جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

حق منزوع

قضايا تبديد القايمة.. حيلة الأزواج للاستيلاء على ممتلكات الزوجة

معاناة الزوجات
معاناة الزوجات

تتذكر أماني.م، ثلاثينية، أيامها الأولى مع زوجها، حين تحدّت عائلتها من أجل الزواج منه، بالرغم من ظروفه المادية القاسية، إلا إنها بدافع الحب اقسمت على عدم الزواج بغيره، معتقدة أن ذلك هو الخيار الأصح، وبالفعل عاشت معه معه قصة حب طويلة تكللت بالزواج.

يقطع حبل ذكرياتها صوت القاضي داخل محكمة الأسرة وهو يسألها عن تفاصيل، فهي الآن بعد مرور سنوات، تقف أمام زوجها تختصمه أمام القضاء بتهمة تبديد قايمة الزواج (إيصال أمانة يضم منقولات الزوجة)، بعدما استحال العيش بينهما وقررا الانفصال.

محكمة الاسرة

دوامة من الاجراءات والتقاضي والعذاب كما تصف أماني، مرت بها منذ طلاقها من زوجها، بسبب محاولاتها للحفاظ على حقوقها المادية، ورغبة زوجها في الاستيلاء على تلك القايمة، وطلاقها دون حقوق مادية سواء قانونية أو شرعية.

تعج محاكم الأسرة بالقضايا الكيدية الخاصة بالحقوق المادية في الزواج، منها قضايا تبديد القايمة أو دعوات النفقة والمؤخر، أبطالها كانوا يومًا أحبّة ثم أصبحوا أعداء يختصمون بعض أمام المحاكم، وكلًا منهم يسعى إلى حفظ حقوقه.

"الدستور" بحثت خلف قضايا تبديد القايمة الكيديّة من خلال حكايات خاصة لسيدات ورجال إلى جانب الرأي القانوني والديني في تلك الأمور.

 

دينا: حصلت على حكم بحبس زوجي ولم أسترد إلى الآن قايمة المنقولات

تقول دينا (اسم مستعار)، التي تقطن في محافظة القاهرة: "لجأت للتقاضي بعدما فشلت محاولات التراضي والود، فقد مرت عليّ شهور عصيبة منذ الزواج، تعرضت فيها لأسوء أنواع الاستغلال والتهديد من قبل ذوي زوجي، الذي لم تجمعني معه أي لحظة سعادة منذ أول أيام زواجنا".
 

كان سبب الانفصال بحسب دينا هو سوء معاملة الزوج لها، كان يتعدى عليها لفظيًا وجسديًا لأتفه الأسباب: "كان متجوزني علشان ابقى خدامة ليه ولأهله"، هكذا تفسر الفتاة تصرفات زوجها منذ اللحظة الأولى لزواجهم.

بعد مرور شهر من الزواج، انقلبت الأوضاع رأسًا على عقب، وبدأ الزوج في استغلال طيبة الفتاة بشكل تدريجي، حتى سلب منها كل ما تملك من مال، ثم اتجه لأخذ الذهب الخاص بها وبيعه دون علمها، ورغم كل ذلك استمرت الفتاة في الزيجة، وأنجبت منه طفلة:"علمت أنه تزوجني من أجل المال والاستيلاء على كل ما أملك"، عرفت أميرة تلك الحقيقة متأخرًا كما تصف، إلا إنها قررت إنهاء علاقتها به وطلب الطلاق، واسترداد جميع حقوقها القانونية والمادية، لكنها واجهت حينها ما هو أكثر قسوة".

رفض زوجها أن يطلقها، وتعدى عليها هو وذويه بأبشع طرق الإيذاء النفسي، من إرسال تهديدات متواصلة تؤكد تعمدهم لسرقة حقوقها، وعدم رغبتهم في ردها إليها، بل وأيضًا مساومتها على رد مستلزماتها الخاصة بدفع مبالغ مالية مقابل ذلك.

لم تجد الفتاة حلًا سوى الذهاب إلى القانون، واسترداد حقها بطريقة رسمية، وبالفعل رفعت قضية تبديد قايمة، ونجحت في الحصول على حكم بحسبه لمدة عام، لكنها لم تسترد أشيائها حتى الآن، بسبب مماطلة أهله في تنفيذ الحكم بحقها في قايمة المنقولات، وهروبهم المستمر من الملاحقات الأمنية في منازلهم.

