جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

منهم رسالة ماركيز الأخيرة.. نصوص «مجهولة النسب» أثارت السوشيال ميديا

ماركيز
ماركيز

في القديم كان هناك بعض الذين يكتبون ويحبون أن تحظى كتاباتهم بقراءة فكانوا ينسبونها إلى شخصيات مشهورة، بحيث تتناقلها وسائل الإعلام وتظهر القصيدة ويكشف صاحبها عنها بعد ذلك بعد أن تكون قد أخذت رواجا كبيرا.

وفي زمن السوشيال ميديا يتعمد الكثيرون على نسب بعض المقولات إلى شخصيات شهيرة، بحيث يظهر مدى عمق الكلام، وينال الكثير من التقدير، حتى أن هناك العديد من المقولات نسبت لديستويفسكي أو أحمد خالد توفيق ونجيب محفوظ وغيرهم.

وطمعا في الإعجابات فإن بعض الشباب يستغلون الأزمات لكي يكتبوا أشياءً تروج على أنها قديمة، مثلما حدث مع قصيدة كورونا والتي راجب بقوة في بدايات الجائحة، وفي التقرير التالي نشرح 3 من أهم القصائد التي نسبت لغير أصحابها.

قصيدة ماركيز

هناك قصيدة نُسبت للكاتب الكولومبي جابرييل جارثيا ماركيز، وتناولتها وسائل الإعلام على أنها قصيدة ماركيز الأخيرة، ولكنها ثبت أنها لكاتب شاب أراد رواج القصيدة فنسبها لماركيز.

وافتعل الشاب قصة تقول إن ماركيز كتب نصًا عند سماعه أنه أصيب بمرض عضال، وأورد الشاب القصيدة التي تقول في بعض أبياتها

لو أن الرب ينسى برهة قصيرة أني أصبحت رجلًا عجوزًا
ويمنحني شيئا من حياة جديدة
فإنني سأعيشها بكل جوارحي
حينئذ لن أفصح عن كل ما يدور في خاطري
لكنني على الأغلب سأفكر في كل ما أقوله
سأقوم الأشياء لا من أجل قيمتها؛ بل من أجل معانيها
سأنام قليلًا وأحلم كثيرًا
ذلك لأني أعرف أننا في كل دقيقة نغمض فيها أعيننا
نضيع ستين ثانية من النور
سأدخل أرضًا أحجم الآخرون عن المضي فيها
وسأستيقظ عندما ينام الآخرون
سأنصت عندما يتكلم الآخرون
وإلا فكيف أستمتع ببوظة الشوكولاه المثلجة
لو يمنحني الله نفحة من حياة جديدة
فإنني سألبس ثيابًا بسيطة
وسألقي بنفسي في وجه الشمس
وفوق النجوم سأكتب قصيدة مثل بينديتي بألوان حلم من أحلام فان جوخ
وأهدي أغنية سيريناد للقمر، أغنيها ليلًا في الهواء الطلق
وكان ماركيز حيا في ذلك الوقت وتبرا من القصيدة وقال إنها ليست له ولم يكتبها.

قصيدة كورونا

كما نُشرت قصيدة تنسب إلى العصور الأولى وتتنبأ بكورونا وقيل إنها تعود إلى القرن السادس الهجري وإن كاتبها تنبأ فيها بالجائحة كما قيل إنها من كتاب "عظائم الدهور"، وإن كاتبها يُدعى أبو علي الدبيزي، وفيها عبارات تصف حال العالم في ظلّ انتشار فيروس كورونا المستجدّ.

ومن أبيات في هذه القصيدة: "عندما تحين العشرون، قرون وقرون وقرون، يجتاح الدنيا كورون، من فعل البشر الضالّون".

نُشرت هذه القصيدة على نطاق واسع جدًا على مواقع التواصل باللغة العربية من فيسبوك وتويتر، إضافة إلى تطبيق واتساب، وأثارت دهشة الكثيرين لما تنطوي عليه من تفاصيل تتشابه تمامًا مع ما جرى في زمن جائحة كوفيد-19، كما نُسبت القصيدة للعديد من الأسماء منها التبليسي والدبيزي وغيرهم، وثبت كذب القصيدة وأن أحدهم قام بتأليفها مدعيا أنها من أحد كتب القرن الثاني الهجري.

وفي هذا الصدد أصدر الأزهر بيانًا خاصًا بالقصيدة أكد عدم نسبتها للقرن الثاني، وقال البيان إن الكاتب المزعوم شخصية "مبهمة" وأنه لا يوجد كتاب باسم عظائم الدهور.

وأشار البيان أيضًا إلى ما في القصيدة من "ركاكة وضعف" لا يتماشيان مع "أساليب الكتابة العلميّة الرصينة في القرن السادس الهجري".

كما لفت البيان إلى أن اختلاف القوافي في القصيدة ينفي أن تكون من ذلك الزمن، لأن "قصائد الشعر العربي لم تخرج عن وحدة القافية حتى العصر الأندلسي".

قصيدة "صوت صفير البلبل" للأصمعي

اشتهرت قصيدة "صوت صفير البلبل" بأن كاتبها هو الأصمعي، ولكن أثبت البعض أن القصيدة ليست للأخير، وأنه بريء منها، وكما أنكروا نسبتها إليه أوضحوا أن الجهات التي أخذت عنها القصيدة جهات غير موثوقة، وأن الحكاية كما وردت تُبين أن الخليفة كان محتالا، وهو بريء من هذه التهمة.

القصيدة تعود لحكاية متواترة تقول إن الخليفة كان لديه غلام وجارية ومنهم من يحفظ القصيدة من سماعها مرة واحدة ومنهم من يحفظها من مرتين وحين يأتي شاعر لبلاط الخليفة ويقرأ قصيدة فإنه يقول إنه سمعها من قبل ويرددها عليه ويأتي بالغلام ويتلوها على الشاعر ويأتي بالجارية كذلك، وأن الأصمعي كما أشيع أتى بقصيدة "صوت صفيرالبلبل" والتي تقول في بعض كلماتها:

صوت صفير البلبل
هيج قلبي الثمل
الماء والزهر معا
مع زهر لحظ المقل
وأنت يا سيدلي
وسدي ومولى لي
فكم فكم تيمني
غزيل عقيقلي
قطفته من وجنة
من لثم ورد الخجل
فقال لا لا لا لا لا
وقد غدا مهرولي
والخود مالت طربا
من فعل هذا الرجل
فولولت وولولت
ولي ولي يا ويل لي