جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

معركة الضغط الدولي على الاحتلال الإسرائيلي.. خبراء: مصر تتصدر الموقف

الاعتداءات الإسرائيلية
الاعتداءات الإسرائيلية في فلسطين

يومًا تلو الآخر، تتصاعد نيران الحرب داخل الأراضي الفلسطينية وتلتهم ألسنتها مئات الأرواح من الأطفال الأبرياء لتسفك أنهارًا من الدماء بين حطام المنازل وأشلاء المدنيين، فعلى الرغم من الجهود الدولية لإيقاف الحرب في غزة، إلا أنها لم تتمكن من وقف نزيف الدماء الفلسطينية حتى الآن، وسط فشل مجلس الأمن في إصدار أي قرار لإدانة الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين.

وتتصدر مصر معركة الضغط الدولي لوقف إطلاق النار، بجانب عدد من الأطراف الأخرى، ومن بينها إعلان الخارجية الروسية استعدادها للوساطة، وضغوط الكونجرس الأمريكي على إدارة الرئيس جو بايدن، فضلًا عن مشروع القرار الفرنسي التونسي لإصدار قرار وقف إطلاق النار في مجلس الأمن، بينما يرى المراقبون أن هذه الجهود لا بد أن تكون فاعلة لإصدار قرار دولي بإدانة الانتهاكات الإسرائيلية ووقف عملياتها العسكرية في فلسطين، وهو ما تعمل الولايات المتحدة على تعطيله بزعم أن "إسرائيل تدافع عن نفسها".  

«عمليات الهجوم غير متكافئة»

وفي هذا الصدد، قال السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن الجهود الدولية التي تبذل حاليًا يمكن وضعها في اتجاهين عريضين، الأول تسهم فيه مصر والأردن وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والتي تطالب بقوة بضرورة الإسراع في وقف إطلاق النار نظرًا لعمليات الهجوم غير المتكافئة من جانب إسرائيل بقوة عسكرية ضاربة، ما يؤدي إلى سقوط ضحايا من المدنيين وتدمير البنية الأساسية والمباني السكنية وهو عمل يصنف كـ"جرائم حرب"، وبالتالي؛ فإن هذا الاتجاه الذي تدعمه أيضًا روسيا والصين، والذي بدأ بالاتصالات المباشرة وإرسال وفد إلى غزة ورام الله، إلا أن إسرائيل لم تتجاوب.

وأضاف «حسن»، في تصريح خاص لـ"الدستور"، أن الاتجاه الثاني يجاري وقف إطلاق النار ولكنه لا يدفع بقوة نحو ذلك وهو الاتجاه المتمثل في الولايات المتحدة الأمريكية التي ظلت تماطل في مجلس الأمن دون إصدار أي بيان حتى الآن، كما يتبع هذا الاتجاه مزاعم أن "إسرائيل تدافع عن نفسها" وهو أمر مثير للدهشة، إذ أن العملية بدأت بالإخلاء القسري في حي الشيخ جراح، وظلت تتصاعد حتى أدت إلى استفزاز الفلسطينيين.

وأشار مساعد وزير الخارجية الأسبق إلى أن أعضاء الكونجرس الأمريكي بعثوا رسالة إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن، طالبوا فيها بوقف القتال فورًا، ولكننا نسمع كلمة أن "إسرائيل تدافع عن نفسها".. ضد من؟.. ضد الشعب المحتل؟!

«التعطيل الأمريكي»

وفيما يخص المشروع الفرنسي التونسي في مجلس الأمن لاستصدار قرار بوقف إطلاق النار، أوضح السفير رخا أحمد حسن، أن الاعتراض الأمريكي يوقف أي مشروع، لافتًا إلى أن الولايات المتحدة تعمل على تعطيل قرار مجلس الأمن بحيث يتسم بنوع من الميوعة ولا يتناسب مع ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي.

وأردف أن واشنطن تسعى إلى أن تقترب من المساواة بين الطرفين بحيث تخفف صيغة قرار مجلس الأمن دون أن يحمل أي إدانة، ومن ناحية أخرى تمنح إسرائيل الفرصة لتحقق أهدافها في إطار موقف الاحتلال الممزق في الداخل، ومن ثم؛ فإن الإدارة الأمريكية تساعد بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الاحتلال لتحقيق مكاسبه.

«مصر تتصدر الموقف»

وذكر «حسن» أن الجمعية العامة للأمم المتحدة تنعقد اليوم في جلسة طارئة، وهناك اتجاه أن يتم وقف إطلاق النار غد الجمعة بعد أن حققت إسرائيل أهدافها في تدمير البنية الأساسية وأحدثت دمارًا كبيرًا في قطاع غزة وهو ما تعتبره إنجازًا.