يعرف أحمد مهران، مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، قايمة المنقولات بإنها بمثابة عقد من عقود الأمانة التي نص عليها قانون العقوبات، مشيرًا إلى أنه على الزوج أن يقر بأنه استلم القايمة الزوجية على سبيل الأمانة، وأنه ملتزم بشكل صريح بردها متى طلب منه ذلك، ويتم توضيح وحصر تلك المنقولات والتوقيع عليها.

مهران يوضح أن هناك هناك شروط لابد من توافرها عند كتابة القايمة، وهي أن تكون المنقولات أثاث وأعيان وليس ذهب فذلك ينقص من حق الزوجة، وأن يقر في القايمة أن المنقولات ملك للزوجة وفي حوزة الزوج فقط.

يبين مهران أن جريمة تبديد المنقولات هي ملكية هذه المنقولات للزوجة، ويعد الزوج أمينًا عليها بناء على عقد من عقود الأمانة، وهنا تثار مشكلة ملكية الزوج لبعض المنقولات ضمن القايمة التي تدعي الزوجة ملكيتها لها، بحيث يلقى عليه عبء إثبات هذه الملكية أن يكون تسلم الزوج منقولات الزوجية بموجب أحد عقود الأمانة.

وعن العقوبة القانونية، يقول: "محاكم الأسرة تكتظ بالدعاوى المتعلقة بقايمة المنقولات سواء من ناحية التبديد أو من ناحية استردادها من قبل الزوجة وعادة ما تصدر أحكام في مثل هذه القضايا بالحبس وإيقاف التنفيذ وعدم براءة ذمة المتهم أي الزوج بشكل كامل".

ويشرح كيفية استرداد المنقولات الزوجية فى حال عدم تحرير قايمة منقولات زوجية للزوجة، قائلًا: "لابد من تحرير محضر إثبات حالة من الزوجة أن منقولاتها الزوجية في الشقة، وأن زوجها لم يسلمها المنقولات الزوجية المملوكة لها، وتذكر وصف هذه المنقولات، وتقدم بالمحضر صورة من إيصالات وفواتير شراء الأجهزة".

يضيف: "كذلك ينبغى  توجيه إنذار للزوج على يد محضر تنذره فيه الزوجة بأإه قد تحصل على المنقولات الزوجية المملوكة لها، ورفض تسليمها وتبين في الإنذار بيان بوصف وقيمة هذه المنقولات، وتنذره برد هذه المنقولات الزوجية لها بالطرق الودية وتضرب له أجلا للوفاء لرد هذه المنقولات وإلا ستضطر  لاتخاذ الإجراءات القانونية".

ويختتم: "يوضع المنذر إليه في موضع المقصر الذي تعنت ورفض عمدًا تسليم المنقولات الزوجية وديًا، فلا يلومن إلا نفسه أن رفعت عليه هذه الدعوى للمطالبة برد هذه المنقولات الزوجية, ودعوى استرداد المنقولات الزوجية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات، بالتالي فيطلب عقب انعقاد الخصومة فى هذه الدعوى إحالة الدعوى للتحقيق لسماع الشهود فيها للوقوف على أن المدعى عليه".

سناء: زوجي سرق الذهب وقايمة المنقولات بعد شهرين من الزواج

كانت قصة حب جميلة وزفاف سعيد، جمع سناء.أ وشريك عمرها الذي اختارته بإرادتها كما تصف، فهي أحد ضحايا قضايا تبديد القايمة الكيدية، والتي لم تتوقع النهاية سريعة بعد شهرين فقط من الزيجة: "فوجئت بزوجي بعد شهرين فقط من الزواج، يبيع جميع مصوغاتي الذهبية دون علمي، ومن ثم حرر محضر يتهمني فيه بإنني غادرت المنزل وأخذت كل مصوغاتي الذهبية".

لم تفهم سناء ما الذي يفعله زوجها، حين أتى لها المُحضر إلى بيت أبيها، ولكن علمت طمعه في أموالها حين بحثت عن قايمة المنقولات في شقة الزوجية ولم تجدها: "أخذ الذهب وقايمة المنقولات حتى لا استطيع مقاضاته ومطالبته بحقوقي".

تم الطلاق بينهما سريعًا، ولكنه رفض إعطائها الذهب أو قايمة المنقولات، حتى رفعت عليه دعوى قضائية، فقام برد الأثاث المكتوب في القايمة دون الذهب، ولم تستطع سناء إثبات أنه سرق الذهب الخاص بها لعدم كتابته في قايمة المنقولات وقت الزواج:"بعد أن رفعت عليه قضية بسبب سرقة الذهب، أخذ حكمًا بالبراءة من المحكمة فهو أمامها قد سدد كافة ما ورد بالقيامة الزوجية، أما الذهب فقد سرقه ولازالت إلى الآن أحاول بشتى الطرق استرجاعه".

