جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

«الفتى الذي انتظرته السينما».. محطات صنعت نجومية أحمد السقا

أحمد السقا
أحمد السقا

كانت نشأته وإن بدت رحلة شخصية لتحقيق الذات لكنها فرع يمتد من الشجرة الأم، شجرة الجيل الكامل والتي كانت أفرعها أحمد السقا ومحمد هنيدي وعلاء ولي الدين وأحمد آدم وغيرهم، ووجد كل فرع طريقه ليشقه في هدوء وروية ويعلن عن نفسه.

بداية السقا

كانت بداية السقا تلفزبونيا في عدد من المسلسلات قبل الاتجاه للبطولة المطلقة في الافلام السينمائية، شارك في "نصف ربيع الآخر، ورد قلبي، وترويض الشرسة"، والتي عرفه الجمهور من خلالها، واتجه السقا للسينما في فيلم "هارمونيكا"، مع محمود عبد العزيز وإلهام شاهين، وعلى الرغم من أن الفيلم لم يحقق النجاح الجماهيري المنشود لكن السقا قدم أوراق اعتماده في السينما المصرية، وانفتح الباب بقوة وعلى مصراعيه فشارك السقا في أفلام "صعيدي في الجماعة الأمريكية وهمام في أمستردام، وشورت وفانلة وكاب"، التي حققت الشهرة والنجاح له.

وشارك السقا في مسرحيات "ألابندة وعفروتو" وأثبت أنه نجم متعدد المواهب، وقد قال السقا في حوار نشر عام 200 مع جريدة "الحياة": "لا أدعي أن هناك تخطيطا ولكن مجموعة من المصادفات السعيدة والتوفيق الرباني ثم الاجتهاد الإنساني وكذلك قبول الجماهير لأحمد السقا وكل هذه العوامل ولدت هذا النجاح.

الاعتراف بالفضل

دان أحمد السقا بالفضل للأجيال السابقة التي ولدت السينما على أيديها ولم يستنكر مثل غيره أن يكون له أساتذة، وكان هذا الاعتراف هو ذلك الخيط الرفيع الذي يربط ما بين الثقة والغرور، فكان يعرف تماما أن الفضل لهؤلاء الذين سار على نهجهم واتبع خطواتهم، يقول السقا ردا على سؤال هل أنتم جيل بلا أساتذة بقوله:" أتحداك أن يقول أحد مهما بلغت نجوميته أو شهرته إننا جيل بلا أساتذة، وأتحدى للمرة الثانية، هذه عبارة تتردد لتكون هناك وقيعة ما بين النجوم، ونحن لن نترك ذلك يحدث، والدليل أن جيلنا كله يعترف بأن عادل إمام نجم الكوميديا والاستاذ الذي لا ينكر أحد أستاذيته في هذا المجال، وأن الموهوب أحمد زكي ممثل وفنان من عيار ثقيل جدا، وأن هناك نور الشريف ومحمود عبد العزيز وغيرهم، جيل عريض سبقنا وقدم ما لم نقدمه نحن حتى الآن، يكفي أن نشاهد بتوع الأتوبيس والبرئ وأرض الخوف والعار واللعب مع الكبار والمنسي ومئات ومئات من الأفلام التي تعلمنا منها حب السينما والفن والتمثيل فكيف نكون جيلا بلا أساتذة، هذا قول لا أستطيع أن أتبناه".

هذا الجيل سوف يكمل المسيرة

في البداية قال النقاد أن هذا الجيل لن يكمل وسوف يموت تباعا وكان رد السقا على هذا الأمر: "لا أرد عادة على هذه الكتابات ولكن أقول حرام عليكم ما تفعلونه بجيل الشباب، ولماذا هذه الحملات الضارية علينا، فـ"الواد بلية ودماغه العالية" مثلا تعرض لهجوم شرس، وكذلك الناظر لعلاء وشورت وفانلة وكاب، هناك بعض النقاد والصحفيين أعطوا هذا الجيل حقه والبعض يريد أن ننتهي، لماذا حقيقة لا أعرف، ولكن أقول أن هذا الجيل مستمر بفضل ربنا سبحانه وتعالى، ثم بفضل الجمهور الجميل الذي أحب هنيدي وعلاء والسقا وآدم وبقية الجيل، فكيف يموت فنان يجبه الجمهور، ولنتذكر دائما أن فنانا كبيرا من طينة عادل امام تعرض لحملات تموت محافظة، لنه استمر وكذلك أحمد زكي فكيف يقتلون جيلا بأكمله، أظن أنهم ليسوا قادرين على ذلك".

