جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

وائل لطفى يكتب: السيسى أول من طالب بتجديد الخطاب الدينى منذ 6 سنوات

يقول المثل الشائع.. أن تأتى متأخرًا خيرٌ من ألا تأتى، وقد جاء شيخ الأزهر متأخرًا.. والحقيقة أنه جاء متأخرًا جدًا.. لكن هذا فى كل الأحوال خير من ألا يأتى.. لقد قال فضيلة الإمام منذ أيام «إن الدعوة إلى تقديس التراث ومساواته بالشريعة تؤدى إلى جمود فى الفقه الإسلامى المعاصر، كما حدث فى عصرنا الحديث، نتيجة تمسك البعض بالتقليد الحرفى لما ورد من فتاوى أو أحكام فقهية قديمة، كانت تمثل تجديدًا أو مواكبة لقضاياها فى عصرها الذى قيلت فيه، لكنها لم تعد تفيد كثيرًا أو قليلًا فى مشكلات اليوم التى لا تشبه نظيرتها الماضية إلا فى مجرد الاسم والعنوان».

لقد كان هذا اعترافًا متأخرًا من شيخ الأزهر بضرورة التجديد.. وقد علق البعض على التوقيت الذى قال فيه الإمام الأكبر كلامه هذا.. وهل هى مجرد مصادفة أم أنه أمر متعمد.. وهل الحلقة التى قال فيها هذا الكلام من برنامجه «الكلام الطيب» مسجلة قبل شهر رمضان.. أم تم تسجيلها خصيصًا ليقول فيها الإمام الأكبر رسالته حول التجديد.. إن التجديد فى كل الأحوال أمر إيجابى.. ولكننا ونحن نراجع هذا الملف لا بد أن نرد الفضل لأهله.. لقد كان هناك من حمل على عاتقه طرح قضية التجديد بجرأة وشجاعة ولغة مستقيمة واضحة ولم يكن هذا الرجل سوى سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى طرح القضية منذ ست سنوات كاملة أو أزيد قليلًا.. 

لقد تحدث الرئيس السيسى عن الإصلاح فى احتفال المولد النبوى الذى وافق أول يناير ٢٠١٥.. وكانت وجهة نظره هى ضرورة الاجتهاد فى النصوص التى تقنع المسلمين بأنهم فى حالة حرب مع العالم.. وهى نصوص يستغلها التكفيريون فى إقناع الناس بأن قتل الآخرين هو تطبيق لآيات الجهاد.. كان رأى الرئيس السيسى أن الإشكالية لم تكن أبدًا فى العقيدة الإسلامية، ولكن فى الفكر الذى يتم ترويجه.. والذى يقنع المسلمين بأنهم فى حالة حرب دائمة مع العالم، أو «مع الـ٧ مليار غير المسلمين» على حد تعبير الرئيس.

لقد طرح الرئيس السيسى فكرة بالغة الأهمية، تدل على ثقافة عميقة، واجتهاد فى فهم علاقة الإسلام بالعالم.. واستخدم لغة عاطفية وهو يقول لعلماء الأزهر «سأحاجيكم يوم القيامة أمام الله سبحانه وتعالى».. نحن إذن أمام طرح مبكر لقضية بالغة الأهمية.. هذا الطرح تأخرت الاستجابة له ست سنوات كاملة دون مبرر.. وهو ما جعل الرئيس السيسى يعود مرة أخرى ليطرح القضية فى منتدى الشباب عام ٢٠١٨، فى جلسة حملت اسم «استراتيجية بناء الإنسان المصرى» ليكرر نفس الفكرة وهى سيادة الأفكار التى يستخدمها التكفيريون والتى تقنع الناس بأن الحرب هى الأساس، وأن السلام هو الاستثناء.

ويذكر علماء الدين أن اتجاه بعض الشباب للإلحاد هو نتيجة صدمتهم فى بعض الأفكار التى لم يتم تطويرها ولم يتم الاجتهاد فى فهمها.. لقد كانت هذه مجرد سياحة بسيطة فى الأرشيف القريب.. ترجع الفضل لأهله.. وتوجه التحية لرجل كان صاحب المبادرة فى طرح قضية جريئة بشجاعة وفهم ووضوح.. دون خوف من المزايدة أو سوء الفهم.. أو الاستغلال السياسى لقضية مهمة مثل هذه.. كان هذا نوعًا من إرجاع الفضل إلى أهله.. ونوعًا من التذكير.. لعل الذكرى تنفع المؤمنين.. أما مفهوم الإصلاح نفسه.. وكيف يتم تحقيقه، فهذا موضوع آخر نتحدث فيه غدًا.