أبو القمصان: "القايمة من حقوق الزوجة والتنازل عنها يعني الدعوة لسرقتها"

توضح نهاد أبو القمصان، المحامية الحقوقية، أن التنازل عن حقوق الفتيات وقت الزواج لن يدفعه ثمنه غيرهن، مشيرة إلى أن الفترة الماضية كان هناك تحريض واضح على سرقة ممتلكات الزوجة وإيهامهن بأن الحفاظ على حقوقهن المادية نوع من قلة الأصل.

ناهد أبو القمصان

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أبو القمصان تشير إلى أن القايمة هي في الأسعار المهر والذي شرعه الدين للزوجة ويدفعه العريس، ولكن تم إلغاؤه أو وضع مبالغ قليلة لذلك ظهرت فكرة القايمة للحفاظ على ممتلكات الزوجى: "يا أما قايمة بالمنقولات وحق الزوجة أو دفع المهر مثلما كان يحدث قديمًا".

وتبين أن مذهب الإمام أبو حنيفة أقر بأن المهر ركن من الأركان الشرعية للزواج، لكن بسبب سوء الأوضاع المادية تم إلغاء المهر وأصبح هناك قايمة، مبينة أن في قانون الأحوال الشخصية الحالي والمسودة التي تم تقديمها للحكومة تعتبر المهر من أساس الزواج، ومن حق الولي الفسخ إذا لم يقبض المهر.

وتضيف الحقوقية: "لكل من ينادي بالتنازل عن حقوق الزوجة أو إلغاء القايمة، هم ينادون بسرقة النساء والاستيلاء على حقوقهم، وتغيير الشرع الذي ينادون بتطبيقه ولا يعرفون منه سوى مثتنى وثلاث ورباع، ويوميًا يأتي للمركز المصري لحقوق المرأة أمثال الأباء التي اؤتمنت على العرض لأخذ حق ابنته".

950 ألف قضية نزاع سنوية داخل محاكم الأسرة

لا يوجد إحصاء رسمي عن قضايا تبديد القايمة، ولكن بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تنظر محاكم الأسرة أكثر من 950 ألف قضية نزاع سنويًا، في ظل حالات طلاق وخلع بلغت 200 ألف حالة العام الماضي، بزيادة ملحوظة عن الأعوام السابقة.

وبلغت عدد حالات الطلاق في مصر خلال العام 2020 نحو 218 ألف حالة طلاق، مقابل 225 ألف حالة في عام 2019، و201 ألف حالة فى عام 2018، إذ تحدث حالة طلاق واحدة كل 2 دقيقة و20 ثانية، وفى الساعة 27 حالة، أما اليوم 651 حالة، وأكثر من 7000 حالة طلاق فى الشهر.

انفوجراف 

كما أن هناك 24 حالة طلاق مقابل كل 100 حالة زواج يوميًا فى مصر، بحسب المركزي وهي تعد أقل من الدول الأوروبية، ففى فرنسا على سبيل المثال، تقع 52 حالة طلاق لكل 100 حالة زواج، ويعد الخلع أكبر نسبة أحكام طلاق نهائية بعدد 10500 حالة سنويًا.

نهاد: زوجي خدعني وجعلني أتنازل عن قايمة منقولاتي

5 سنوات من الخلافات انتهت أغلبها بالصلح الحذر، تصف نهاد. ع، أحد ضحايا قضايا تبديد القايمة علاقتها مع زوجها، والتي كانت رغم تلك الخلافات تأمن له في كل شيء، إلى أن أخبرها ذات يوم بإنه يمر بضائقة مالية ويريد بيع جزء من العفش:"طلب مني الإمضاء بالتنازل عن قايمة المنقولات، وكنت أحبه ولا أتصور أن يسرقني، ففعلت ذلك وتنازلت عن القايمة، من أجل إخراجه من ضائقته المالية ولضمان استقرار حياتنا سويًا، ووعدني وقتها بإنه مسؤولًا عن رد جميع المنقولات في حال الانفصال ولكني فوجئت بالحقيقة بعد ذلك".

قايمة زواج

بعد مرور أيام قليلة فوجئت بمُحضر يخبرها بإن زوجها طلقها في المحكمة، وقدم لهم ورقة تفيد بتنازل الزوجة الكامل عن حقها قايمة المنقولات وتوقيعها بذلك، لتتأكد حينها أنه قام بخداعها من أجل الاستيلاء على قايمة المنقولات.

