جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

اليوم العالمى للعمال وجائحة كورونا

يحتفل العالم فى الأول من مايو كل عام بيوم العمال العالمى كيوم للتضامن مع الطبقة العاملة، وهو يوم عطلة رسمية فى معظم بلدان العالم. وليوم العمال حكاية بدأت مع بداية الثورة الصناعية فى بريطانيا، التى حوَّلت حياة العمال فى المصانع الكبيرة إلى جحيم حيث كانت ساعات العمل تتراوح بين 10 و16 ساعة يوميا بجانب استخدام عمالة الأطفال دون توافر للأمن الصناعى أو الصحى مع انتشار الأمراض والأوبئة بين العمال ومن هنا بدأت حركة عمالية واسعة لجعل يوم العمل 8 ساعات وذلك فى إبريل عام 1856 وبعد عشر سنوات تناولت رابطة العمل الدولية مطلب 8 ساعات عمل فى اليوم عام 1866 وذلك من أجل تحسين ظروف الطبقة العاملة. بعد ذلك قرر اتحاد النقابات العمالية فى شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية اعتبار 1 مايو 1886 يوم العمل قانونا 8 ساعات، وخرج فى هذا اليوم مظاهرة كبيرة من 80 ألف عامل واستمرت عدة أيام، وانضم لها أكثر من 400 ألف عامل هاجمتهم الشرطة وقتل عدد من العمال وأصيب أكثر من 200 بجروح بالغة وتم إلقاء القبض على عدد من العمال وحكم على 5 منهم بالإعدام بدعوى أنهم تسببوا فى أحداث العنف واتضح بعد ذلك براءتهم.
وفى ديسمبر 1888 قرر الاتحاد الأمريكى للعمل اعتبار الأول من مايو 1890 يوم العمل ب 8 ساعات. وبعد ذلك أقرت جمعية العمال الدولية إعلان الأول من مايو يوما يخرج فيه العمال للمطالبة بحقوقهم وبالعدالة فى أجورهم. 
ويجىء الاحتفال بعيد العمال هذا العام مع استمرار تفشى فيروس كورونا، واستمرار الإجراءات الاحترازية للتصدى للفيروس منها التباعد الاجتماعى وإغلاق عدد من المصانع والشركات والمحال التجارية والأسواق بجانب وقف السياحة والطيران فى العديد من الدول مما أدى إلى جلوس العمال فى بيوتهم وقطع ارزاق الكثيرين ممن يعملون باليومية فى قطاع العمالة غير المنتظمة وهم بالملايين، حيث أكدت منظمة العمل الدولية أن "وباء كورونا يهدد أرزاق 1,6 مليار عامل فى القطاع غير الرسمى أى نصف القوة العاملة فى العالم وقالت المنظمة إن هذا القطاع يتضرر بشدة بسبب إجراءات الإغلاق وأضافت بالنسبة لملايين العمال فإن عدم وجود دخل يعنى عدم وجود غذاء ولا أمن ولا مستقبل".
يجىء الاحتفال بعيد العمال هذا العام وسط توقع الخبراء الاقتصاديين باستمرارالركود الاقتصادى والأزمة الاقتصادية العالمية، وتشير بعض التقارير العالمية إلى مزيد من الإفقار للدول وانضمام 2 مليار لفقراء العالم الحاليين ومزيد من البطالة. وبين مطرقة الفيروس وسندان الفقر تحاول الدول الرأسمالية الكبرى المتوحشة (التى انكشف عجز معظمها وعجز أنظمتها الصحية عن مواجهة فيروس كورونا) تحاول سباق الزمن للحد من الأزمة يإعادة الحياة إلى طبيعتها تدريجيا رغم نقص الضمانات والمستلزمات الوقائية رافعة شعار الأرباح قبل الأرواح. 
