآن يقوم على تبنى سياسات اقتصادية مرنة، ولم يعد مقبولًا التمترس خلف نظريات تقليدية، سواء تدعم الفكر الرأسمالي أو تنتقده، وإنما أصبح لكل دولة تسعى إلى إحراز التقدم الاقتصادى أن تختار ما يناسبها من هذه النظريات، وتصنع بنفسها النموذج الذي يتلاءم مع طبيعتها ويحقق مصالحها، ونحن في مصر، نصنع نموذجًا اقتصاديًا يأخذ ما يناسبنا من النظريات الاقتصادية، وما يحقق مصالحنا ويتلاءم مع ظروفنا وطبيعة وحجم شعبنا وأهدافنا خلال السنوات المقبلة".

وللتأكيد على عدم وجود نموذج واحد ينبغي على الدول اتباعه، فيمكن على سبيل المثال النظر للاقتصاد الفرنسي، فقد تراوحت نسبة الإنفاق الحكومي مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي في فرنسا بين 4.55% حتى 2.57% خلال الفترة من 2011 حتى 2019، وارتفعت هذه النسبة إلى 1.62% عام 2020 نتيجة الحاجة إلى مواجهة تداعيات أزمة فيروس كورونا، ويعني ذلك أن خلال الفترة من 2011 حتى 2020 كان حجم إنفاق الحكومة الفرنسية يتجاوز أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي لفرنسا، أي أنه لكل دولة الحق في اختيار نموذج التنمية الذي تريده وتطويعه لخدمة أهدافها طبقا للمتغيرات والظروف السائدة.

كما ادعى تقرير الصحيفة البريطانية أن مصادر النمو الاقتصادي تتركز في قطاعات الصناعات الاستخراجية (النفط والغاز) والعقارات، وفي حقيقة الأمر أن في قطاع النفط والغاز الطبيعي تمثلت التحديات قبل عام 2014 في عزوف المستثمرين عن المشاركة فى مشروعات القطاع وتوقف عدد من المصانع لنقص كميات الغاز، وعدم توقيع اتفاقيات بترولية خلال  الفترة من 2010 حتى ديسمبر 2013.

إلى جانب تفاقم أزمات البنزين والسولار والبوتاجاز، مع ارتفاع معدلات استهلاك المنتجات البترولية والغاز بقطاعات الدولة، خاصة قطاع الكهرباء، إلى جانب برنامج الإصلاح الاقتصادي وسياسات تشجيع الاستثمار واستعادة الأمن والاستقرار قد أسهمت في توقيع عدد كبير من الاتفاقيات البترولية واتفاقيات في قطاع الغاز الطبيعي. 

وجاء في تقرير "الفاينانشيال تايمز" ادعاء بأن ارتفاع معدلات الدين يهدد الاقتصاد المصري، ولكن دفعت جائحة فيروس كورونا المستجد العديد من الدول حول العالم إلى زيادة الاقتراض من المصادر المحلية والخارجية، لتنفيذ حزم التحفيز الاقتصادي ودعم النشاط الاقتصادي، خاصة مع تراجع عائدات أو توقف القطاعات السلعية والخدمية المعتمدة على التصدير.

ومن ثم فمن المهم تحليل تطورات الدين الخارجي في مصر، ومقارنته مع بعض الدول قبل وبعد جائحة فيروس كورونا، وتوقع صندوق النقد الدولي أن يقفز الدين العام العالمي لأعلى من 100% من الناتج المحلي الإجمالي للمرة الأولى على الإطلاق بفعل الإنفاق الحكومي الطارئ لتلافي آثار وباء كورونا.

جدير بالذكر أن مصر بذلت جهودًا كبيرة لتحقيق الانضباط المالي والسيطرة على الدين العام المحلي والأجنبي، وتراجعت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي من حوالي 104% في 2016 /2017 إلى 85% من إجمالي الناتج المحلي في 2018 /2019.