جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

«الباروسيما».. كابوس تشوه حاسة الشم يلاحق المتعافين من كورونا

فقدان الشم
فقدان الشم

هل جربت أن يتساوى لديك رائحة عطر الياسمين مع شرائح البصل؟.. يختلطان عليك فلا تميز بينهما وتعرف ما يصل لأنفك يخص إياهما.. دعك من هذا، أمقبول لديك أن تتساوى رائحة الطعام الفاسد مع الصالح منه فلا تتعرف على جودة وصحة الطعام؟ وغيرها من المواقف السخيفة التي من الممكن الوقوع فيها لمجرد على تمييز شمها.

 

إن كان للأصابع بصمة تميز شخصًا عن آخر، فالرائحة هي بصمة تميز كل الأشياء والشخوص عن بعضها، وحينما بدأنا في التعرف على آثار فيروس كورونا المستجد كان من أسوئها فقدان حاستي الشم والتذوق، وهو ما يفقد الحياة معنها بالنسبة للمصاب خلال فترة العدوى، لكن هناك عدد من المصابين بعد التعافي ترك لديه الفيروس بعض الأعراض السيئة كتشوه حاسة الشم، أي عدم تمييز روائح الأشياء وهو  ما يعرف علميًا بالـ"الباروسيما".

 

استشاري أمراض جهاز تنفسي: يعيش متعافو الكورونا فترة في عالم نتن 

يذكر أن الدكتور محمود عبدالمجيد، استشاري أمراض الصدر والجهاز التنفسي، مدير مستشفى الصدر بالعباسية السابق، أن ظاهرة الباروسيما قد أصابت عددًا كبيرًا من متعافي كورونا، كأثر سلبي ألم بحواس المصاب بعد سلبية المسحة، فعُرف عن الفيروس أنه لا يغادر الجسم نهائيًا ويعاني على آثره فترة طويلة.

"الباروسيما" هي  خلل وظيفي في حاسة الشم، كما يعرفها "عبدالمجيد"، تنتج عن تلف الجيوب الأنفية وكانت نادرًا ما تصيب حالات الأنفلونزا الموسمية، لكنه لاحظها بوفرة على مرضى كورونا، ويعيش صاحبها مأساة حقيقية، حيث يتوهم أنه يشم روائح نتنة طوال الوقت كالأسماك النفقة أو البنزين أو الكبريت، ويعيش حالة دائمة من القلق لشعوره أن حوله تسرب غاز أو احتراق أسلاك كهربائية أو احتراق الطعام أثناء الطبخ.

 

متعافية كورونا: أعيش وسواسًا بسبب تشوه حاسة الشم 

سمر صالح، صاحبة الـ28 عامًا قد أصيبت بفيروس كورونا قبل شهر رمضان المبارك بيومين، وتمكنت من التعافي منها بعد نحو ثلاثة أسابيع، عانت خلالها من أعراض سيئة كفقدان التذوق والشم ونقص نسبة الأكسجين في الدم  والأسوء كان الالتهاب الرئوي الحاد؛ لذا عند سلبية المسحة شعرت بأنها عادت للحياة مرة أخرى، لكنها عانت من هلاوس شمية  كما تعرفها، فحتى الآن تعجز عن تمييز روائح الأشياء مما  أفقدها الرغبة في تناول الأطعمة والمشروبات، والأسوء كما تذكر هو ملازمة الروائح النتنة مجهولة  لأنفها.

تذكر أنها تعاني من وسواس قهري، فتشك دومًا أنها حولها خطب ما، إما حيوان ميت أو طعام فاسد، وعند استشارة الطبيب أخبرها أنها الباروسيما كأحد أعراض متلازمة ما بعد الكورونا.

 

استشاري مناعة: كورونا تؤذي الأعصاب لبعض المتعافين 

ومن هنا يشخص الدكتور أمجد حداد، استشاري أمراض الحساسية والمناعة ما حدث للمتعافية سمر، بأنه بسبب تأثر العصب الشمي، فمن المعروف أن هذا الفيروس له صلة بالأعصاب في الرأس، وعلى وجه الخصوص، بالعصب الذي يتحكم في حاسة الشم،  فيعطل الناقلات العصبية التي ترسل رسائل إلى الدماغ، مما يضيع روائح الأشياء ويشوهها، لافتًا إلى أن البعض أبلغ أيضًا عن هلوسات واضطرابات في النوم، وتغيرات في السمع.

 

الزيوت العطرية والنشادر تعيد الشم 

أما عن علاج "الباروسيما" يذكر الدكتور محمود عبدالمجيد أن الأطباء يعتمدون على عدة آليات  وأبرزها علاجات فيزيائية للأنف، وأيضًا من ضمن العلاجات المتبعة التدريب على الشم من خلال الطلب من المريض أن يشم روائح نفاذة معينة كل يوم ولمرات عديدة في اليوم، وبشكل دوائي كاستنشاق بعض الزيوت العطرية الورد والياسمين والقرنفل وذلك من أجل المساعدة على الشفاء السريع.