جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

آخر راوي للسيرة الهلالية: لتصبح مطربا عليك بسماع القرآن

جريدة الدستور

رجل في الستينات من عمره، مواليد الصعيد، يغني الأناشيد ويسمعه الباريسيون، ويعد حالة فريدة في التصوف والمديح، حجز لنفسه مكانة ضمن كبار رواة السيرة الهلالية، زين محمود، الملقب بـ"الشيخ الفرنسي"، تحدث مع"الدستور" عن حياته، أعماله، والسيرة الهلالية.

-حدثنا عن نشأتك وأثرها عليك؟
ولدت بمركز بني مزار في محافظة المنيا، عام ١٩٨٦، اعتدت قراءة القرآن الكريم منذ الصِغر، وبدأت حياتي بالذكر الصوفي في سن الـ6 سنوات، تربيّت في عائلة صوفية وكان لدي أخ يمدح وتوفى، تم استبداله بيّ، ظللت امدح حتى سن الـ20 عاما، إلا أنني كنت دائمًا أميل لسماع السيرة الهلالية مع العم جابر أبو حسين عن طريق الراديو.

= كيف بدأت رحلتك في غناء السيرة الهلالية؟
بدأت حفظ وتعلم السيرة الهلالية عن طريق العم سيد الضوي –رحمة الله عليه، وكل شهر أذهب له 10 أيام، وفي البداية رفضت ابنته أن يعلّمني السيرة خوفًا من الإتجار بها، إلا أنه شعر أنني بدلًا عن ولده الذي توفى، "خلاص بقيت واحد من العائلة"، كما أنني واجهت صعوبة في تعلّمها لأنها 5 ملايين بيت، بجانب ارتجالي، إلا أنني بعد مرور فترة من الزمن أصبحت عضو في فرقة "الورشة" ومدربًا للغناء الشعبي بعد مجيئي للقاهرة، وفى عام ١٩٩٢ استعانت بى فرقة مسرحية كمنشد ديني في مسرحية "تغريبة عبد الرازق".


= متى كانت انطلاقك في عالم الإنشاد؟
أثناء عرض المسرحية كان حسن الجريتلي مدير فرقة «ورشة الجريتلي» حاضرا، وقرر ضمى إلى الفرقة، وهناك تعلمت الغناء الشعبي والسيرة الهلالية على يد سيد الضوي، كما تعلمت غناء الموال القصصي، وبعد انضمامى للفرقة بعامين، قدمت عرضًا مع الفرقة في سويسرا، قبل أن أتوجه معها إلى فرنسا والولايات المتحدة والبرازيل.


= ماذا تعلّمت من سيد الضوي؟
الروح الحلوة، كان له عالمه الخاص، متواضعا، وكان يشجع الجميع، كان مثل الخادم في منزله للضيوف، وكان على فطرته تمامًا.


= إذا عرض عليك "دويتو" برفقة أحد مطربي المهرجانات.. هل ستوافق؟
لا، لأنهم أفسدوا الذوق، وما يخرج عنهم ليس بأغاني شعبية.


= شيوخ هم الأقرب لقلبك؟
الشيخ أحمد التوني –رحمة الله عليه-، فهو دراويش شغله من قلبه، والشيخ عبد الباسط عبد الصمد، والشيخ راغب غلوش.


= هل سماعك للقرآن الكريم أغاناك عن دراسة المقامات الموسيقية؟
لكي تكون مدّاحا يجب عليك سماع القرآن الكريم، والموهبة أهم من الدراسة.


= تتذكر أحد المواقف الغريبة التي مرت بك خلال رحلتك؟
ذات مرة كان لدي حفل بدار الأوبرا، وطلبوا مني المجئ بدري لإجراء تيست صوت على الميكرفون، وذهبت قبل موعد بساعتين ورغم ذلك لم يتمكنوا من إصلاح العطل، فقررت جمع الناس في الحديقة وجلسوا على الأرض وغنيت بدون مايك.


= قررت منظمة اليونيسكو تسجيل السيرة.. كيف ترى هذا؟
السيرة من القرن الـ11، من المفترض الحفاظ عليها وتقديرها بشكل أكبر، لذا أراه عمل جيد ويحسب لهم، بجانب وجود السيرة مكتوبة في متحف الأبنودي.


