جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

«يا صالح أفندي».. حكاية موسيقار الأجيال مع صاحب «ليه يا بنفسج»

عبد الوهاب
عبد الوهاب

في حي باب الشعرية بوسط العاصمة فكانت هناك أسرة لشيخ معمم اسمه الشيخ عبد الوهاب عيسى كانت تجلس فى قلق، وتوتر، وازعاج، مستمر جراء ممارسات طفلها الصغير محمد الذى ولد قبل سنوات الوباء، وقبل توقيع اتفاقية أديس أبابا التى وقُعت فى 15 مايو عام 1902 التى تلزم إمبراطور إثيوبيا( منليك الثانى) بعدم بناء أى أعمال - سدود - على منابع النيل.

الطفل محمد ولد - حسب بعض المصادر عام 1901 عليه هو يوم ميلاده 13 مارس. هذا الطفل عندنا كبر بعض الشئ، لاحظت أسرته هوسه بالأناشيد، والتواشيح، وحلقات الذكر، والطرب، والموسيقى حتى أنه عاد هذه الليلة مصابًا بجرح قطعى فى رأسه، لأنه تعليق بعربة حنطور كان يركبها الصييت (صالح عبد الحى) وهو يجرى خلفه راغبًا فى الوصول إليه، والسلام عليه من شدة إعجابه بصوته. الآن الحنطور يسير ببطء.. يسير بسرعة.. الأطفال يجرون ويهتفون: "الشيخ صالح.. الشيخ صالح.. صالح..صالح..الشيخ صالح"!!.

والطفل محمد يسبقهم ويجرى خلفه.. مناديًا بصوته الرفيع:"يا صالح أفندى.. يا صالح.. بيه.. يا صالح باشا.. ادينى إيديك أبوسها" ولكن الصيت(صالح عبد الحى) لا يلتفت لهؤلاء الأطفال ولا لهذا الطفل الذى أصبح بعد سنوات هو المطرب والملحن الشهير محمد عبدالوهاب! الحوذى الجالس بجواره يسرع بالحنطور. والطفل معلق بذراعه فى الخلف حتى سقط على الأرض، فجرحت جبهته وسال منها الدم.

والآن عاد للبيت! الأب يجلس مع زوجته الست فاطمة حجازى وبجواره ابنه الأكبر الشيخ حسن. ومحمد جالس فى صمت، يداوي حزنه وفشله فى عدم الوصول إلى مطربة المفضل (صالح عبد الحى). آذان العصر ارتفع فى مسجد الشعرانى، فغادر الشيخ عبد الوهاب وابنه حسن للصلاة.

الأم قامت تبحث عن وسيلة لعلاج محمد المسكون بشيطان المغني والموسيقى منذ مولده. بدأت الأم ـ وهى تضمد جراحه ـ تبتسم وهى تتذكر ما حدث له عندما كان عمره لا يتعدى أعوام قليلة.

لم يحدث مع أى من الأولاد من قبل. والحل؟ هى تسأل؟

حقيقة لم تفلح الأم في علاج ابنها من شيطان الموسيقى، فقد تعلق الطفل بها أكثر وأكثر، ليصبح بعد سنوات قليلة واحد من أشهر الموسيقيين في التاريخ أصحاب البصمة والتأثير، وذلك حسبما ذكر الكاتب الصحفي محمود عوض في كتابه "عبدالوهاب الذي لا يعرفه أحد".