جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

بالتفاصيل.. أسرار اختراق جماعات الإسلام السياسى والإخوان لدول الغرب

الإخوان
الإخوان

كشف الخبير الأمريكي سام ويستروب مدير منظمة "Islamist Watch"، أحد مشروعات منتدى الشرق الأوسط، النقاب عن الطرق التي حاولت بها جماعة الإخوان وجماعات الإسلام السياسي اختراق الغرب عن طريق المؤسسات الضخمة ومكاتب المحاماة والمكاتب الإدارية والشركات والجمعيات الخيرية، حيث كشف "ويستروب" النقاب عن محاولات هذه الجماعات المتطرفة في عمل شبكات متطرفة قانونية تماما (إلى جانب أسلحتها غير المشروعة لتمويل الإرهاب).

كيف اخترق الإخوان المجتمع البريطاني بالقانون؟

قال "ويستروب" في مقاله على منتدى الشرق الأوسط، إن شارع" ستور ستريت" الواقع في شرق لندن والذي يقع على بُعد مسافة قصيرة سيرًا على الأقدام من حديقة الملكة إليزابيث الأولمبية الضخمة، التي تم بناؤها لاستضافة لندن المظفرة لأولمبياد 2012، بات معقل لمقار وشركات وجمعيات تابعة لجماعة الإخوان وجماعات الإسلام السياسي، حيث تم دمج وإدارة عشرات الشركات والجمعيات الخيرية التي يسيطر عليها الممثلون البريطانيون لحركات تابعة للإخوان.

ووفقا لويستروب، من بين أمناء المنظمات المسجلة في شارع ستور ستريت "محمد صوالحة " ومحمد جميل هيرش وزاهر بيراوي وعصام مصطفى، مؤسس منظمة "إنتربال" الخيرية لتمويل الإرهاب في الولايات المتحدة.

وتابع ويستروب أن المنزل رقم 32 في الشارع المعني في لندن، يضم الممثلين لشركة "Sayam and Co"، وهي شركة محاسبة تخدم على ما يبدو المصالح الإرهابية من خلال استضافة وإدارة وحفظ الكتب لمجموعة كبيرة من الوكلاء المتطرفين بعد تجاهلها من قبل الحكومة البريطانية.

ووفقا لويستروب، فإنه في الغرب، دأبت الحكومات على التغاضي عن "طاقم الدعم" للحركات المتطرفة والجماعات الإرهابية، لافتًا إلى أن خطر جماعات الاسلام السياسي والإخوان في الغرب أنها تصدر نموذج معتدل ولها العديد من النشطاء وجماعات الضغط والمتحدثون والمساجد والجمعيات الخيرية وعن طريق هؤلاء تحاول هذه الجماعات فرض رؤيتها الإسلامية المتطرفة على الغرب.

ولكن بعيدا عن ممثلي جماعات الإسلام السياسي الذين يعملون في العلن أمام الجميع هناك فئة أخرى من رجال جماعات الإسلام السياسي تعمل في هدوء شديد وهم مجموعة من صفوة جماعات الإسلام السياسي والاخوان يعملون على صناعة المحامين المتطرفين والمحاسبين وجماعات الضغط ورجال الأعمال ولجان العمل السياسي والمؤسسات الخاصة وهم يعملون على دفع أجندات راديكالية من خلال (في الغالب) وسائل قانونية.

الإخوان وجماعات الإسلام السياسي تخترق أمريكا

وأوضح أنه في إلينوي، على سبيل المثال، تقوم شركة محاسبة واحدة "C&A Financial" بعمل الكتب ليس فقط لمؤسسة الفرقان، وهي منظمة سلفية ويعبر مسؤولوها عن خطاب متطرف عنيف، ولكن أيضًا لمركز "خليل" وهو المركز الذي يترأسه خليل دمير، وهو مسؤول سابق في جماعة مموّلة لتنظيم القاعدة.

