جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

بدون أيدولوجية.. لماذا لم ينجح معارضو نتنياهو في إسقاطه؟

نتنياهو
نتنياهو

لأول مرة في تاريخ الحكومات الإسرائيلية يكون رئيس الحكومة هو مركز الحملات الانتخابية، التي ترتكز على شخصه أكثر مما ترتكز على الأجندات والبرامج الحزبية.

في المشهد السياسي الإسرائيلي هناك كتلتين تشكلا حول موافقهما من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وهما: "مع بيبي" أو "ضد بيبي"، الكتلة الأولى تضم الأحزاب المتدينة مثل "شاس ويهوديت هتوراه"، وتضم أحزاب اليمين "الصهيونية الدينية" و "القوة اليهودية".

وحزب "البيت اليهودي" الذي أعلن انسحابه من الانتخابات كي لا تنقسم اصوات اليمين، وهناك حزب نفتالي بينيت "يمينا"، الذي ليس واضحاً ما إذا كان مع نتنياهو أم ضده.

هناك أحزاب يمينية ولكنها ضد نتنياهو، مثل حزب الأمل الجديد لجدعون ساعر (المنشق من حزب الليكود)، وحزب إسرائيل بيتنا برئاسة "أفيجدور ليبرمان" والذي يصنف يمين وسط، ويهتم بشكل خاص باليهود الروس والمهاجرين الجدد ويعارض المتدينيين بشدة.

أما كتلة "ضد بيبي"، تتألف من أحزاب الوسط واليسار، وتضم حزب "يوجد مستقبل" ليائير لابيد، وحزب أزرق أبيض برئاسة بيني جانتس، وحزب العمل برئاسة ميراف ميخائيلي، والقائمة المشتركة برئاسة أيمن عودة.

معارضو نتنياهو من اليمين وهم (بينيت وساعر وليبرمان)، لم يتحدثوا في أي يوم عن تهم الفساد، مواقفهم من النيابة العامة والجهاز القضائي لا تقل عداء عن موقف نتنياهو، هم غاضبون من نتنياهو بسبب شخصيته وقوته، ولأنه قطع عليهم الطريق للوصول إلى القمة، فهم ليسوا ضده بسبب مواقفه أو سياساته. هم يبحثون عن الثأر، وكما يبدو أن الجمهور الإسرائيلي اليميني فهم هذا، ولهذا ينجذب بقوه نحو نتنياهو الذي حصل في الاستطلاعات الأخيرة على 30 مقعد.

معارضو نتنياهو من اليسار، لديهم انشقاقات وأزمات أيدولوجية جوهرية، منعتهم من التكتل في كتلة واحدة ضده، ليس هذا فقط، بل إن معظم القائمين على الأحزاب وسط يسار فعلياً لا يعارضوا مواقف نتنياهو السياسية.

فمثلاً رون خولدائي رئيس حزب الإسرائيليون (الذي انسحب مؤخراً) لاتوجد لديه مشكلة مع سياسة نتنياهو الخارجية والامنية، أو مع سياسته الاقتصادية، وكذلك "يائير لابيد".

خولدائي ولابيد وغيرهم من اليسار يركزوا انتقادهم على فساد نتنياهو، ولكنهما لا يطرحان أي بديل حقيقي للطريقة التي قاد إسرائيل بها.

بالنسبة للجمهور، فإن نتنياهو يؤيده اليمين، واليساريون الذين لم يجدوا أحزاب تلائمهم، فهو بالنسبة لهم نجح في أن يوحد العلامتين التجاريتين، فسياسته أوقفت حروب لا داعي لها، بنى مستوطنات أقل من أي رئيس وزراء يساري آخر، وامتنع عن ضم المستوطنات وغور الأردن في اللحظة الحاسمة، ووقع اتفاقات سلام مع دول عربية.