جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

«الجيل الرابع».. العاصمة الإدارية بوابة مصر إلى المدن التكنولوجية

العاصمة الإدارية
العاصمة الإدارية

أدت الزيادة المطردة للسكان والنزوح من الريف إلى الحضر إلى ضرورة التزام الدولة بالتعمير وإنشاء مجتمعات عمرانية جديدة مثل «العاصمة الإدارية الجديدة»، لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والخروج من الشريط الضيق لوادي النيل ودلتاه إلى تعمير المناطق الحدودية غير المأهولة بالسكان وإنشاء جيل جديد من المدن العمرانية وإمدادها بجميع المرافق والخدمات.

وفي ظل توجه الدولة الحديث نحو التحول الرقمي في عديد من المشروعات التي تتبناها، تزايد الاهتمام نحو خلق مدن ذكية تركز على توفير جميع الخدمات للإنسان في المقام الأول، تتسم بطابع رقمي، وتخلو الاقتصادية والثقافية والاجتماعية المتغيرة، بخلاف المدن التقليدية، من مظاهر العشوائية، فضلا عن أنها تستخدم بدائل الطاقة الحديثة والتكنولوجيا المتطورة، كما تضم مقومات صحية للسكن والحياة والسياحة، وهي ما أطلق عليها "مدن الجيل الرابع".

تعد تلك المدن أحد أبرز الأسباب لتدفق الاستثمارات، فتم تصميمها وتنفيذها على أحدث النظم التخطيطية، التي جعلتها تنفرد بارتفاعات وتصميمات وألوان وطرق وبنية تحتية على أعلى مستوى، بالإضافة إلى اعتمادها على شبكة مرافق ذكية، تراقب إدارة وتشغيل واستهلاك كل المرافق الحيوية عبر عدادات ذكية رقمية، وتتيح استخدام أمثل للمرافق، عن طريق توزيع الفائض المنتج من إحدى الشبكات إلى الشبكات الأخرى، ما يضمن تخفيف الأحمال وتقليل تكلفة التشغيل.

فضلا عن احتواء تلك المدن على مستشعرات وحساسات ذكية ومحولات بيانات ذكية، تستطيع معالجة وتحليل البيانات وتظهرها في شكلها النهائي، من خلال مراكز تشغيل وتحكم، تقيس عددا من المعلومات وتنقل كل البيانات في الوقت نفسه للمواطنين أو السلطات المعنية، منها كاميرات المراقبة وأنظمة العدادات الذكية وأنظمة مرور وساحات انتظار ذكية تدار آليا، وكذلك أنظمة إنارة وإعلانات تجارية ذكية.

اعتمدت تلك المدن في تصميمها على بنية رقمية موحدة، تركز على شبكة عريضة من كوابل الألياف الضوئية، تغطي المدينة وترتبط مع الشبكات الداخلية وشبكات الجيل الرابع من خلال محولات ربط لضمان تغطية كل احتياجات المدينة وجميع خدماتها، وتم مراعاة وجودها بعيدا عن الشريط الضيق لوادي النيل، الذي مازال يعافي من الزحف العمراني على الأراضي الزراعية، والذي بدروه سيعيد تغيير خريطة مصر التي ستتحول صحاريها المهجورة إلى مدن عامرة بالسكان.

بالفعل بدأت وزارة الإسكان في العمل على تنفيذ 20 مدينة جديدة- حتى الآن- تحت اسم "مدن الجيل الرابع" تتوزع بمختلف محافظات مصر وأقاليمها، حيث يبلغ إجمالي مساحات هذه التجمعات الجديدة بنحو 580 ألف فدان، ومتوقع أن تستوعب حوالي 30 مليون نسمة، بجانب توفير ملايين فرص العمل المباشرة وغير المباشرة.

مزايا عديدة لإنشاء مدن الجيل الرابع
التكدس السكاني في القاهرة والعشوائيات المتزايدة، فضلا عن الزحف العمراني المتنامي على حساب الأراضي الزراعية، جعل اللجوء إلى إنشاء جيل جديد من المدن العمرانية، أمرا ملحا، ولم تكن تلك الأسباب هي كل شيء، فمميزات إنشاء تلك المدن كانت أداة جذب قوية للدولة المصرية، جعلتها تقرر تصميم مثل تلك المدن على أرضها، والتي أبرزها:

. إعادة توزيع السكان خارج القاهرة والشريط الضيق لوادي النيل، ومنع تكون مناطق عشوائية جديدة، عبر إقامة مناطق جذب مستحدثة للمواطنين خارج نطاق المدن والقري.

. خلق مراكز حضارية جديدة تحقق الاستقرار الاجتماعي والرخاء الاقتصادي، عبر توفير مباني متكاملة الخدمات التي يحتاجها المواطنون.

. تطبيق معايير التنمية المستدامة، مثل "تدوير المخلفات - ووجود مساحات خضراء الخدمات التكنولوجية".

. تعظيم تنافسية مصر لجذب الاستثمارات، وزيادة معدل النمو الاقتصادي من خلال ربط شبكة مراكز التنمية بالمناطق الإنتاجية، وتوفير الخدمات التقنية المتكاملة للمواطنين على مستوى المحافظات والمدن الجديدة، ما يوفر العديد من فرص العمل.