جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

بيع الهواء.. الدولة تواجه سماسرة السوق السوداء لـ«الأكسجين»

الأكسجين
الأكسجين

استغل الأشخاص معدومو الضمير جائحة فيروس كورونا المستجد لتحقيق مكاسب شخصية، دون مراعاة خطورة الأزمة التي هددت حياة المواطنيين على مستوى دول العالم، إذ سيطر سماسرة على السوق الموازي للأدوات الطبية وضاعفوا أسعار المستلزمات غير مبالين بحياة وأروح الأشخاص.

ظهر ذلك واضحًا خلال تفشي الموجتين الأولى والثانية من فيروس كورونا، بعدما سيطر السماسرة على بيع المستلزمات الطبية وخلق سوق لتحقيق أرباح شخصية، مسببين بذلك أزمة واضحة ونقص في أنابيب الأكسجين التي تضاعف سعرها الحقيقي إلى 4 مرات لاستغلال مرضى العزل المنزلي.

وفي سياق متصل شدد الدكتور مصطفى مدبولي على ضرورة التأكد من توافر المستلزمات الطبية وإمدادات الأكسجين بجميع المستشفيات وعدم السماح أو التلاعب في أسعارها، مع استمرار تطبيق الإجراءات الاحترازية بشكل حاسم، وعدم التهاون حرصا على سلامة وصحة المواطنين.

وعلى صعيد آخر أوضحت هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان، أن الوزارة تعمل على توفير مخزون استراتيجى من الأكسجين بنحو 2.7 مليون لتر، فيما تُكثف الاستعدادات لمواجهة أية طوارئ في الفترة المقبلة لاسيما في شهر رمضان.

في منتصف الشهر الماضي ضبطت مباحث القليوبية عدد من السماسرة بقرية مشتهر دائرة مركز طوخ، الذي يخزنون كميات كبيرة من أسطوانات الأكسجين لبيعها بالسوق السوداء والاستفادة من فارق السعر، مستغلين الظروف الراهنة من انتشار فيروس كورونا، وتم تسليم الاسطوانات المضبوطة والتي بلغت 50 أسطوانة أكسجين إلى مستشفى حميات بنها.

طاف محمد جلال، شاب عشريني، على المستشفيات من أجل توفير اسطوانة أكسجين لوالده الذي تجاوز الخمسين من عمره، وذلك بعدما أصيب بفيروس كورونا المستجد خلال الموجة الثانية من الجائحة.

يقول "جلال" في حديثه مع "الدستور" أن حالة والده تدهورت سريعًأ وفي خلال بضعة أيام فقط، إذ انتابته نوبات ضيق تنفس حاد بعدما قل معدل الأكسجين في الدم، موضحًا أنه لجأ إلى مواقع التواصل الاجتماعي لتوفير انبوبة اكسجين لوالده.

بعد التصفح على إعلانات موقع فيس بوك تواصل "جلال" مع أحد السماسرة الذي عرضوا عليه انبوبة أكسجين سعة 40 لتر بمبلغ وص حينها إلى 4 آلاف جنيه، حاول "جلال" أ، يخفض من السعر إلا أن السمسار رفض، وفي الأخير اشترى "جلال" الأسطوانة لإنقاذ حياة والده.

لم يكن "جلال" الضحية الوحيدة لاستغلال السماسرة الأزمات ورفع أسعار أنابيب الأكسجين بالسوق السوداء وبيعها بعيدًا عن أعين الرقابة، إذ حاول سعد عبد الله، موظف أربعيني، إنقاذ حياة زوجته التي عُزلت منزليًا بعدما جاءت نتيجة مسحة كورونا إيجابية.

كان "عبد الله" يداوم على التواصل مع الطبيب الخاص لمتابعة حالة زوجته أولًا بأول، إلا أنها بدأت تدريجيًأ الشعور بصعوبة في التنفس كونها تعاني من أحد الأمراض المزمنة التي ضعفت من قدرة الجهاز المناعي لديها على مواجهة الفيروس، بحسب تشخيص الطبيب وحديث زوجها.

أظهرت نتائج تحاليل "زوجة عبدالله" نقص حاد في معدل الأكسجين بالدم ليطلب منه الطبيب على الفور احتياجها إلى التنفس الصناعي، الأمر الذي جعل "عبدالله" يلجأ إلى السوق السوداء لسرعة توفير أنبوب غاز أكسجين.

يضيف عبد الله: " وصلت لشخص يقدر يوفرلي اسطوانات اكسجين، كان سعرهم غالي جدا طبعا، بس مكنش قدامي اي حل تاني فا قررت اني اشتري اسطوانتين كل واحدة 7 لتر وكان سعر الاسطوانة حوالي 2000 جنيه، كان المهم عندي اني الاقي حل اقدر احافظ بيه على زوجتي وبيتي".

من جهته أوضح محمد إسماعيل عبده، رئيس شعبة المستلزمات الطبية بالغرف التجارية، أن هيئة الدواء المصرية هي المسئولة عن توفير المستلزمات والأدوات الطبية بالتنسيق مع الجهات المعنية، وما دون ذلك يعد سوق سوداء والذي يستغلها السماسرة والأشخاص في ظل الأزمات.

وأشار رئيس شعبة المستلزمات الطبية إلى أن ارتفع سعر انابيب الأكسجين بسبب عدة عوامل قيام أشخاص ببيع الأكسجين ومضاعفة أسعاره، فضلًا عن شراء المواطنين اسطوانات من الغاز الأكسجين وتخزينها منزليًا خوفًا من الإصابة بفيروس كورونا والتعرض لمثل هذه الأزمات.