إنجي همام: الكتابة هي التي اختارتني.. وهؤلاء الكُتاب أثروا في تكويني (حوار)
الكاتبة الروائية والقاصة إنجي همام، والتي تعمدت الصمت حتى فيما يخص جديدها وكأنها تتعمد البعد عن الأضواء فلا تعود إلا مع كل عنوان إبداعي جديد، الكاتبة إنجي همام خرجت عن صمتها أخيرا، وهي خريجة كلية الحقوق في العام 2004 والممارسة لعدة نشاطات مدنية وحقوقية والتي تركت الكتابة النقدية عن السينما وإيقاع الصورة واللغة البصرية في الفيلم الثمانيني وتحديدا عند جيل "الواقعية الجديدة في السينما المصرية،" من خلال برنامجها "استوديو مصر"، كُتب عنها الكثير من النقد وخاصة بعد صدور روايتها الثانية "بالقرب من الحياة" بعد "موت الجدة مليكة"، تتحدث لـ"الدستور"، عن رؤيتها للأدب المصري والعربي وكذلك دور المرأة المصرية والعربية في الحياة والإبداع، وإلى نص الحوار..
ـ ما هي رؤيتك للمرأة المصرية والعربية في المعيشي والحياتي؟
(لا يمكن تعميم حكم يشمل جميع النساء، ولكن المرأة المصرية والعربية صاحبة الحلم والطموح، لا زالت تكافح في شتي الميادين من أجل إحراز إنتصاراتها الخاصة، ذلك في ظل معاناة متجددة ومستمرة من ضغوط وأعباء الشخصي والعام، لكنها متمسكة بآمالها تسعي نحوها بكل ما لديها من قوة، وأتصور أن صبر النساء قادر في الأخير على مواجهة أية تحديات، اللحظة موجعة على أصعدة عدة، لكن لا مناص من استمرار السعي والمحاولة.
ـ عن كتابة الأنثى والهم الذاتي والوجودي، كيف ترين مستقبل الكتابة النسائية إن كنت تؤمنين بهذه المقولة؟
(أؤمن أن الكاتب كاتب، والكتابة كتابة، عن نفسي كنتُ سأتبنى نفس المواقف والقضايا إن كنت كاتبا رجلا، الإشكاليات تطرح نفسها، والكاتب يتبنى ما يناسبه، لكن على أية حال، فإن الأصوات النسائية في عالم الكتابة تعدُ بالكثير، أيا كان ما ستكتبه تلك النساء، أرى زمن قادم تفرض فيه مبدعات في هذا المجال أصواتهن وأنفسهن، بعد سنوات طويلة من احتكار الرجل لهذا النوع الإبداعي مع حضور حالات نسائية معدودة، يمكن لكثيرات من تلك الأصوات النسائية تبني قضايا تخص الرجل مثلا، أو تخص المجتمع بوجه عام، لا يشترط أن تعبر عن الذات النسائية وحدها، فهو خيار كما أسلفتُ في البداية.
ـ ما هي رؤيتك للخارطة الكتابية العربية والمصرية فيما يخص المنتج الجديد للرواية العربية أو القصصية ؟
تتسع الخارطة فتشمل العديد من الرؤى من شتى الاتجاهات، والمثير أن هناك الكثير من العطاءات في جميع التيارات تقريبا، ثمة كتابات تجنح نحو اهتمام السوق للبيع السريع والقراءات السهلة المسلية في الأساس، ولها كتابها المنتشرين بشدة، كذلك فالكتابات الجادة التي تعنى بالهم العام وكذلك بالتاريخ والفلسفة وغيرها مما تقوم عليه الكتابات المؤثرة في عالم الابداع، فلها إنتاجها الذي لا يستهان به على مستوى الكم أيضا كما هو على مستوى الكيف، والقاريء عنصر هام في تلك العملية بمجملها، فهو يدفع نحو استمرار أشكال وأنواع من الكتابات بدعمه لها، في المجمل الخريطة ثرية ومتنوعة ومبشرة رغم ضغوطات كبيرة تواجه جميع العاملين في مجال الأدب.