علاقته بأبناء جيله

كانت علاقة أحمد السقا كما شرح في حواراته التي أجراها منذ عام 2000 وحتى الآن بأبناء جيله قوية جدا، وكان يرى أن التكافل والتعاون والتغير في الأداء يضمن رؤية سينمائية جيدة وشاملة، وأن تكاتف الكل يضمن رفعة المستوى وجودته ليس فقط للفنان ولكن للسينما ككل، يقول السقا في أحد حواراته:" نحلم أن نقدم سينما جميلة، نحن جيل واحد بحلم واحد، ونتمنى الخير لبعضنا، بدليل أنني كنت عند نجاح علاء ولي الدين في فيلم الناظر أول المهنئين، وعند نجاحي اتصل بي علاء ولي الدين وأحمد آدم وأشرف وطبعا صديقي شريف منير وأؤكد نحن جيل متفاهم وأحلامنا سينمائية في المقام الأول والمهم لدينا هو إسعاد الجمهور وهذا مؤشر جيد إلى أننا مقبلون على تثبيت حضورنا واكتساب جمهورنا الخاص.

اتجاه السقا

كان أحمد السقا ينتقي أدواره بعناية وحرفية من يفهم تماما إمكانياته وقدراته وكيفية توظيفها، كان يعي تماما أين يضع قدمه ودائما ما تكون الأرض صلبة لا تميد، وأدرك النقاد هذا فكتب عنه طارق الشناوي مقال نشر عام 2009 تحت عنوان" السقا.. الفتى الذي انتظرته السينما المصرية"، وبدأ مقاله بقوله: "عندما تجتمع الموهبة مع الحضور مع اللياقة البدنية فإننا ولا شك نتحدث عن أحمد السقا، الذي حقق في غضون سنوات قلال قفزة جماهيرية كبيرة ونادرة التكرار. وكتب عنه الناقد الكبير رفيق الصبان عام 2004 تحت عنوان" أحمد السقا يحلق منفردا في سماء سينما الاكشن"، والكثير والكثير مما يثبت أن السقا كان يعرف تماما أين يضع قدمه.

بين السقا الابن والسقا الأب

هناك الكثير من المشتركات بين الأبن أحمد السقا والأب صلاح السقا، يقول أحمد السقا في حوار للوفد نشر عام 2015:" كل شىء جميل ورائع فى حياتى والدى رحمه الله هو صاحب الفضل فيها بعد الله سبحانه وتعالى.. تعلمت منه أشياء كثيرة.. بالمناسبة هناك من يعتقد اننى عصبى والحقيقة عكس ذلك فقد تعلمت من والدى رحمه الله أن أتحلى بالصبر وان يكون بالى طويلًا جدًا.. وتعلمت منه أيضا التسامح ولكن بدون ان أعود مكسور النفس أو مقهورًا.. لا أبالغ اذا قلت ان رحيل والدى قسمنى نصفين.. مهما تكلمت ومهما تحدثت من المستحيل ان أعطيه قدره.

الاعتماد على الذات

يكره أحمد السقا فكرة الدوبلير ويقوم بكل أدواره بنفسه بما فيها الحركات الخطرة وغيرها، وكان هذا سببا لأن يصاب بشظية في عينه في فيلم الجزيرة، وكسرت قدمه أثناء قيامه باحد الإعلانات وكانت هناك قفزة أداها بنفسه فجزعت قدمه، وكل هذا كان لأن السقا يؤمن تماما أن الفنان مهيأ لكل شئ، وسار في هذا على خطى العبقري أحمد زكي وحتما سيكون علامة من علامات السينما كما أصبح احمد زكي.

كيف فض السقا اعتصام طلبة أكاديمية الفنون

كان السقا يحضر حفل تكريم يحيى الفخراني في أكاديمية الفنون وفوجئ بطلاب الأكاديمية يرفعون لافتة تبين اعتصامهم لفتح المسرح خاصة وأنهم مقبلون على الامتحانات، وقام أحد المعتصمين من الطلاب بالزعيق في وجه السقا فخلع الأخير بدلته صارخا:"أنا السقا يالا"، وقام باقي الطلاب بتهدئته وتفهم مطالبهم وصعد إلى مكتب العميد وتواصل معهم وقام بحل المشكلة بالكامل، وبعد نزوله كان الطلاب قد رفعوا لافتة كبيرة كتبوا عليها "إحنا آسفين يا سقا".

وحيدا في عزاء محمد أبو الوفا

من المواقف التي حفظها جمهور السقا إنسانيته وأخلاقه العالية التي ثبتت بالموقف وليس بالقول، ومنهم موقف وفاة الفنان محمد أبو الوفا، والذي قام معه بدور "الريس جمعة" في فيلم الجزيرة، فحين توفى محمد أبو الوفا كان العزاء بمسقط رأسه بمحافظة الفيوم، وسافر السقا إلى العزاء وتلقى العزاء في الفنان الراحل مع أهله وذويه، وكانت لفتة إنسانية كبيرة من أحمد السقا والذي عرف بمثل هذه المواقف.