لم يكن أمام نهاد سوى القضاء فرفعت عليه دعوى قضائية تتهمه فيها بالتزوير وتبديد القايمة، إلا إنها لازالت منظورة إلى الآن في المحكمة لعد امتلاكها دليل واحد على حقها في تلك القايمة: "ضاع حقي بموافقة مني ولن استرد منقولاتي".

أحكام قضايا تبديد قايمة المنقولات الزوجية

عادل عاشور محامي النقض بالدستورية العليا، يؤكد أن هناك مواد صريحة في القانون تخص قضايا تبديد القايمة، منها المادة رقم 341 من قانون العقوبات، والتي تنص على أنه كل ما قام باختلاس، وسرقة وتبديد لأي مبالغ أو أي أمتعة أو نقود، أو قام بوضع يداه بالقوة على تلك الأمور المذكورة ، ولم يقم بتسليمها، فإنه يحكم عليه بالحبس، أو القيام بدفع غرامة مالية.

عادل عاشور

 

 

 

 

 

 

ويوضح أن هذا الأمر ينطبق أيضًا على جريمة وقضية تبديد المنقولات الزوجية، لكن قضية التبديد لم تكن من الجرائم التي تتم بغرض السرقة أو اختلاس الأموال، بحسب عاشور، لكنها قضية مبنية على العناد بين الزوجين، نتيجة تراكم الكثير والكثير من المُشكلات الزوجية التي لم يتم التوصل فيها لحل بين الطرفين.

يشير عاشور إلى أنه الرغم من أن المنقولات الزوجية واحدة من حقوق الزوجة ، لكنها في كثير من الأحيان بقصد أو بدون قصد تقوم الزوجة بإسقاط حقها في ذلك الأمر، مضيفًا: "تسقط قايمة المنقولات الزوجية عند قيام الزوجة بطلب الخلع من الزوج ففي هذه الحالة تقر بالتنازل عن حقوقها المالية الشرعية، سواء أن كانت منقولات أمتعة أو أموال أو غير ذلك".

وبحسب محامي الدستورية، يجوز إثبات دعوى استرداد المنقولات الزوجية بكافة طرق الإثبات، بالتالى فيطلب عقب انعقاد الخصومة فى هذه الدعوى إحالة الدعوى للتحقيق لسماع الشهود فيها للوقوف على أن المدعي عليه تحصل على هذه المنقولات وأنه رفض تسليم المنقولات الزوجية لزوجته.

وعن الأحكام في تلك القضايا يقول: "تنقضي العقوبة بعد مضي  3 سنوات في الجنح إذا حُكم على الزوج غيابيًا، ويسقط حكم تبديد المنقولات أيضًا إذا كان نهائيًا بعد مضي 5 سنوات في حال قيام الزوج بمعارضة الحكم الغيابي في تبديد المنقولات، وتختلف مدة سقوط الحكم من حالة لأخرى، ولكن يسقط هذا الحكم غيابيًا بعد مرور مدة تتراوح ما بين عامين ونصف حتى ثلاثة سنوات من تاريخ الحكم في قضية تبديد المنقولات".

يضيف: "إذا سقط حكم تبديد المنقولات بالكلية، يكون من حق الزوجة طلب التعويض بقيمة قائمة المنقولات الزوجية، أما إذا تم الحكم على الزوج بدفع التعويض فسيكون ملزمًا بذلك، وفي حالة عدم الدفع فسيتم الحجز عليه من قبل المحضر، ومن ثم سيدخل في قضايا أخرى، قد يصدر حكم بالحبس على الزوج اذا تمت المطالبة بالقائمة عن طريق الشرطة وكجنحة تبديد وليس عن طريق محكمة الأسرة".

المهر مستمرًا.. واختفاء قايمة المنقولات في الدول العربية

وتعد مصر أحد الدول التي لازالت متمسكة بعادة قايمة المنقولات، ولكن تختلف عادات وتقاليد الزواج في الدول العربية، والتي تشمل الإتفاق على أمور إتمام الزيجة من مهر وشبكة وأثاث المنزل، وكله يكون تحت بند "قايمة الزواج"، بجانب الأمور الأخرى التي يتم الاتفاق عليها من قبل الطرفين.

في مصر، ذوي الزوج والزوجة يضعون شروطًا محددة قبل إتمام الزيجة، وهي دفع المهر المتفق عليها في الجلسة الأولى بينهم، وثمن الشبكة، وتقسيم أيضًا ثمن شراء قطع أثاث المنزل، والأغراض الأخرى المتفق عليها في قائمة منقولات الزواج، وفي النهاية تنتهي جلستهم بقراءة الفاتحة، ثم الخطبة الرسمية والزواج فيما بعد مع الإصرار على قايمة المنقولات في الأغلب.