وفي فيرجينيا الأمريكية، فإن شركة "Sterling Management Group" والتي تقع تحديدا في هيرندون بولاية فيرجينيا،هي الممثل القانوني للمنظمات الأعضاء في شبكة SAAR، وهي شبكة من المؤسسات الخيرية والشركات التي يتهمها المدعون الفيدراليون خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين لغسيل الأموال من أجل الإرهاب.

ومن المثير للاهتمام أكثر أن مجموعة إدارة ستيرلينج أعدت مؤخرًا الإقرارات الضريبية لعدد من المؤسسات الإسلامية الخاصة الأقل شهرة في جميع أنحاء البلاد، مثل مؤسسة عائلة خانديكار، التي تُظهر أوراقها المالية الأخيرة أنها سلمت لعشرات الآلاف من المؤسسات الإسلامية الخاصة أموال ضخمة لمجموعة متنوعة من الجمعيات الخيرية والمنظمات الاجتماعية الراديكالية، مثل الجماعة الإسلامية البنغلاديشية في أمريكا الشمالية المتطرفة، وهي الوكيل السيئ السمعة للحركة الإسلامية العنيفة في جنوب آسيا.

ولكن من بين مئات الشركات الأمريكية التي تعمل لصالح جماعات الإسلام السياسي مصطفى عفر وشركته "A&A Management"، التي تقع في ساوثفيلد بولاية ميشيجان الأمريكية، حيث تتولى الشركة الإقرارات الضريبية لأكثر من 30 مؤسسة إسلامية.

ومن بين الجمعيات الخيرية المتطرفة من بين عملاء "Afr"، بعضها مألوف بالفعل للمسؤولين الفيدراليين مثل جمعية الشباب المسلمين الأمريكيين (مايا)، حيث ذكر مكتب التحقيقات الفدرالي أن (مايا) "لعبت أدوارًا محورية في بناء البنية التحتية لجماعة ارهابية في الولايات المتحدة".

وأكد الباحث أنه في عام 1995، تمت دعوة الشيخ محمد صيام لإلقاء كلمة في مؤتمر مايا، حيث قال وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز، للحشد: "اقتلوا أعدائكم لا سلام أبدًا"، وهناك جمعية خيرية إسلامية بارزة أخرى يمثلها شركة مصطفى عفر "LIFE" لايف للإغاثة والتنمية، وفي عام 2006 داهم عملاء "FBI" مكاتب "LIFE" القريبة ومنازل مسؤوليها، حيث كشفت حملة المداهمات عن تورط المؤسسة في تمويل أعمال إرهابية، كما تم سجن أحد مسؤولي المؤسسة وتم تغريم المؤسسة الخيرية نفسها بمبلغ 780،000 دولار، ولكن اليوم، يشارك رئيسها التنفيذي الحالي "هاني صقر" مواد متطرفة على وسائل التواصل الاجتماعي تدعم جماعة الإخوان المسلمين المصرية بشكل علني.

وتابع ويستروب لقد أنشأ "عفر" بنكه الإسلامي الخاص، بالإضافة إلى أربع مدارس مستأجرة، وكلها مدعومة من قبل دافعي الضرائب، وكرجل ثري أسس أيضًا مؤسسته الخيرية لتقديم المنح مؤسسة "AFR".

وأضاف ويستروب: "أن خطر المحاسبين مثل عفر يذهب إلى أبعد من راديكاليته الشخصية، لأنه على مدى السنوات العشر الماضية، كشفت الإقرارات الضريبية الخاصة به عن توزيع أكثر من 20 مليون دولار، عبر أكثر من 3400 منحة، إلى أكثر من 700 مؤسسة - بمبالغ ضخمة تنتهي في جيوب الجماعات المتطرفة".