= ماذا عن حقيقة علمك بآخر ونهاية السيرة الهلالية؟
رفض سيد الضوي أن يخبر أحد بنهاية السيرة الهلالية كنوع من أنواع التشويق والإثارة، إلا أنني وبعد إلحاح كبير عليه قال لي: "سأخبرك بهذا السر ولكن تعمل زيي ومتقولش عشان الناس تفضل عندها اشتياق"، وكانت النهاية عبارة أن الغراب تمكن من خرق قربة الماء دون دراية أبو زيد الهلالي وهو يسير فظل دون ماء 6 أيام حتى توفى"، وأنا لم أتغنى بها حتى الآن لأنه لم يعطيني كلمات بل أعطاني القصة وحاليًا أرتجل هذا الأمر، أنوي أن تكون النهاية بداية لسيرة جديدة حتى تظل السيرة الهلالية موجودة وسط الناس دون اندثار.


= اختلفت طقوس رواية أهل البادية عن السابق؟
هم كثير، كل دولة لها سيرة ولكن بكلمات مختلفة،اتغنى بالجزء المصري، فهو الأكثر صدقًا وأقرب للواقع.

= تأثرت السيرة الهلالية بالترحال؟
لم ولن تتأثر حتى أنها لم تتأثر بالحروب التي نشب في سيناء، فهي كتلة مقفولة مثل الكنز الذي له طلامس، كما أن أساسها الربابة والطبلة والدف، والوحيد الذي اختلف عم عوض الله، الذى كان يستخدم يديه فقط دون فرقة.

= ماذا عن كواليس أنشودة "يبكي ويضحك".. ولماذا هي المفضلة لديك؟
تحدث إلى الفنان باسم سمرة، للغناء في فيلم "باب الشمس"، وقال إن تامر كراون الذي اختار وجودي قال إن الكلمتين المفروض النقشبندي هو الذي يقولها لو كان عايش وقال إني بعده على طول، وكانت هي المرة الأولى التي أعمل على موسيقى الكترك، ولم استطع الارتجال حينها حتى رأيت المشهد بعيني، و"يبكي ويضحك" مكانتها الخاصة أنها وش الخير عليّ في المزيكا الحديثة.

= كيف كان التعامل مع المخرج يسري نصر الله؟
أول تعامل معه كان في فيلم "باب الشمس"، ثم فيلم "جنينة الاسماك" كلمني وقالي هتغني مع ناس بتغني راب قولت اسمعهم الأول، ووافق على الفور فهو شخصية عظيمة ويقدرني كثيرًا، ويقدر الفن.


= موال قصصي الأقرب لقلب زين محمود؟
القرآن الكريم هو الأقرب ليّ، القرآن طرب وهو السلم الموسيقى كله.

= كيف بدأت فرقة "زمان فابريك".. وما المقصود من اسمها؟
كنت في "مارسليا" أتناول الغذاء في أحد المطاعم، وهناك سمعتني صاحبة المطعم الجزائرية وطلبت مني آداء حفلات بالمطعم مقابل أن تأتي بموسيقيين مساعدين، وبدأت فكرة تأسيس فرقة لها طابع خاص، وقدمت نمطا موسيقيا مختلفا، ونشرت المديح في باريس من خلال كلمات صوفية وآلات شرقية، كما أسست مدرسة "تدريب الغناء الشعبي"، وأصدرنا أول اسطوانة عام 2008 بعد مرور 3 سنوات على العمل مع الفرقة، وشغلت منصب مدير استوديو في مرسيليان، ومدير بيت الثقافة الشرقية في باريس.

= ماذا عن كواليس أغنيتك في فيلم "إبراهيم الأبيض"؟
تسجيلي للفيلم جاء عن طريق الصدفة، وغيرت مساره من السلوك غير السوي إلى التجلي، وبالنسبة لإبراهيم الأبيض كلمني هشام نزيه، وقال إن الفيلم أكشن والناس مريحة عايزين حاجة تديهم دفعة عشان يشتغلوا، وفعلًا الناس جالها حماس والرائع محمود عبد العزيز استقبلني بكل حب، وأحمد السقا قبل يدي.

= أقرب الأفلام لقلبك.. ومطربك المفضل؟
ألوان السما السبعة، أما المطرب فهو محمد عبده، الذى أعشقه منذ الصِغر.