جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

«نادم».. اعترافات محمد جلال عبد القوي عن حياته وأعماله الأدبية

جريدة الدستور

يبقي الكاتب الكبير محمد جلال عبد القوي، واحد من أبرز كتاب الدراما المصرية منذ أن ظهر على عرش الشاشة الفضية خلال النصف الثاني من القرن العشرين، نجح الرجل بقلمه في الكتابة عن الإنسان والتعبير عن المجتمع بجانب إعادة تقديم التاريخ بصورة جديدة.

يمتلك "عبد القوي" في أرشيفه سيرة ذاتية قوية فصولها ممتعة وبديعة، وفي أحد حواراته الصحفية القليلة كشف صاحب رائعة "المال والبنون" عن بعض كواليس رحلته داخل قطار الحياة والدراما قائلًا: "خطواتي طيلة عمري كانت تتم بعناية الله، فدائمًا ما كنت أجتهد قدر الإمكان، وفى كل مرة كانت النتائج تأتي على مستوى الحدث، وأعتقد أن السبب في ذلك نابع من أنى أراعي الله في كل حياتي، فرغم أن حياة الفنانين تشتهر عنها حكايات الصخب والسهر والسمر، إلا أننى لم أنجرف وراء هذا التيار أبدًا، ولم أتعاط الخمر مرة، ولم أمارس فعل الهوى يومًا ما رغم الإغراءات المحيطة بي، وطيلة حياتي ظللت أحافظ على صورة الشخص المتدين بداخلي، وانعكاسات هذه الصورة تتجلى في أعمالى الفنية التي تراعي دائمًا حرمة البيوت وتدرك قيمة الفن كرسالة.

وتابع " عبد القوي" لذلك، فإن الندم على أشياء فعلتها أو أمور ارتكبتها لم يزرني يومًا، ولو كنت نادمًا على أمر ما فى حياتى فهو عدم كتابة مسلسلاتي فى صورة روايات، فصولها مجموعة بين دفتى كتاب، خاصة أن المسلسلات فى العالم العربى نوع غير محتفى به مثلما الحال بالنسبة للكتب والروايات التى تصدر، إلى جانب أن الدراما التليفزيونية ليس لها بريق السينما، وينقصها الكثير من الأمور مثل تنظيم المهرجانات ومنح الجوائز للمؤلفين والمخرجين وغيرهم.

وأضاف "الأمر الآخر الذى جعلني أعُض أصابعي من الندم هو عدم قراءتي الأعمال الأدبية العالمية بلغتها الأصلية، فعندما قرأت مؤلفات "فيكتور هوجو" لم أقرأها بالفرنسية، وكذلك الحال مع مؤلفات "تولستوىي وأعمال "تشارلز ديكنز"، وكلها قرأتها معربة، وهناك فارق كبير بين لغة الكاتب الحقيقية ومشاعره وخياله ولغة المترجم الناقل عنه، ولأن القراءة بالنسبة لي هي الحياة فأنا أقرأ عشقًا في القراءة، وأحرص أيضًا على تنمية موهبتي ككاتب للقصة ومؤلف للشعر، وأعترف أنني رغم قراءاتي المتعددة وكتاباتي المتنوعة لم أخطط في بدايتي مطلقًا لاقتحام عالم الدراما، والفضل في هذه الخطوة أو النقلة الكبيرة في حياتى يعود لصديقي المخرج الراحل أحمد خضر".

وأوضح "هذا الرجل أتاني في أيام كنت هائمًا فيها، أضرب الأرض يمينًا ويسارًا بحثًا عن عمل يُدر عليّ دخلًا ملائمًا، ويساعدني على تأسيس بيت وتكوين أسرة، وخاطبني بروح المحب وحدثني بمشاعر الصديق المخلص طالبًا منى تطويع موهبتي على الكتابة فى تأليف بعض المسلسلات، تمهيدًا لتحقيق أحلامي المعلقة، وقابلت طلبه بالرفض وتعاليت جدًا على فكرة كتابة المسلسلات، لكنه نجح في إقناعي بمهارة شديدة، وحينها كانت هناك فكرة قد اختمرت تفاصيلها في رأسي ومثلت النواة التي خرج منها أول أعمالي، وهو مسلسل "الغربة".