ـ عن أزمة كورونا وقضايا التنمر فيما يخص الكيان الأنثوي، كيف ترصدين آثار الأوبئة ومؤثراتها في قوام المرأة وكذلك شكل الكتابة ؟
(الإجابة على هذا السؤال مؤلمة بشكل ما ولكنها تجعلني أضحك، لأن شر البلية ما يضحك كما يقال، وهو أن المرأة قد تكون اعتادت ذلك، التنمر بوجه عام أقصد، واعتادت الرد بطرق بليغة ومتعددة منها الكتابة، ربما يمكنني القول أن المرأة لديها حصانة ما تجعلها قادرة دوما على التعامل والتعايش والمواجهة، في ظل ما يقارب العام من حصار الوباء وتبعاته رصدتُ العديد من حالات الإبداع بالمقاومة وكذلك المقاومة بالإبداع، عن نفسي كتبتُ كثيرا جدا في هذه الفترة وبلا شك ستجد أثر اللحظة الذي مر بها العالم أجمع منطبعة على تلك الكتابة، وكذلك قرأتُ الكثير من كتابات بأقلام نسائية جسدت الظرف بإبداع كامل، فالمرأة من ناحية والكاتبة من ناحية تعودت على تبديل الأوجاع بمباغتات جمالية متفردة.
ـ من من الكتاب في العالمين “الغربي والعربي” كان لهم تأثير مباشر في اختيارك لمجال الكتابة والإبداع؟
لا أعتبر الكتابة اختيار في حياتي وإن كان فهي التي اختارتني ولستُ أنا، نشأتُ في بيت مليء بالكتب والكتابة أيضا، وبدأتُ أسلك ذلك الطريق دون وعي في سن مبكر جدا، كان أبي يكتب الشعر والمسرح لكنه لم يهتم بالنشر، ووالدتي خريجة دار العلوم ومدرسة اللغة العربية، جعلا اللغة وتجلياتها في الكتابة عضو مقيم في حياة ذلك البيت، فبدأتُ في كتابة أغنيات الأطفال ربما في التاسعة أو قبل ذلك، انهمكتُ في قراءة مكتبة أبي بشكل مبكر أيضا وكان لها أثر كبير في تكويني، أذكر بالأخص كتب يوسف إدريس ونجيب محفوظ والرافعي والمازني، كذلك كتابات مي زيادة وجبران،وغيرهم القائمة تطول، كذلك تأثرتُ بمترجمات الأدب العالمي بالطبع تشيكوف وتولوستوي وديستويفسكي وكذلك موباسان وهوجو وكافكا وغيرهم.
ـ بعد الطفرات الحاصلة في الداخل المصري والخارج العربي سردياً إبداعي، حدثينا عن موقفك ورؤيتك لمستقبل الكتابة والسرود الإبداعية؟
الكتابات الأدبية لم تكن يوما بعيدة أو مستجدة على العالم ، فمنطقة الخليج مثلاً والسعودية بوجه خاص حدث عندهم الكثير من الطفرات على مدار العقود الثلاثة الماضية .وهناك الكثير من الأسماء البارزة أذكر منها على سبيل المثال عبد الرحمن منيف، غازي القصيبي، رغدة عيد، إبراهيم الناصر وغيرهم، أما عن الشباب فهناك أسماء برزت ببصمات مميزة منها عبد الله ناصر، أثير النشيمي، رجاء الصانع وغيرهم، واللحظة الراهنة لحظة ألق وتنوير في منطقة الخليج والسعودية بوجه عام وفي مجال الإبداع الأدبي بوجه خاص، ومازال هناك الكثير من المتوقع في الشكل والمضمون عربيا ومصري، الظهور والتألق في مصر يملك الكثير من ماهيات وأشكال الكيف مع زيادة الكم ولذا فليترك هذا الأمر للنقد والزمن. المنطقة العربية تشهد انفتاح وفتوحات جمة على كل المواضيع، ثورات وحروب وفعاليات تحرر سياسي وغنى اقتصادي ونقيضة،صاروا لهم الدور في كل جديد ومغاير بل متخطيا المحظورات وخارج عن المألوف حتى الحرمان المادي والعاطفي والمعيشي، سيتجلى أـكثر وأكثرفي وقت قريب قادم ليضيف خارطة أكثر ثراءً لماهيات وأشكال الكتابة في الداخل والخارج.