جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

مكارم الأخلاق ومسائل العقيدة وتأصيل التصوف

مشيخة الطريقة القادرية البودشيشية تنظم الليلة الرقمية الـ48

جمال الدين البودشيشي
جمال الدين البودشيشي

تجدد اللقاء مع ليالي الوصال الرقمية «ذكر وفكر في زمن كورونا» التي تنظمها مشيخة الطريقة القادرية البودشيشية ومؤسسة الملتقى، بشراكة مع مؤسسة الجمال، من خلال تنظيم الليلة الرقمية الثامنة والأربعين التي بثت مباشرة عبر الصفحتين الرسميتين لمؤسسة الملتقى على موقعي التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"يوتيوب"، وساهم في تأثيث فقراتها، ثلة من العلماء والمثقفين والمنشدين، مع عرض أشرطة علمية وتوعوية متنوعة.


تم افتتاح هذا السمر الروحي ببث حصة من الذكر والقرآن الكريم مباشرة من الزاوية الأم بمذاغ، إقليم بركان (الجهة الشرقية بالمملكة المغربية)، اشتملت على قراءات جماعية لسورة "يس" وآيات اخرى من القران الكريم، اضافة الى ادعية وأذكار وصلوات على النبي بنية الفرج ورفع البلايا.


انطلقت  الأمسية الروحية بتلاوة عطرة لآيات بينات من الذكر الحكيم، بصوت المقرئ يحيى الحلاوي من المغرب، لتتلوها فقرة "مدخل للعقيدة الاسلامية" في جزئها الثاني، قدمها الدكتور سعيد بيهي، أستاذ التعليم العالي بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء ورئيس المجلس المحلي بالحي الحسني، ابرز من خلالها ان الجيل الأول من الصحابة رضي الله عنهم كانوا على عقيدة نقية صافية خالية من أية شوائب، ببركة صحبة النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وقرب العهد بزمانه، ولما فُطِروا عليه من سليقة تمكنّهم من الفهم بعد التلقي، مضيفا ان القرآن الكريم تنزل بلغتهم التي يفهمونها، مما جعلهم جميعاً على عقيدة واحدة لا يختلفون فيها، ثم جدّت بعد ذلك أمور اقتضت تدوين مسائل العقيدة في علم مستقل، وتضافرت على هذا جملة من العوامل الداخلية والخارجية، كما تطرق الى قضية المحكم والمتشابه في القران الكريم.

أما المداخلة العلمية الثانية فكانت باللغة الفرنسية، للدكتور رشيد حميمز، أستاذ التعليم العالي بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بعنوان :" قيم الادب في القران الكريم"، والتي تناول فيها أهمية الأدب وفضله في الإسلام، مبينا أنّ الإسلام قد وضع قواعد في التربية والتهذيب، ومبادئ للقيم والسلوك والأخلاق، ليقيم عليها مجتمعاً نقي السريرة، ، ذا أدبٍ وذوقٍ رفيع، كما ابرز التصوّر القرآني للأدب في التعامل مع الآخرين، معتبرا ان  حُسْنُ الخُلُق أصْلٌ في أدب التعامل، وتتفرع عنه سلوكيات كثيرة، وهو الأسلوب الذي يعود بانعكاسات إيجابية على العلاقات الإنسانية.

بعد ذلك تناول الدكتور منير القادري بودشيش مدير مؤسسة الملتقى ورئيس المركز الأورومتوسطي لدراسة الإسلام اليوم بالشرح والتحليل كلمة توجيهية تحت عنوان "مكارم الأخلاق و مقاصد العبادات بين الأثر و النظر"، شدد من خلالها على ان الدين وِحْدَةٌ متكاملة، يرتبط فيها جانب العبادات بجانب الاخلاق والسلوك في الحياة، منتقدا في الوقت نفسه، الفهم الخاطئ الذي يعتبر الأخلاق قضية كمالية أو ثانوية، وأكد أن تهميش أو إقصاء النماذج التربوية الحية أدى إلى هيمنة تصور خاطئ للدين و للأخلاق ينحصر في أداء شعائر العبادة دون استحضار مقاصدها، واختتم مداخلته بالتأكيد على أن التصوف (مقام الإحسان) هو تربية روحية أخلاقية، تسهم في توجيه الإنسان نحو طريق الهداية والرشاد، والسمو الأخلاقي، وأضاف أن هذه التربية تسهم في بناء قيم المواطنة الفعالة.

وارتباطا بالاستعداد لاستقبال شهر رمضان المعظم دعا الى استشعار أخلاق الصيام وثمراته ومقاصده لتصير سلوكا ومعاملة، أما مداخلته الثانية فكانت باللغة الفرنسية والتي القاها بمناسبة افتتاح نشاط رقمي نظمته عن بعد مؤسسة تجسير الثقافات « Bridging Spiritual Cultures »  بالمملكة المتحدة  يوم الجمعة 9 ابريل 2021، حملت عنوان : « la place du soufisme et ses valeurs d’éducation spirituelle dans la gestion des moments de crise ».  

فيما قدم الدكتور إسماعيل راضي، عميد كلية العلوم بوجدة، ورئيس مركز الإمام الجنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصة، مداخلة حول موضوع " نشأة علم التصوف"، بين من خلالها ان التصوف ليس امرا مستحدثا جديدا، ولكنه مأخوذ من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وحياة اصحابه الكرام، كما أكد انه مستقى من اصول الدين.

وبدوره قدم الدكتور علي زكي، فقرة "كلمة الطريقة" باللغة الانجليزية، حول موضوع " دور التصوف في بناء الانسان والمجتمعات''، كما شهدت فعاليات هذا السمر الروحي مشاركة الدكتور حسن التازي، الطبيب والجراح المغربي المشهور، والذي عمد من خلال مداخلته الى تقديم مجموعة من النصائح بخصوص الحملة الوطنية لتلقيح ضد فيروس كورونا المستجد.

وتخللت هذه الليلة الروحية وصلات من النغم والمديح الصوفي لمسمعين داخل المغرب وخارجه، ويتعلق الأمر بكل من حكيم خزران من المغرب، المجوعة الرسمية للطريقة القادرية البودشيشية ومجموعات السماع الخاصة بمدن الجديدة واكادير بالمغرب ومجموعة السماع بماليزيا، بالإضافة لمجموعة برعومات الطريقة بمداغ.

كما تم تقديم شهادات حية لمريدي الطريقة من خارج المغرب، الذين أبرزوا من خلالها الأثر الإيجابي للتربية الصوفية التي يتلقونها في الطريقة على حياتهم، ومن ضمنها شهادة كل من امة الله نتالي من فرنسا، والدكتور الغرابة اسكندر مختص في الرياضيات من باريس (فرنسا)، كما تم عرض شريط وثائقي حول اهمية التزكية في حياة الانسان.

واختتمت أطوار هذا السمر الروحي بفقرة "من كلام القوم"، خصصها الأستاذ إبراهيم بلمقدم، باحث ومؤطر بمركز أجيال التابع للرابطة المحمدية للعلماء، لعرض مختارات من كلام العالم الزاهد مالك بن دينار رحمه الله، مختتما كلمته برفع الدعاء الصالح للبلاد ولملكها ولسائر المسلمين والبشرية جمعاء.