جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

ليس عارًا.. ضحايا الإيدز في يومهم العالمي: نعيش بالأمل

الإيدز
الإيدز

أول ديسمبر من كل عام، اختارته الأمم المتحدة يومًا عالميًا لمرضى الإيدز للتوعية بخطورة المرض ووسائل انتقاله.

وتفتح "الدستور" ملف ضحايا الإيدز، الذين يسعون للاختباء خوفا من الوصم طوال العمر، بعضهم قرر الحديث للدفاع عن نفسه أن مؤكدا أن ما أصابه ليس بسبب علاقات محرّمة إنما لأسباب أخرى.

موظف استقبال: وصمة "الإيدز" أخطر من المرض

أكد أحمد عبد السلام موظف استقبال في أحد معامل التحاليل، أنّ استقبال المريض أهم نقطه في علاجه لأن أي خطأ قد يؤدى إلى رفضه تلقى العلاج، كما أن إجراء الفحوصات تعد أول وأصعب خطوة للمريض فهو غير مستقر نفسيًا، بجانب أنه يعاني من نبذ المجتمع.

وتابع في حديثه مع "الدستور": هناك نوعان من المرضى، الأول الذي لا يعلم ماهية التحليل ويطلب فحوصات عادية، كأي مريض يتم التعامل معه بحرص، والنوع الثاني يعلم أو يشك الطبيب أنه حامل للفيروس، وهذا يكون في العادة خجول يتحدث بجمل قصيرة تصل درجات خجله إلى ما يسمى بالرعب، ولا يحتك بالآخرين ويتعمد قول اسم التحليل بالإنجليزية حتى لا يكشف أمره أحدًا، وهذا نتعامل معه بكل حرص وسرية حتى يهدأ ويبدأ الحديث بشئ من الراحة.

وأكد أن ردود الأفعال متوقعة من النساء كالإغماءات والبكاء والصدمة، أما الرجال فلا توقعات، أغلب المرضى يقررون عدم العلاج وإنكار المرض حتى لا يوصمون من المجتمع مما يصعب الموقف على كل الجهات، مشيرًا إلى أنّ المرض المناعي يعتمد بشكل كامل على العامل النفسي، فمريض مناعة مع نفسية سليمة تساوى علاج أسرع وحالة مستقرة أكثر.

"إيمان": خطأ معملي وصمني

حكايتنا الأولى كانت مع إيمان علي، سيدة ثلاثينية، تعمل في محلات البقالة، تقطن في كفر طهرمس بمنطقة فيصل، متزوجة من فني تكيفيات، كانت ولادة الطفلة الأخيرة "جنى" بداية قصة معاناتها.

في 4 إبريل 2016، وضعت الأم ابنتها في مستوصف بالمنطقة، وبسبب وعكة صحية أثناء الولادة اضطر الأطباء لنقل دم لها إثر ما فقدته أثناء الجراحة، لكن انقلبت حياتها رأسًا على عقب.

بعد سنة، شعرت الأم بضعف جسدي دائم، إغماءات كثيرة مع ارتفاع درجة الحرارة، ذهبت مع زوجها للكشف وطلب منها الطبيب فحص شامل يتضمن 10 أنواع من التحاليل الوريدية، ولضعف قدراتها المالية لجأت إلى معمل غير موثوق.

وظهرت النتائج أنها تعاني من نقص حاد في بعض الفيتامينات، وتلقت "إيمان" العلاج، لكن تدريجيًا ظهر طفح جلدي واضح في ذراعها مع ارتفاع في درجة حرارتها مرة أخرى، فعادت إلى الطبيب لينزل عليها تشخيصها بـ"الإيدز" كالصاعقة.

وبسبب الوصم المجتمعي لمرضى "الإيدز"، طلقها زوجها بعد أن شكك في شرفها، وأنكر أبنائه منها، رغم توضيح الطبيب أن السبب نقل الدم أثناء الولادة أو سحب دم منها في المعمل، ونصحها الطبيب بالذهاب إلى المعامل المركزية لوزارة الصحة لتلقي العلاج مجانًا.

كانت انفعالات إيمان وزوجها لحظة معرفة المرض هستيرية، فما كان من زوجها سوى ترديد جمله واحدة:"الناس هقول علينا أيه؟"، أما الزوجة أغمي عليها في معمل التحاليل.

الأمم المتحدة: 13 ألف حالة إصابة بالإيدز في مصر

بحسب إحصائيات منظمة الأمم المتحدة في ديسمبر 2019، وصل عدد المصابين في مصر بالإيدز إلى13.000 حالة، وقسمتهم وزارة الصحة المصرية بحسب أحدث إحصائيات لها، إلى أن منهم 7800 يتلقون العلاج بالمجان في المعامل المركزية للوزارة، و42% من المصابين يبلغ عمرهم من 20 إلى 35 عامًا، ومن بين كل 10 مرضى بالإيدز 3 سيدات فقط.