وأكد أن مصر متصدرة الموقف بضرورة وقف القتال والعودة لمائدة المفاوضات لإقامة الدولة الفلسطينية عند حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية، فيما تدعم روسيا والصين الموقف المصري لضرورة وقف القتال والكل يطالب بذلك، لأن المناطق السكينة ليست ميدانًا للحرب. 

وحول الدور الروسي في الجهود الدولية لوقف إطلاق النار، قال مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن روسيا من القوى الكبرى وتدخلها قد يسهم في الضغط السياسي، ولكن رغم جميع المناشدات الدولية، إلا أن نتنياهو أكد أنه سيستمر حتى يحقق أغراضه.

ونوه السفير بأنه خلال فترة الـ11 يومًا الماضية، كانت من المرات القليلة التي نزل فيها الإسرائيليون في الخنادق لتجنب الصواريخ الموجهة إليهم حتى وإن كانت بدائية، ولكنهم شعروا أنه ما لم تُحل القضية الفلسطينية، فإنهم لن يعيشوا في أمان.

«فشل مجلس الأمن»

من جانبه، قال الدكتور مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، إنه من المفترض أن تكون هذه الضغوط فاعلة، إلا أن مجلس الأمن حتى هذا التاريخ فشل في إصدار بيان مرتبط بوقف إطلاق النار أو تهدئة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية رافضة صدور البيان تمامًا ومن ثم، فإن حجم الضغوط التي تمارس من الأطراف الدولية والإقليمية غير كافية.

وأضاف «غباشي» في تصريح خاص لـ"الدستور"، أن مصر تقوم بدور كبير في العالم العربي وهي موجودة على خط المواجهة منذ نشأة هذا الصراع، إلا أن الأطراف الدولية والإقليمية الأخرى، طالما لم تصل إلى مرحلة صدور قرار من مجلس الأمن ملزم بوقف إطلاق النار بين الجانبين ومنع الضربات الإسرائيلية الموجهة للأطفال والنساء وللبيوت والأبراج، فإننا لسنا أمام أطراف فاعلة على المستوى الدولي والإقليمي، بل ينتظر الجميع كلمة إسرائيل بأنها اكتفت وحققت أغراضها وبناءً عليه يُصدَر القرار.

وحول الدور الروسي، قال «غباشي»: إنه إذا أرادت روسيا أن تمارس ضغوط ترتقي إلى ضغوط فاعلة على الطرف الإسرائيلي حيث تربطها علاقات خاصة باسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، كما أنها من الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن ولها علاقات خاصة بالكثير من الأطراف المؤثرة وتستطيع فعل ذلك ولكن شرط هذه الضغوط أن تكون فاعلة.

«بنك أهداف إسرائيل»

وأوضح نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن اسرائيل حتى هذا التاريخ لا تريد وقف إطلاق النار وتتحدث أنها أمامها الكثير من الاجراءات و"بنك أهداف" تريد تنفيذه، وطالما ليس هناك وقف إطلاق النار ملزم خلال هذه الفترة فإن الكل سينتظر كلمة إسرائيل في النهاية.

وتعليقًا على خطوة الكونجرس الأمريكي تجاه الرئيس بايدن، أكد غباشي، أن هذه الخطوة تحرك المياه  الراكدة، إلا أن الولايات المتحدة أبرمت صفقة لأسلحة متطورة ثمنها 735 مليون دولار لتوريدها إلى إسرائيل في ظل هذه المعارك، وبالتالي، فإن الطرف الأمريكي يقف حائلًا أمام صدور أي بيان مرتبط بتوجيه اللوم للاحتلال.

وأشار «غباشي» إلى أن الطرف الأمريكي لا يقدر قيمة العلاقات التجارية والعسكرية والسياسية مع العالم العربي للأسف الشديد، مضيفًا: "نتمنى من الطرف الأمريكي تقدير جهود مصر".

«واشنطن حائط صد أمام الضغوط الدولية»

وذكر نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن هناك أطرافًا عربية على علاقة بإسرائيل، وهناك علاقات دبلوماسية بينهما إلا أن هذه العلاقات ليست مهددة وليس هناك تلويح بتجميدها أو تعليقها أو طرد سفراء.

وأكد «غباشي» أن الولايات المتحدة الأمريكية تتحدث في جانب، ولكن فعليًا هي تقف في جانب إسرائيل وتشجعها وتتحدث أن لها الحق في الدفاع عن نفسها، كما أن أمريكا تقف حائط صد أمام كل هذه الضغوط الدولية، وخلال الاجتماع الأول والثاني لمجلس الأمن لبحث الأمر كان هناك 14 دولة في مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية ولم يستطيعوا أن يفعلوا شيئًا.