جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

نهال كمال تتذكر «4»: الموسيقار عمار الشريعى

عمار الشريعى
عمار الشريعى

تُثار دائمًا علامات استفهام كثيرة حول علاقة الأبنودى بالموسيقار المبدع عمار الشريعى، الذى كوّن معه ثنائيًا استثنائيًا فى فترة من الفترات تركت علامات فارقة فى عالم الموسيقى والغناء خصوصًا تترات المسلسلات.. لماذا افترقا، وكيف استمر الفراق كل تلك السنوات، وكيف تم الصلح، ومن كان السبب فى إعادة المياه إلى مجاريها وعودة الفارسين للإبداع معًا مرة أخرى قبل رحيلهما بسنوات قليلة؟
قبل زواجى بعدالرحمن وفى فترة الخطوبة كان مسلسل «أبوالعلا البشرى» قد بدأت إذاعته فى التليفزيون وحقق نجاحًا مبهرًا، وكانت تلك الفترة من أهم الفترات بالنسبة إلى عبدالرحمن فى مرحلة جديدة من حياته بعد مرحلة رشدى وعبدالحليم حافظ، فقد بدأ الاهتمام بتترات المسلسلات وأصبحت المنافسة شديدة، وأحس عبدالرحمن بأنه وجد ضالّته فى عمار الشريعى، ليس فقط كملحن ولكن كفنان مثقف له رؤية خاصة يتعامل معه بندّية رغم فارق السن بينهما، فقد كان عبدالرحمن يُكنّ كل التقدير والاحترام لموهبته وثقافته ولذلك كان إبداعهما معًا يعكس هذا الإحساس، فكان يردد دائمًا: «مين غير عمار كان ممكن يلحّن (عبدالله النديم)؟»، والذى يعدّه من أهم أعماله التى يعتز بها، بل رأى أنه يتكلم عن نفسه فى هذا العمل، وأن شخصية النديم فيها شبه كبير من شخصيته. وتوالت أعمالهما وكان من أبرزها «المعذبون فى الأرض» وأغانى فيلم «البرىء». وكان أول تعاون بين الفنانة الكبيرة وردة والشريعى والأبنودى أغنية «قبل النهارده» وتلتها أغنية «طبعًا أحباب»، اللتان اعتبرهما عبدالرحمن مهرًا لى. وأثمرت هذه الفترة مجموعة من الأغانى لمحمد ثروت ونادية مصطفى التى حققت نجاحًا جماهيريًا خصوصًا أغنية «سنة واحدة وعملت كده فيّا»، ثم كان ألبوم ميادة الحناوى «سيبولى قلبى وارحلوا»، وكانت من أحب الأغنيات إلى قلبه.
أما أسباب الخلاف فلا أريد ذكرها، ولكن يكفى القول إنها تعلقت بكرامة الصعيدى داخل عبدالرحمن الأبنودى، فكانت كفيلة بقطع الصلة بينهما وإنهاء العلاقة لفترة طويلة، وهناك مَن ساعد فى اشتعال الخلاف نتيجة المنافسة، وكانت هناك محاولات كثيرة منّى أنا وميرفت الزميلة العزيزة وزوجة عمار الشريعى، وكان يرسل عمار بعدها الرسائل لعبدالرحمن ويقول له: «الستات عايزين يصالحونا على بعض»، ولكن عبدالرحمن كان ما زال تحت تأثير الكرامة الصعيدية، وكان السبب فى عودة علاقتهما هو الإعلامى الصديق محمود سعد، ففى مرة كان يريد أن يسجل مع عبدالرحمن بصحبة عمار الشريعى، ولم يكن على علم بالخلاف الواقع بينهما، فوافق الأبنودى وقال له: «ييجى»، وهنا تمّت المصالحة وانتهى الخلاف، واشتركا بعد الصلح فى تقديم أغانى مسلسلات «الرحايا» و«شيخ العرب همام» و«وادى الملوك».
كوّن عبدالرحمن الأبنودى ثنائيًا آخر مع الدكتور جمال سلامة فى فترة خلافه مع عمار الشريعى، وكان جمال سلامة قد حصل على الدكتوراه فى الموسيقى من روسيا، وتوسم فيه عبدالرحمن أنه سيكون ملحنًا كبيرًا، ودائمًا ما يعترف الدكتور جمال سلامة بأن الأبنودى كان سببًا فى دخوله عالم التلحين، وكانت بدايتهما أغنية لعماد عبدالحليم، ثم قاما معًا بعمل أغنية «ساعات ساعات» واحتفظا بها لمدة عشر سنوات، وكان يرفض الأبنودى أن يغنيها أى مطرب، وكان يقول للدكتور جمال سلامة: «أنا عايز حد كبير يغنّيها»، إلى أن عرض عليه الفنانة صباح، فوافق عبدالرحمن على أن تغنيها، وغنّتها بالفعل فى فيلم «ليلة بكى فيها القمر»، وكانت من أحب الأغانى إلى قلبها. كذلك اشترك مع الدكتور جمال سلامة فى أغانى أكتوبر، وأغنية «مصر يا أول نور فى الدنيا» و«إن كان ع القلب مافيش غيرك».
وكان النجم على الحجار هو القاسم المشترك بين الأبنودى وعمار فى تترات المسلسلات، لأنه كان الصوت القوى المعبّر عن كلمات عبدالرحمن، فقد قال عنه إنه أكتر مطرب غنّى له ويستطيع التعبير باقتدار عن أى كلمات خاصة فى المسلسلات الصعيدية، مثل «شيخ العرب همام» و«الرحايا» و«وادى الملوك»، التى اختتما بها مسيرتهما الفنية معًا.