كما يجىء الاحتفال وسط توزيع غير عادل للقاحات المضادة للفيروس بين الدول الغنية والدول النامية الفقيرة (منخفضة الدخل)، مع زيادة الدول الكبرى للانفاق العسكرى بالرغم من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لجائحة كورونا حيث نشر هذا الأسبوع معهد "استوكهولم الدولى لأبحاث السلام" تقريرا كشف فيه عن أن حجم الانفاق العسكرى العالمى واصل ارتفاعه فى عام 2020 رغم الجائحة ليصل إلى مايقرب من تريليونى دولار بنسبة 2،6 % على أساس سنوى فى وقت انخفض فيه إجمالى الناتج العالمى بنسبة 4،4 %.
يجىء عيد العمال هذا العام وعمال مصر يطالبون ونطالب معهم بسن قانون للعمل يحفظ للعمال حقوقهم فى عمل يوفر لهم الأمن والأمان وأجرا عادلا يكفى احتياجاتهم واحتياجات أسرهم الضرورية مع توفير ظروف عمل ملائمة وآمنة مع حماية العمالة غير المنتظمة وحماية العاملات فى المنازل. لذا نطالب بقانون يراعى المتغيرات فى سوق العمل وينهى اللبس بين إنهاء علاقة العمل والفصل التعسفى بالنص بوضوح على ذلك وإلغاء مادة إنهاء العمل رقم (124) فى القانون المزمع إصدارة فى الدورة البرلمانية الحالية والتى تمنح صاحب العمل الحق فى إنهاء علاقة العمل بشرط إخطار العامل قبل الانتهاء بشهرين.
تفعيل وتنفيذ قانون المنظمات النقابية من أجل تأسيس العمال لنقاباتهم المدافعة عن حقوقهم ومصالحهم من أجل النهوض بالعمل والإنتاج والمشاركة فى البناء والتقدم، مع تعديل قانون المنظمات النقابية 213 لعام 2017 والمعدل بالقانون 142 لعام 2019 بإزالة كل المواد التى تثير الالتباس مثل المادة (10) التى تعوق تأسيس اللجان النقابية ونطالب بتنفيذ القانون كما ورد دون إعطاء تعليمات شفوية مخالفة للقانون ومنها استلام أوراق تأسيس النقابة من قبل مديريات القوى العاملة دون تحرير محضر استلام للأوراق، كما لا بد من منح المتقدمين الخطابات اللازمة لممارسة عملهم النقابى. 
التاكيد على أن القطاع العام هو الحامى لبلدنا من العوز والحامى فى وقت الأزمات وأن الدول تنهض بالزراعة والصناعة، وحماية شركات قطاع الأعمال العام والحفاظ عليها والعمل على تطويرها بدلا من تصفيتها وتشريد العمال وحرمانهم من أبسط حقوقهم فى عمل يوفر الأمان الوظيفى والأجر العادل.
إصدار قانون خاص بحماية العاملات فى المنازل والتصديق على الاتفاقية الصادرة من الأمم المتحدة رقم (189) بخصوص حماية العاملات فى المنازل.
التصديق على الاتفاقية 190 لعام 2019 الصادرة من الأمم المتحدة لمنع العنف والتحرش داخل أماكن العمل.
التأكيد على تنفيذ وتفعيل ما جاء فى مواد الدستور من التزام النظام الاقتصادى اجتماعيا بضمان تكافؤ الفرص والتوزيع العادل لعوائد التنمية وتقليل الفوارق بين الدخول والالتزام بحد أدنى للأجور والمعاشات يضمن الحياة الكريمة وبحد أقصى فى أجهزة الدولة لكل من يعمل بأجر.
إن المحنة التى فرضها فيروس كورونا على شعبنا وشعوب العالم تقتضى تعاون وتشارك أجهزة الدولة والقوى الوطنية ومنظمات المجتمع المدنى ورجال الأعمال لدعم الفئات الأكثر تضررا وفى القلب منها العمال. وتقتضى الاعتماد على زيادة الإنتاج فى الصناعة والزراعة وزيادة ميزانية الصحة لمواجهة فيروس كورونا وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية.