جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

يعكف على دراسته.. كيف كان نجيب محفوظ يواجه النقد في أدبه؟

نجيب محفوظ
نجيب محفوظ

"إن كل عمل فني لا بد من أن تتذوقه بذوق شخصي، والمقياس هو الانفعال الذي نسميه الانفعال الكامل في الاستمتاع، هذا راجع لأسباب كثيرة مجتمعة ومنصهرة في بوتقة واحدة، ثم يأتي المضمون أو الموضوع، هنا أحاول أن لا أكون ذاتيا، فأنا أعطيك الحرية لكي تعبر عما تريد أنت، وليس عما أريد أنا، هنا أحاول أن أنفصل عن الذات".. هكذا كشف الأديب العالمي الراحل نجيب محفوظ ردا على سؤال عنه رأيه في مسرحية أو رواية وهو موظف في الدولة، وما المقياس الذي يعتمده، هل هو مقياس شخصي خالص أم إن سلطة ما تفرض عليه نوعا من الشروط.

وفي حوار لنجيب محفوظ بمجلة "إبداع" بعددها الصادر بتاريخ 1 يناير 2002، أوضح كيف أفاده النقد في الأدب، مؤكدا أنه يهتم بالنقد ويدرسه جيدا، لا سيما ما يكتب منه عنه، سواء كان معه أو ضده.. لا فرق - على حسب وصفه-.

وتابع: أعكف على درس ما يوجه إلي من نقاط ومآخذ بموضوعية وطيب خاطر، أي إنني لا أرفضه، ولا أبادل صاحبه عداء بعداء، بل أكن له احتراما وتقديرا خاصين، لأنه اجتهد وثابر وحاول أن يقدرم رؤية ما، لا يهمني بعد ذلك إن جاءت لصالحي، أو رافضة لعملي، على شريطة ألا يأتي بذيئا مترخصا، كما أن للنقد مزية أخرى تتمحور حول إشاعة الكتاب ولفت الأنظار إليه وإلى صاحبه، وإثارة نقاش جاد حوله يتسم بالحيوية والعمق، وهذا كله مفيد ومرجو.

وأضاف: وقد سعدت حقيقة بما كتبه عني ناقدان شابان جادان، كان لهما شأن أي شأن في حقل النقد الأدبي، هما المرحومان سيد قطب وأنور المعداوي، وسر سعادي بما كتباه عني، أنه جاء من ناقدين محترفين يعيان معى النقد ومسئوليته ودوره وكيفية ضبط مصطلحاته وتوظيفها دلاليا، لأن من كتبوا عني قبلهما كانوا من القراء الهواة، أما من جاءوا بعدهما فقد غلبت عليهم النغمة الأيديولوجية والحفازة بالمضمون دون غيرهما من عناصر وجزئيات، أي إنه كان نقدا أيديولوجيا محضا.