جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

«حجاج الجمعة الثانية».. حكايات المشتاقين على عتبات المساجد

حكايات صلاة الجمعة
حكايات صلاة الجمعة الثانية

"عيد في الأرض وعيد في السماء"، كلمات طالما قيلت في وصف يوم الجمعة، إلا أن معناها لم يكن متأصلا في النفوس، حتى اجتاح فيروس كورونا المستجد العالم، ومنع المسلمين من أداء شعائر الصلاة، ما جعلهم يتذوقون طعم الحج من عتبات المساجد، ويتلهفون للدخول إلى رحاب الله.

حاورت "الدستور" عددا من المصلين في الجمعة الثانية بعد 20 أسبوعا من الإغلاق، للوقوف على حكايتهم ومشاعرهم.

السيد: لم أستطع الغياب في ثاني جمعة

قال محمد صالح السيد، 20 عاما، طالب بكلية التجارة من سكان بنها بمحافظة القليوبية إنه سهر ليلة أمس للاستعداد لأداء صلاة الجمعة الثانية منذ بدء إجتياح فيروس كورونا المستجد، غسل المصلية وعقمها ورش عليها كميات هائلة من الطيب والمسك، إلا أنه كان مقتنعا أن هناك بسطاء لن يلتزموا بالإجراءات الإحترازية التي أعلنتها وزارة الأوقاف، لذلك قرر حمل كيس من الكمامات الطبية وزجاجة كحول للتعقيم لتوزيعها على المصلين.

وتابع: كنت أشعر بكسل مع ساعات الصباح الأولي لكن لم يستسلم لهذا الشعور، خرجت قبل الصلاة بساعات حتى يتثنى لى أن أجد مكانًا وسط حشود المصلين، موضحًا: "لم أستطع الغياب عن الجمعة الثانية منذ ظهور كورونا".

أوضح أنه يأمل أن سفيض الله على مصر من كرمه وجوده وأن يرفع عنهم البلاء والوباء، مضيفًا: "الشعور كان مختلفا تمامًا هذه المرة لم تكن صلاة جمعة عادية، بل كانت عيدًا فكانت الدموع تذرف وكنا جميعًا مشتاقين".
يحيى: "كأنه عيد"

أوضح محمد يحيى، ١٢ عاما، أنه نزل لأداء صلاة الجمعة مع والده وأخيه الأكبر اللذين قضيا ليلتهما يشرحون له شوقهم للشعور بزهوة يوم الجمعة، الذي كان فقد رونقه قبل ظهور الوباء.


واستكمل: أن المصلية والكمامة أمر يكفل لكل شخص خصوصيته وحمايته، إلا أنه كان يخشي فقدان والده في الزحام، فكان يقف إلى جواره، موضحًا: "الناس كانوا يلتزمون".

وتابع: أن السعادة غمرته خلال تجهيز ملابس الصلاة والاستعداد لها، لأنه كان تنقصه الصلاة في جمعة، وحديث الأقارب جعله يستشعر أنهم في العيد، وفور وصوله إلى المسجد زاد شعوره وسط تكبيرات المصلين حينما فتحت الأبواب لدخولهم، مضيفًا: "لن أنسى هذا اليوم لأن شعور الصلاة به كان غريبا".
طارق: "أدركت الله في عيون كبار السن"

قال طارق يحى أحمد مصلحى، 14 عامًا، إنه كان سعيدًأ بأداء صلاة الجمعة، وكان يمتثل لكافة الإجراءات الإحترازية التي أخبرها له والده، فكان يفق على مسافة مترين ونصف، ولم يخلع كمامته طوال الصلاة، مصليًا على سجادة الصلاة الخاصة به، معلقًا "دعيت ربنا كتير أنه ينجينا ويشفي مرضى كورونا".


وتابع أنه كان يشعر بأن الله ينظر إليه من أعين كبار السن الذين أحتضنوه وأخذوا يشجعوه بنظرات وكلمات الدعم لانه كان أصغر الأطفال المتواجدين في المسجد، موضحًا: "كانوا بيشكروني وجابولي حاجات حلوة كتير".

وأضاف أنه لازال يريد أن صلي الجمعة القادمة حتى يشعر بهذه السعادة التي لم يشعر بها من قبل، وليدعوا الله مرارًا وتكرارًا أن ينتهي الفيروس.
هاني نوح: كأننا نعود إلى الله

قال هاني نوح،43 عاما، أحد سكان حلوان، إن الأمر لم يكن سهلًا خلال فترة الحرمان من دخول المسجد بشكل عام وصلاة الجمعة خاصة، معتبرًا أن صلاة اليوم تمثل طريق العودة إلى الله، خاصة في فترة عدم المواظبة على الصلوات الفردية.

وأضاف: يوم نتجمع فيه لنقول لله أننا لازلنا نهرع إلية؛ لكن شاء المولى أن يحرمنا منه لفترة؛ لنعلم قيمة هذا اليوم وفضله واليوم عدنا للمسجد ولا أستطيع أن أعبر عن مدى سعادتي والسرور الذي يملأ جنبات صدري وأنا أرى المصلين يملأون مسجد الهدي بحلوان، وأشار إلى أنه يدعو الله ألا يحرمنا من المساجد بعد هذا اليوم.
علام: الإجراءات الاحترازية أشعرتنا بالأمان

قال محمد علام،36 عامًا، إن اليوم مختلف بشكل كبير، فهذه المرة الأولي التي نؤدي فيها صلاة الجمعة وقف إجراءات وقائية وعلى مسافات متباعدة جعلته يشعر بالأمان على نفسه وذويه، لان الالتزام بالإجراءات كان صارما.

وأختتم: أدعو الجميع أن يلتزم بأداء الصلاة وفق التدابير الوقائية، مضيفًا أن أبرز ما دل على وعي الشعب هو إنتهاء ظاهرة السلام بالأيدى.