جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

دراسة ترصد مخاطر الإخوان في ألمانيا وعلاقتهم بمنفذي أحداث 11 سبتمبر

أرشيفية
أرشيفية

رصدت دراسة صادرة عن المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب و الاستخبارات   مخاطر الجماعات “الجهادية” في ألمانيا.

ووفقا للدراسة، فإن السلفية الجهادية في ألمانيا من أخطر المدارس للفكر السلفي على عكس غالبية السلفيين، فهم لا يرفضون استخدام العنف، لكنهم يعتبرونه طريقة مشروعة لإدراك آرائهم، فهم لا ينظرون إلى الغرب على أنه عدوهم فحسب، بل ينظرون أيضًا إلى مسلمين آخرين لهم آراء مختلفة.

وارتكبت جميع الهجمات ومحاولات الهجمات ذات الدوافع الإرهابية في ألمانيا في السنوات الأخيرة من قبل أشخاص قاموا بالتطرف من خلال السلفية الجهادية، ينطبق هذا أيضًا على أنيس عمري، الذي ارتكب هجومًا على سوق عيد الميلاد عام 2016 في برلين، وتصنف أجهزة الاستخبارات الألمانية المتطرفين المفترض قيامهم بهجمات الإرهابية بأنهم خطرين أمنيا، أما المتطرفين ذوي الصلة فهم من يقدمون المساعدات اللوجيستية مثلا.

 بداية تنظيم الإخوان المسلمين في ألمانيا ومخاطره 

ترسخت جماعة الإخوان المسلمين في ألمانيا منذ الستينيات على يد “سعيد رمضان”، واستطاع رمضان تولي رئاسة “المركز الإسلامي” في ميونخ الذي لايزال المقر الرئيسي لتنظيم الإخوان، وتسيطر الجماعة على عدة مراكز إسلامية في فرانكفورت (ماين) وماربورج ونورمبرج وشتوتجارت وكولونيا ومونستر وبراونشفايج ومدن رئيسية أخرى، وتم إضفاء الطابع الرسمي على العلاقات الوثيقة بين فرعي الإخوان المصريين والسوريين في عام 1994 عندما قام أنصارهم بتأسيس المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا (Zentralrat der Muslime in Deutschland (ZMD)، المنظمة الجامعة للإخوان المسلمين في ألمانيا.

ويبلغ عدد قيادات تنظيم الإخوان في ألمانيا حوالي (1350) قياديا، وتصنف الاستخبارات الداخلية الألمانية تنظيم الإخوان المسلمين على أنه يشكل مصدرا لتهديد الديمقراطية في ألمانيا وأنها أخطر من تنظيم داعش.  

حيث تسعى جماعة الإخوان في ألمانيا إلى جذب أنصار جدد باستمرار عبر استهداف الجاليات المسلمة وتنظيم طرح قضايا جذابة ونشاطات اجتماعية للجاليات المسلمة.

ويمتلك تنظيم الإخوان المسلمين حضورا قويا وسط الجاليات المسلمة في ألمانيا  عبر المنظمات والجمعيات والمساجد التابعة لها. وتشير التقارير الاستخباراتية الألمانية إلى تحركات وأنشطة سرية للجماعات المتطرفة  كتنظيم الإخوان المسلمين والتي تهدف لتجنيد واستقطاب الشباب والأطفال وتغذية عقولهم بالأفكار المتطرفة.

انطلاق خلية هامبورج من ألمانيا وعلاقتها بأحداث 11 سبتمبر

وفقا للدراسة، فقد لعبت خلية هامبورغ شمال ألمانيا دورًا حاسمًا في الهجمات على الولايات المتحدة في عام 2001، حيث التقى بعض أعضاء الخلية أثناء دراستهم في إحدى الكليات الألمانية ومن أبرز أعضاء الخلية المصري محمد عطا الذي وصل إلى هامبورغ عام 1992، والإماراتي مروان الشحي، واللبناني زياد جراح والمغربيان سعيد بهاجي ومنير المتصدق. 

وتردد أعضاء الخلية بشكل متكررعلى مسجد القدس في “هامبورغ” والتقوا بالعديد من المتطرفين، من بينهم الداعية المتشدد “محمد الفزازي” وقبيل أحداث 11 سبتمبر2001.  وزار بعض أفراد المجموعة معسكرات تدريب القاعدة في أفغانستان. كان “عطا والشحي” هو من قاد الطائرات إلى كل من البرجين لمركز التجارة العالمي. في الولايات المتحدة الأمريكية.  شكل اكتشاف خلية “هامبورغ” صدمة للسلطات الألمانية، لأنهم عاشوا بشكل غير واضح كـ”خلايا نائمة” لفترة طويلة، بالرغم أن الاستخبارات الألمانية  كانت على علم بتطرف أعضاء “خلية هامبورج” دون معرفة  مستوى التهديد الحقيقي للخطر الذي كان يمثلونه.

 

 أبو ولاء العراقي ودوره في تطرف الشباب في ألمانيا

وفقا للدراسة، انتقل “أحمد عبد العزيز عبد الله” من العراق في عام 2000. واستقر مع عائلته في بلدة Tönisvorst في شمال الراين وستفاليا، أثبت نفسه كأكثر السلفيين الجهاديين نفوذاً في ألمانيا. ولقب بـ”أبو ولاء العراقي” وكذلك بـ”شيخ هيلدسهايم” و”الداعية الذي لا وجه”، خطب الداعية “أبو ولاء العراقي” في مسجد “Deutschsprachiger Islamkreis”بمدينة” Hildesheim ”  في ولاية سكسونيا السفلى.

وتحول المسجد لبؤرة التقاء السلفيين المتطرفين، ليس فقط من ولاية سكسونيا السفلى، بل من خارجها أيضاً ليصبح المسجد أحد مراكز المشهد السلفي الجهادي، ويعتقد أن حوالي (20) رجلاً ممن غادروا ألمانيا للانضمام إلى تنظيم داعش في العراق وسوريا قد تحولوا إلى التطرف عبر المسجد الذي كان يخطب فيه.

بايع “أبو ولاء” تنظيم داعش وقام بإنشاء شبكة لتجنيد مقاتلي داعش من الشبابا الألمان. وقام بتقديم  لمساعدة للمجندين مالياً ولوجستياً للسفر إلى مناطق الصراعات بسوريا والعراق. كان على اتصال بـ” أنيس عمري” منفذ هجوم سوق عيد الميلاد في برلين، وامتلك “أبو ولاء العراقي” حسابات على شبكات التواصل الاجتماعي كتطبيق” Telegram”و”Facebook” وبلغ عدد المعجبين بصفحته حوالي (25)ألف شخصا. وكان يبث أفكاره وخطبه على قناته الرسمية علي”YouTube” وكان في معظم فيديوهات الداعية لا يظهر وجهه. امتلك الداعية  “أبو ولاء العراقي” تطبيقا خاصا  باسمه “Abu Walaa” في “متجر أبل”، حيث كان بإمكان مستخدمي الهواتف الذكية من أنصاره تتبع نشاطاته.

وحكمت محكمة ألمانية في 21 فبراير الماضي  على الداعية العراقي “أبو ولاء” بالسجن عشر سنوات ونصف. وذلك بتهم تمويل ودعم الإرهاب والمساعدة في التخطيط والتحضير لهجمات إرهابية والانتماء إلى منظمة أجنبية إرهابية واستقطاب وتجنيد الشباب التجنيد للقتال في  مناطق الصراعات بسوريا والعراق.