"أدهم": تم رفدي بسبب المرض

أدهم أحمد، في أواخر العشرينات من عمره، يقطن في منطقة مدينة نصر، لم يختلف كثيرًا عن قصة "إيمان" فيما يتعلق بالوصم المجتمعي.

يقول إنه تخرج من كلية التربية، راوده حلم السفر للخارج، فأخذ دورات تدريبية بالحاسب الآلي لتوهله للسفر لدولة أوروبية، وهناك تعرف على سيدة تزوجها وكانت سببا في حصوله على الإقامة.

توفي والده فاضطر للعودة إلى مصر، وترك زوجته التي رفضت العودة معه، عمل معلمًا للحاسب الآلي في إحدى المدارس التجريبية، وبعد عامين بدأ يشعر بوخز شديد في معدته مع ظهور طفح جلدي بسيط واضطراب في البول.

ذهب "أحمد" إلى الطبيب، وبعد الفحوصات شخّصه بأنه مريض بـ"الإيدز"، فطلب إجازة من مدرسته وأرفق بها السبب، واصفًا نظرات الموظفين: لن أنسى أبدًا نظرة المسئولة عن الإجازات المرضية، التي أبدت احتقارًا ليّ، وتم إرسال طلب بترك المدرسة فورًا دون التحقيق معي، وبعد انتشار الخبر اتهمني الجميع بارتكاب الفاحشة، ولم تقبلني مدارس أخرى".

الصحة: 14 مستشفى للكشف عن المصابين

بحسب الصفحة الرسمية لوزارة الصحة، فهناك 16 نقطة للكشف عن الأيدز و14 مستشفى على مستوى الجمهورية بها مراكز حميات لرعاية مرضى الأيدز، وتم وضع مرض الإيدز ضمن أولاويات خريطة 2030 اسكتمالًا لمبادره 100 مليون صحة.

الجمعية المصرية للمناعة: مريض كل دقيقه و40 ثانية
أكد الدكتور مجدي بدران عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة، أنّ الإيدز حالة مرضية مزمنة يسببها "الإيدز" الذي يصيب خلايا CD4 ويؤدي إلى تدميرها، وهي نوع من خلايا الدم البيضاء المسؤولة عن الجهاز المناعي.

وتابع:، يتطور "الإيدز" عندما يقل عدد خلايا CD4 في الدم عن 200 خلية، يتكاثر الفيروس بسرعة في الجسم يمكن أن تؤدي هذه المرحلة الأولية إلى أعراض تشبه الأنفلونزا، المءى، والطفح الجلدي.

وأشار إلى أن الدرن يعتبر هو السبب الأول حاليًا في وفاة مرضى الإيدز، ناصحًا بأن الوقاية من الإصابة بالفيروس تجنب ممارسة الجنس خارج إطار الزواج، وتجنب العلاقات الشاذة، عدم مشاركة الغير استخدام الحقن أو الأدوات الثاقبة أو أدوات الحلاقة.

وعن العلاج أكد عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة، أنه تم تطوير العديد من الأدوية لعلاج فيروس الإيدز، ساعدت الأشخاص بما في ذلك الأطفال، ورفعت من جودة حياتهم، ومنحت المرضى إضافة بضع سنوات لا يشكل الدواء علاجًا شافيًا لمرض الإيدز.

طبيب: "الإيدز" لا علاج له

أوضح باسم الضو، طبيب معالج لعدد من الحالات المصابة بالفيروس، أن الكشف عن مرض الإيدز يحتاج تحليل يسمى "اليزا" للكشف عن الأجسام المضادة في الجسم وهذا تحليل ليس باهظ الثمن، يتم تحليل عيناته في معامل وزارة الصحة التي تطلب من المعمل صورة للبطاقة الشخصية للمريض، وإذا كان تاريخ مرضي للمناعة الذاتية مئل: الذئبة والروماتيد، يتم تحويله إلى قسم الحميات، حتى لا تزيد عليه أعراض المرض.

وتابع في حديثه مع "الدستور"،: الإدمان من أكثر أسباب انتشار المرض بين الرجال، فالتعاطي عن طريق الحقن يؤدي إلى الإيدز، مشيرًا إلى أن الفيروس لا علاج له، متمنيًا أن تتغير الخريطة خلال السنوات المقبلة ويتم اكتشاف لقاح يقضي عليه.