جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

انفجار مرفأ بيروت ووباء الكورونا.. أبرز ملامح ديوان «أيها الهواء يا قاتلي»

أيها الهواء يا قاتلي
أيها الهواء يا قاتلي

صدر حديثا عن دار خطوط وظلال للنشر٬ أحدث إبداعات الشاعر اللبناني شربل داغر٬ ديوان٬ "أيها الهواء، يا قاتلي". وعن الديوان تقول الناقدة سوزان جوهري في مقدمتها للديوان: "القراءة متعة وتسلية وشغف وشحن حياتنا بحيوات متخيلة. كلها مجتمعة اختبرتها في قراءة كتاب الشاعر شربل داغر. جمع بين شعر اللحظة وتصفية حسابات مع الذاكرة وإعادة إحيائها.

يعتقد الكثيرون أن التأمل يتم بإغماض العينين والاستماع والإصغاء لصوتنا الداخلي، لكن الشاعر داغر يتشافى وهو يحدق، ويستشعر التفاصيل ويلتقطها بحدسه، ويحولها إلى مشهديات متخيلة ومذهلة، ويجسد اللحظة قصيدة كما تلقاها من المستوى الأرهف، فيتحرر منها وينتقل إلى أخرى.

وتلفت "الجوهري" في مقدمتها لديوان "أيها الهواء، يا قاتلي": يظهر جليا ما شغله في كتابه من تأثيرات وتداعيات وباء الكورونا بقصائده:"يا حياة اشتقت إليك".

كانت السلاح الذي شهرَه لتحديها بقوله في أحد مقاطعها:"لن يبقى دائما إصبعي.. سأكتب به لكي أهرب خوفي من مهاوي الألفاظ. لكي اشغل نفسي بما يجدد الشعور بالحياة.


لا وباء في الكلمات، بل مناعة،  إذ تجند قوى الخيال أرحم من المسعفين، ولها عيش أجمل من حياتي في مثل هذه الأيام، التي تحيلني إلى هشاشتي، إلى غيابي. يا حياة اشتقت إليك...".

يضم الكتاب ما يقارب مئة وسبعة عشر نصا بين قصيدة وومضة غنية ودسمة. كتبتُ قرب كل منها ملاحظة صغيرة فكانت "ما أجملها" هي الطاغية.


العناوين كثيرة ومتنوعة ضمت إلى جانب الكورونا والحجر انفجار مرفأ بيروت، والشغف، واستدعاء النوستالجيا التي تعيد إحياء ما تبقى من إمكانية للحياة.

كتب قصائده في أحوال تأملية يشاهد نفسه ويحكي تفاصيل وكأنه خارجها. يلتقط اللمسة، البسمة، الصوت، الإشارة، وذلك الرنين الذي اعجبني استخدامه للنظر والماء. خلال القراءة حاولت تفكيك المشهد ودراسته ثم جمعه. توقفت أحيانا عن المتابعة. فبعض القصائد يجعلني أشعر بالامتلاء، واتوقف لأبدأ بأخذ جرعتي الجديدة. 


لم يردع الوباء الشاعر  شربل داغر عن عيش ما يرغبه. كيف لا وهو يمتلك غيمة تأخذه إلى فضاءاته المتخيلة، وتساعده على عيش قصص حبه عن بعد، ما دام القرب قاتلا.

يقول في قصيدته "أيها الهواء، يا قاتلي" (التي تعتبر كوثيقة تجسد هذا الزمن الرديء): "جاري عدوي.. حبيبتي أخاف الاقتراب منها.. من يلمسني، يعتدي علي.. من أمسكُ كتابا بعده، ينتقم مني...أرجوكَ، احتفظْ بمسافة متر مني.لا تجتمع بأحد، لا تُقبل أحدا، لا تلمس يد أحد، كن حذرا مما يتقدم صوبك، أو يتوجه للجلوس قرب كرسيك...الطائرة لا تنتظرك: تتمرن على الطيران ليس إلا، مخافة أن يصيبها الصدأ... لن تنتظرك، ستنتقل بعد التمارين إلى المتحف. لماذا السفر؟ هل من الضروري التنزه، أو الجلوس في مقهى؟ انظرْ إلى الفراشة، وابقَ في كرسيك فالهواء يكاد لا يكفيك...انسَ ما كان عليه العيش...انسَ صراخك الأول!
أيها الهواء، يا قاتلي".