جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

متى تنتهى معاناة المزارعين مع نقص الأسمدة بالجمعيات الزراعية؟

الأسمدة بالجمعيات
الأسمدة بالجمعيات الزراعية؟

أمام إحدى الجمعيات الزراعية بمحافظة الدقهلية، يقف عادل الشربيني، أحد المزارعين، انتظارًا للحصول على كمية من الأسمدة لمعالجة المحصول الخاص به، وبعد أكثر من ساعتين أخبره مندوب الصرف بأنه لا يوجد أسمدة، وأن الجمعية تعاني من عجز في الأسمدة والمُبيدات الزراعية.

وقف الشربيني حزينًا بعدما دار حوار طويل بينه وبين مندوب الصرف ومدير الجمعية الزراعية وأمين المخزن، عن أنه قام بزراعة أكثر من 4 أفدنة متنوع بين القطن والأرز واللّب، وأن من حقه الحصول على الأسمدة لتغذية محصوله، إلا أن الإجابة كانت «لا توجد أسمدة، وانتظر حتَى تأتي».

بعدها قام المزارع، بشراء الأسمدة من الخارج بأسعار أعلى بكثير من الجمعيات الزراعية، متأثرًا في نفسه بحالته المادية التي لا تسمح له بشراء الأسمدة بهذه الأسعار من الخارج.

ودعا الشربيني، وزارة الزراعة لاهتمام الجمعيات الزراعية بالفلاحين، وسد عجز الأسمدة وتوفيرها بشكل دائم في الجمعيات الزراعية، حتى يمكن للفلاح الحصول عليها بسهولة.

«الشربيني» ليس الوحيد الذي يعاني من نقص الأسمدة والمبيدات الحشرية بالجمعيات الزراعية؛ بل هناك العديد من الزراعيين يعانون عدم توافر الأسمدة مما يجبرهم على شرائها من الخارج بأسعار باهظة الثمن، والتي أغلبها غير مطابق للمواصفات وغير آمن على الزراعات والمحاصيل.

«الدستور» تعرض في الموضوع الآتي رأي ومعاناة عدد من الفلاحين الذين يعانون من نقص الأسمدة داخل الجمعيات الزراعية، مما يسهم في تدهور مساحات عديدة متأثرة بنقص التغذية وسوء الحال.

«أبو شهبه» يعاني من شُحّ الأسمدة الزراعية بالجمعيات
استيقظ «السيد أبو شهبه»، «فلاّح» صباح يوم الخميس الماضي، مبكرًا، يسوق ماشيته نحو أرضه الزراعية، ويجري بعض الأعمال على زراعته، والتي استغرقت 4 ساعات عمل، ثمّ بعد ذلك ذهب إلى الجمعية الزراعية بالقرية التي يقطن بها، ليحصل على بعضا من الأسمدة الزراعية حتى يروي بها المحاصيل، ليفاجئ الرجل باستنزاف جميع الكميّات وخلو الجمعية من أي مُبيدات أو أسمدة زراعية.

«أبو شهبه» رجل في أواخر الخمسينات، يقطن بإحدى قرى محافظة كفر الشيخ، ويمتلك ثلاثة أفدنة زراعية من القطن والأرز، يعتمد كليًّا على الأسمدة والمبيدات التي تُصرف من الجمعيات الزراعية، وفق قرارات وقوانين وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي.

ولأن أسعار الأسمدة بالجمعيات، أقل سعرًا من الخارج، بالإضافة إلى أمان المادة التي تنتجها الشركات بإشراف وزارة الزراعة، وفاعليتها الإيجابية على المحاصيل الزراعية، لذلك يعتمد «أبو شهبه» على أسمدة وزارة الزراعة المُرخّصة، ولكنّه يعاني أيضًا من شُحّ المُنتج، وعدم توافره.

