جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

محمد كمال الدين صلاح.. الدبلوماسى الشهيد

محمد كمال الدين صلاح
محمد كمال الدين صلاح

لم يكن مجرد دبلوماسى أتقن عمله وأحبه شعب الدولة التى يعمل بها ممثلًا لبلاده، بل كان عظيمًا لدرجة جعلت جنازته خارج بلاده حدثًا لا يُنسى، هو الشهيد السفير محمد كمال الدين صلاح، مندوب مصر فى المجلس الاستشارى الصومالى، الذى قتلته يد الغدر فى ١٦ أبريل ١٩٥٧.

وُضع نعش الشهيد على عربة مدفع بصحبة فرقة عسكرية، وجرت الصلاة على جسده الطاهر داخل البرلمان، وجرى تنكيس الأعلام، وكتبت الجريدة الصومالية «كوريرى دلا صوماليا» صبيحة يوم استشهاده عنوانها الرئيسى «يوم حداد لصوماليا»، وجنازته داخل وطنه كانت أكثر مهابة وتليق ببطل قومى دفع حياته ثمنًا لمصالح بلده ودفاعًا عن رؤية مصر الداعمة لحركات التحرر.

كان السفير كمال الدين صلاح مثالًا للدبلوماسى المصرى المؤمن بقضايا إفريقيا مثلما آمن بها الرئيس عبدالفتاح السيسى وقبله الرئيس جمال عبدالناصر.

كانت سنه ٤٧ عامًا وقت استشهاده، وكان يؤدى واجبه فى دعم استقلال الصومال، ودُوّنت ملابسات تلك الجريمة بقلم الكاتب أحمد بهاء الدين، فى كتابه «مؤامرة فى إفريقيا».

ولم تقبل مصر المساس بأبنائها فى الخارج، ولهذا أرسلت وفدًا على رأسه محمد فائق، مدير مكتب الرئيس جمال عبدالناصر للشئون الإفريقية، وقتها، ليتابع الأمر، لكن لأن الصومال آنذاك كان تحت الاحتلال الإيطالى، أعلن المحتل عن أن «فائق» ومن معه أشخاص غير مرغوب فيهم ويجب عليهم مغادرة البلاد خلال ٤٨ ساعة.

الشعب لم يقبل بهذا التدخل، وتوافدت جموع من الصوماليين على مقر إقامة «فائق» للضغط على المحتل الإيطالى، الذى رضخ لمطالب الشعب، وبقى «فائق» حتى أكمل مهمته التى كان من ضمنها التأكد من محاسبة الفاعل، وجرى الحكم بالسجن المؤبد على محمد شيخ عبدالرحمن، كما جرى تعيين مندوب جديد لمصر وهو الدكتور محمد حسن الزيات.

كانت هذه رسالة واضحة، مفادها أن مصر لا تقبل الرضوخ، وأكدت سيادتها الإفريقية العربية، وردت بما هو أبلغ من الكلام، إذ جرت زيادة عدد أفراد البعثة الدبلوماسية وزيادة البعثات التعليمية المصرية.