جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

أبوالغيط: تحديات المنطقة تتطلب عملًا جماعيًا مشتركًا

أبو الغيط
أبو الغيط

أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبوالغيط، أن المنطقة تقف على أعتاب مرحلة جديدة لا يزال الجميع يتلمس ملامحها ويستكشف أبعادها، لافتًا إلى "أن التحديات التي يتعرض لها أمنُنا القومي العربي، لا يُمكن مجابهتُها والتصدي لها سوى بمنطق جماعي، وبعملٍ مشترك يتأسس على نظرةٍ شموليةٍ للأمن العربي نظرةٍ عابرةٍ للقضايا، متجاوزةٍ للجغرافيا.. فكل تهديد تتعرض له أرضٌ عربية، هو تهديدٌ لأمننا جميعًا.. وكلما توحدَت صفوفُنا صار صعبًا على الآخرين أن ينفذوا من بين خلافاتِنا".

وقال أبوالغيط- في كلمته خلال أعمال الاجتماع الطارئ لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية اليوم الإثنين برئاسة مصر: "إن التئام شمل اجتماعنا الطارئ اليوم يحمل رسالة مهمة للعالم بأسره، بأن الدولَ العربية تتحدثُ بصوتٍ واحد عندما يتعلق الأمر بفلسطين، لم تكن هناك قضيةٌ محل إجماع عربي في تاريخ هذه المنظمة الإقليمية العريقة قدرَ القضية الفلسطينية، وستظل هذه القضية في قلب الهموم العربيةِ إلى أن تُحَل بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 67، وعاصمتها القدس الشرقية".

وأضاف أبوالغيط: "اجتماعنا اليوم يبعث للعالم رسالة بأن الدول العربية تضع هذه القضية على رأس أولوياتها.. ويتعين على المجتمع الدولي بدوره أن يضعها على قمة أجندته.. فتحقيقُ تسويةٍ دائمة وعادلة لهذا النزاع الطويل كفيلٌ بأن يخلق ديناميكية جديدة في المنطقة كلها.. بما يطلق الطاقات، ويرسم مستقبلًا أفضل لأجيال تريد العيش بسلام وأمن.. ولكن السلام الذي يتأسس على الحق هو وحده ما يستمر.. والأمن الذي يرتكز على العدل هو فقط الذي يدوم".

وأشار إلى أن التسوية النهائية تمر عبر مسارٍ وحيد هو حل الدولتين، وهو المسار الذي يحظى بتوافق العرب والعالم، بل وبتأييدِ أغلبيةِ الفلسطينيين والإسرائيليين، وليس في الأفق صيغةٌ بديلةٌ عن حل الدولتين يمكنها تلبية حاجة الفلسطينيين إلى الدولة، وحاجة الإسرائيليين إلى الأمن.

وأوضح أن الإجماع الدولي على حل الدولتين لا بد أن يُترجَمَ في تحرك عمليّ يقود إلى إنقاذ هذا الحل من محاولات إسرائيلية مستمرة تهدف إلى تقويضه وتهميشه.. لافتًا إلى أن النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس الشرقية يُشكل عقبة خطيرة في طريق حل الدولتين، وهو نشاط غير شرعي ولا قانوني، ومخالفٌ لقرارات الشرعية الدولية وعلى رأسها قرار مجلس الأمن 2334.. كما أن الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل ونقل السفارات إليها هو عمل عار عن الشرعية ويُشكل مخالفة للقرارات الأممية في هذا الصدد.

وقال أبوالغيط: "لقد أثبتت تجربة السنوات الماضية أن التسوية السياسية لا يُمكن فرضُها بمشروعاتٍ أُحادية أو بخُطط تتبنى وجهة نظر الدولة القائمة بالاحتلال وتتماهى معها.. ليس أمامنا سوى تمهيد الطريق لمسار التسوية عبر التفاوض.. وإننا ندعو اليوم جميع الأطراف الدولية ذات المصداقية والتأثير، وفي مقدمتها الرباعية الدولية، أن تبذل جهدًا حقيقيًا من أجل إطلاق عملية سياسية يكون لها أفق زمني واضح، وتتأسس على نتائج جولات التفاوض السابقة ومبادئ القانون الدولي وأسس مبادرة السلام العربية".

وأوضح أن إطلاق عملية تفاوضية تتناول قضايا الحل النهائي يظل السبيل الوحيد لكي يشعر الفلسطينيون بأن ثمة ضوءًا للحرية في آخر نفق الاحتلال الطويل.. وليس بخافٍ أن الشعب الفلسطيني قد أوشك أن يفقد الثقة في حل الدولتين، وفي إمكانية تطبيقه على الأرض.. بعد أن وجد من الطرف الآخر انصرافًا عن هذا الحل، بل وعملًا لا يكِلُ لهدمِ أركانِه ومحوِ شروط تحققه... وأقول بصراحة أن انصراف الفلسطينيين عن حل الدولتين لن يكون في مصلحة أي طرف.. خاصة وأن بدائلَه لن تحقق لإسرائيل أيًا من أهدافها.. بل ستزيد من المخاطرِ والتهديداتِ المُحدقةِ بها.

وأشار إلى أن الشعب الفلسطيني يحظى بكل الدعم وبكل الاحترام والتقدير من الشعوب العربية جميعًا، والقضيةُ الفلسطينية هي قضية العرب قبل أن تكون قضيةَ الفلسطينيين، ومكانتُها وتأثيرها في الرأي العام العربي راسخان لا يزحزحهما شيء.. وحضورُها في هذا البيت العربي الجامع يظل مركزيًا وجوهريًا.

وقال الأمين العام للجامعة العربية: "إننا اليوم نُجدد التزامًا وعهدًا بالوقوف إلى جانب فلسطين إلى أن تنال سيادتها وتحقق استقلالها.. ونؤكد أن التطوراتِ الأخيرةَ لا بد وأن تُوظفَ لصالح الحق الفلسطيني، ومن أجل تحقيق الهدف الفلسطيني.. ولخدمة غايتنا العُليا المشتركة بأن نرى الدولةَ الفلسطينيةَ حقيقة قائمةً، وواقعًا ملموسًا".

واختتم كلمته قائلًا: "كما نُجدد دعمنا لكل الإجراءات التي تتخذها الرئاسة الفلسطينية من أجل تعزيز وَحدةِ البيت الفلسطيني وإعادة اللحمة له عبر الانتخابات والمصالحة معًا.. فالجهدان متكاملان ويسهمان معًا في تقوية الموقف الفلسطيني داخليًا وخارجيًا".