ويروي الرجل قصة أرضه اليتيمة بفقد الأسمدة والمبيدات، قائلًا: «الأرض مبقتش بتاخد حقها في الأسمدة.. لو الفدان محتاج شيكارتين، بعطيه واحدة فقط، علشان بشتريها من برة وانا على الله»، مضيفا أنه لا يعمل سوى بمهنة الفلاحة ولديه أسرة تحتاج إلى مصاريف يومية، وأنه لا يستطيع على شراء كميات من الخارج، واصفا ذلك بقوله: «على الأقل الجمعيات بندفع نص المبلغ والباقي على آخر الزرعة».

وكشف تقرير صادر عن وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، في أبريل من هذا العام، أنَّ الزراعة أوقفت صرف الأسمدة الشتوية منتصف 15 مارس الماضي، مع منح مهلة للجمعيات الزراعية لمدة أسبوع من الوقت ذاته، لجرد المخازن تمهيدا للبدء فى تسليم الحصص للموسم الصيفى قبل نهاية شهر مارس، موضحا أنَّ المحاصيل الصيفية تحتاج لـ2.5 مليون طن، مقابل 1.5 مليون طن للشتوى.

من جانبه أشار على عودة، رئيس الجمعية المركزية للائتمان الزراعى، إلى أن الفترة المقبلة سوف تشهد بدء صرف الأسمدة للموسم الصيفي، حيث يتم صرف حصص المحاصيل بالكامل حسب احتياج كل محصول، خاصة مع وجود كميات كبيرة من الأسمدة المدعمة في الجمعيات.

وأوضح أن وزارة الزراعة ممثلة في الجمعيات لم تشهد أي اختناقات في توزيع الأسمدة منذ 5 سنوات، مشيرًا إلى أن منظومة الكارت الذكي تسهم في توفير قدر كبير من الشفافية والحوكمة وضبط منظومة توزيع الأسمدة، وضمان وصول الدعم إلى مستحقيه من خلال كارت بيانات مرفقة تساعد على وضع الخطط واتخاذ القرارات وتطوير أسلوب الرقابة وتقديم الخدمات.

جمعة: «بقالنا شهر مخدناش كيماوي من الجمعية»، «بقالنا شهر مخدناش كيماوي وأدوية من الجمعية، وبشتري من المحلات بأسعار غالية، والله أعلم إذا كانت الأسمدة دي نضيفه ولا لأ»، بهذه العبارات افتتح «جمعة عبدالقوي» حديثه مع «الدستور» حول أزمة نقص الأسمدة الزراعية بالجمعية التابع لها.

يقول عبدالقوي، صاحب الـ30 عاما، إنَّ محصولي القطن والأرز يستهلكان كميّات هائلة من الكيماويات والمبيدات الحشرية (الأدوية)، ورغم ذلك لا يوجد منذُ شهر أي أنواع كيماويات داخل الجمعية الزراعية، أو حتّى تحديد موعد بوجودها.

ويضيف الثلاثيني، في كُلّ مرة يذهب إليها إلى الجمعية الزراعية، يخبره المدير أنَّ الحصّة لم تأتي، وأنَّ طلب الأسمدة ليس من اختصاصه، بل اختصاص الإدارات التابعة لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، مشيرًا إلى أنَّ أرضه تستهلك كميّات كبيرة من الأسمدة وأنه غير قادر على شرائها بتكلفة عالية بالخارج.

وتناقش لجنة الزراعة والري بمجلس النواب، خلال اجتماعها، اليوم الأحد، ملف نقص المعروض من الأسمدة في الأسواق والجمعيات الزراعية خاصة في بداية الموسم الصيفي مما يؤثر بالسلب على الإنتاج الزراعي، والوقوف على دور وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي والوزارات المعنية في مواجهة تلك الأزمات والعمل على إيجاد الحلول النهائية لها.

كما تبحث اللجنة في ذات الاجتماع طلبات الإحاطة المقدمة من النواب، فايقة فهيم، عصام منسى، محمد سليم عسكر، سعيد حساسين، عادل عامر، بشأن تداول أسمدة غير مطابقة للمواصفات وارتفاع أسعارها وعدم توافرها بالجمعيات الزراعية.