على سبيل المثال، سلمت إحدى وثلاثون مؤسسة من مؤسسات "Afr "ما مجموعه 600000 دولار تقريبًا إلى منظمة الإغاثة الإسلامية بالولايات المتحدة، وهي فرع من فروع منظمة إسلامية عالمية نددت بها مؤخرًا وزارة الخارجية الأمريكية وعدد من الحكومات الأوروبية بسبب عنصريتها.

كما تم الإبلاغ عن مبالغ إضافية ضخمة من الأموال للمؤسسات السلفية المتشددة، إلى جانب عشرات الآلاف من الدولارات للجماعات والجمعيات الخيرية المتهمين منذ فترة طويلة بالارتباط بجماعة الإخوان المسلمين بما في ذلك الفروع المتعددة للجماعة في مصر.

وأضاف ويستروب: لا يمكن تعقب مبالغ كبيرة من الأموال الصادرة على الإطلاق، على سبيل المثال، أفاد أحد عملاء "Afr" بتحويل أكثر من 300000 دولار إلى "جمعية الشريعة" في مصر، دون تقديم تفاصيل أخرى وفي الوقت نفسه، أفادت مؤسسة "Afr" الشخصية لتقديم المنح بتقديم مبالغ سنوية كبيرة لمنظمة لا يوجد سجل عام لها.

وتابع: كما تم تقديم أكثر من 400 ألف دولار لجمعية المبرات الخيرية، الذراع الأمريكية لجمعية خيرية لبنانية مفترضة لمنظمة حزب الله الإرهابية. وبالمثل، كما تم توزيع ما يقرب من 100000 دولار على المؤسسات التي تدعم النظام الإيراني بشكل علني، مثل بيت الحكمة الإسلامي في ديربورن والمركز الإسلامي في أمريكا، والتي ارتبطت منذ فترة طويلة بمسؤولين كبار في النظام الإيراني.

واستكمل: كما تلقت مؤسسة العدالة والتنمية ومقرها ميشيجان أكثر من 100000 دولار من مؤسسات منح Afr، فقط لتوزيع أموالها كل عام بشكل حصري تقريبًا إلى Mercy Without Limits، وهي مؤسسة خيرية مقرها كانساس وكان مسؤولوها أعضاء بارزين في جماعة الإخوان. وبعد الحادي عشر من سبتمبر، كانت هناك جهود متضافرة لبعض الوقت لتدمير مثل هذه الشبكات ففي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أجرت الحكومة الفيدرالية تحقيقات واسعة النطاق لإنفاذ القانون ومحاكمات رائدة تستهدف الممولين والعاملين الداعمين لهم، وربما حقتت بعض الجهود نجاحات سفرت عن محاكمة مؤسسة الأرض المقدسة لعام 2007 على سبيل المثال.

ولكن وفقا لويستروب، فقد تلاشت هذه الحماسة، حيث تم اسقاط عدد من التحقيقات المهمة والحيوية في عهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وكان هناك تحول واضح في التركيز بعيدًا عن مشاكل تمويل الإرهاب والبنية التحتية الداعمة له، ولم تفعل إدارة ترامب - التي كان سجلها في مسألة دعم جماعات الإسلام السياسي سيئًا بشكل مدهش- القليل لإحياء جهود عهد بوش لملاحقة البنية التحتية لجماعات الإسلام السياسي وعلى الرغم من وعد المرشح ترامب في عام 2016 بأنه سيوقف دعم شبكات الإسلام الراديكالي فإنه لم يفعل شيئا كما لا تُظهر إدارة بايدن اهتمامًا يُذكر بموضوع الإسلام السياسي على الإطلاق.

وأوضح ويستروب، أنه وسط هذا التجاهل، سوف تزدهر جماعة الإخوان وجماعات الإسلام السياسي في أمريكا وسيقوم جيل جديد من "طاقم الدعم" الإسلامي بإعادة بناء البنية التحتية المالية واللوجستية والقانونية التي تستخدمها الحركات المتطرفة العاملة في جميع أنحاء العالم لتعزيز أجندتها وتأثيرها.