أما الجزائر، يذهب والد الزوج وحده إلى منزل الزوجة لطلب يد كريمتهم من والدها، ثم يرسل ذوي الزوج موائد صغيرة تسمى بـ"طيفور"، وتحتوي على حنة وحلوى وفول سودانى، وبجانبها شمعتين وكبش، وتُعقد جلسة "الملاك" أي ما يعني الاتفاق على الزيجة من حيث المهر والشبكة والأمور الأخرى دون قايمة منقولات.

عادات الزواج في الجزائر

يختلف الأمر قليلًا في العراق، فالزيجة هناك تبدأ بعقد جلسة الاتفاق، ويُطلق عليها "يوم الشربت"، ويُدفع ثمن المهر يوم الخطوبة، بعد أن يذهب ذوي الزوج إلى منزل الزوجة بصحبة شيخ، ويوضع كتاب القرآن الكريم أمام الزوجة، وصينية العطارة المكونة من سبع مواد عطرية وأكواب سكر وشموع، وعلى رأسها قطعة من القماش الأبيض، ويتقدم الزوج ليلبسها الشبكة "حلي من الذهب"، وتتم حفلة الخطوبة بهذا الشكل بلا قايمة منقولات.

 أما فى السعودية، تبدأ الزيجة بـ"الرؤية الشرعية"، ما يعني ذهاب الزوج وذويه إلى الزوجة لرؤيتها بحضور ذويها، وفي حالة إعجابهم بها  يتقدم الزوج بإهداء ذويها سوارًا من الذهب، تأكيدًا منه على الرغبة في الزواج، ثم تعقد جلسة إسمها "الملكة"، عبارة عن جلسة تعارف، يقف فيها شخص معين بجوار الزوج ليمدح فيهما وفي ذويهما، ويتم أيضًا تقديم " صندوق الملكة"، الذي يحتوى على مهر العروس ومستحضرات تجميل مختلفة الأشكال وعطور وهدايا أخرى، وفي النهاية الاتفاق على إتمام الزيجة.

وفي فلسطين، تذهب والدة الزوج وحدها لرؤية الزوجة، بهدف تحديد ما إذا كانت مناسبة لإبنها أم لا، ثم تعود إليهم مرة أخرى في حالة إعجابها بها، لكن بصحبة الزوج، ويتم تحديد موعد الاتفاق على الزواج، ويطلقون عليه هناك "الطلبة" أو "الجاهة"، ويحضرها كبار العائلتين، وبعد الاتفاق، يحددون اليوم المناسب لدفع المهر دون قايمة منقولات، والذي يعرف أيضًا بإسم " يوم التقبيضة"، وغالبًا ما يكون المهر رمزيًا من أجل تيسير الزيجة على الزوج، ثم يحدد موعد عقد القرآن، وبعد ذلك حفل الخطوبة الرسمية، ويطبقون عليها "يوم الصمدة".

ياسر: "قايمة المنقولات تحفظ ممتلكات وحق الزوجة"

ويؤكد الشيخ ياسر سلمى، أحد علماء الأزهر الشريف، أن من مقاصد الشريعة التي جاء الإسلام بها حفظ الضروريات الخمس، ومنها حفظ المال، موضحًا أن حفظ المال بمعنى المحافظة عليه من الضياع والنهب والسلب وذلك مطلب شرعي.

الشيخ ياسر حلمي

ويضيف: "ولذلك نجد الشريعة تؤكد على أهمية الإشهاد والتوثيق وكتابة الديون قال تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ" من أجل المحافظة على الأموال وحمايتها من الضياع أو التلف".

سلمى يشير إلى أنه لاشك أن قائمة المنقولات تعد من هذا القبيل فهي تحافظ على ممتلكات الزوجة وأموالها، ولا يجوز التهاون أو التساهل في حفظ حقوق الزوجة خاصة: "نحن نعيش في عصر ضيعت فيه الأمانة وانتشرت فيه الخيانة وخربت فيه الذمم ولابد أن نعلم أن الإنسان مهما كان صالحا فإنه يتغير ولا يثبت".

 ويتابع أحد علماء الأزهر الشريف: "فهو في حالة الحب والتراضي شخص وفي حالة البغض والتقاضي يتحول إلى شخص آخر إلا من رحم الله، وبناء عليه يجب علينا أن نأخذ حذرنا و أن نحذر من الناس من غير أن نتهم أحدا إعمالًا لقوله " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ".