جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

«خدت حقي بإيدي».. حكايات فتيات تعلمن الفنون القتالية لصد المتحرشين

فتاه تعرضت للتحرش
فتاه تعرضت للتحرش

تعرضت خلود أحمد، 24 عام، لحادث أليم ذات يوم بسبب شخص متحرش قام بإيذائها نفسيًا وجسديًا، حين كانت في طريق عودتها إلى المنزل أثناء الليل، واستقلت "توكتوك" للوصول سريعًا، حتى قرر السائق الدخول بها إلى شوارع ضيقة ومظلمة، بهدف الاستفراد بها بعيدًا عن أعين الناس، واعتدى عليها لفظيًا في البداية، وعندما طلبت منه الوقوف أو الخروج إلى الشوارع العامة، كان قد استغل الفرصة لينقض عليها جنسيًا.

لم تمر ثوان على ارتكابه لهذه الجريمة الأخلاقية في حق الفتاة، إلا وبدأت "خلود" في استخدام صوتها للاستنجاد بأي شخص لينقذها من تحت أيدي المتحرش، وبالفعل استجاب ثلاثة أشخاص من أهالي المنطقة على الفور، وتوجهوا إلى مكان الواقعة ليلقنوا المتحرش درسًا لن ينساه طوال حياته، وساعدوا الفتاة في العودة إلى منزلها في أمان.


- الحاجة الملحة للفنون القتالية

كانت هذه الواقعة نقطة تحول في حياة خلود، لتقرر بعد أيام من عرضها للتحرش الجنسي الذي كان على وشك الوصول لمرحلة الاغتصاب، أن تتدرب على الفنون القتالية، رغبة منها في كسر حاجز الضعف والقدرة على مقاومة أي شخص يتعرض لها، وبالفعل اشتركت "خلود" في مركز تدريب لفترة دامت تسعة أشهر، وأثناء تلك الفترة تعرضت لواقعة تحرش جديدة لكنها استطاعت التصدي لها بكل حزم.

تحكي الفتاة مشهد الانتصار خلال حديثها مع "الدستور"، منوهة إلى استخدامها ثلاث حركات من التدريبات التي خاضتها مع مدرب الفنون القتالية، لتقضي على المتحرش فور تعرضه لها حين كانت تؤدي عملها اليومي داخل شركة سياحة في محافظة الغربية، واستغل عميل الفترة الصباحية التي تقضيها الفتاة وحدها داخل الشقة السكنية لإنجاز العمل في أقرب وقت وللذهاب إلى جلسات نسوية فحواها مناهضة التحرش والعنف الجسدي.

في ذلك الصباح، كانت "خلود" تجلس على مكتبها، إذ دخل عميل يريد حجز ثلاث رحلات إلى شرم الشيخ، وطلب منها كوب من الماء لتتجه الفتاة إلى الداخل ويغلق الآخر باب الشقة ثم يتتبعها داخل المطبخ، ويحاول ملامسة جسدها لكن مع أول تحرك منه تجاه الفتاة، وجهت إليه ثلاث ضربات موجعة لم يستطع تحملها ليسقط مغشيًا عليه سريعًا، واستنجدت بعد ذلك بحارس العقار ليلقي بالمتحرش خارج العقار السكني أمام الجميع، ليكون عبرة لأي شخص يحاول التعرض لفتاة والتحرش بها.

لم تكن "خلود" هي الفتاة الوحيدة التي قررت تعلم الفنون القتالية رغبة منها في حماية جسدها، وليس من أجل العنف، بل إنها حاولت اكتساب شئ واحد يجعلها آمنة من أيدي المتحرشين، وهذا ما فعلته أيضًا حنان عايد، والتي أجبرها عملها على التعامل مع أشخاص يرغبون كثيرًا في ممارسة الجنس مع أي فتاة تجذب انتباههم، يقينًا منهم أنهم طالما يملكون أموال فمن السهل سيطرتهم على أي شخص يرغبون فيه.

- لكمة في العنق

كانت "حنان" إحدى عضوات الجمعيات النسوية في محافظة القاهرة، وطالبت كثيرًا بحقوق المرأة في مجتمعنا، وبالأخص قضية التحرش التي عانت منها فتيات عدة في أي مكان قد يذهبون إليه، من قبل أشخاص لا يفكرون سوى في أعضائهم الجنسية، وبالتالي كانت هي إحدى ضحايا التحرش الجنسي بل تعرضت له مرات عديدة حتى أصبحت قادرة على التصدي له بيدها دون اللجوء لمساعدة أي شخص.

تعمل الفتاة داخل فندق سياحي في مدينة الغردقة، وهذا ما يجعلها تتعامل مع العديد من السائحين الأجانب والمصريين أيضًا، في بعض الأوقات تقابل "حنان" أشخاصًا يعانون من إدمان الجنس، لديهم رغبة مستمرة في التحرش الجنسي بأي فتاة تثير غرائزهم، لكنها قررت قبل الالتحاق بهذا العمل الخضوع لتدريب على مهارات الفنون القتالية، وتعلم الأساليب الصحيحة في التصدي لأي اعتداء جسدي.

وذات يوم أنهت الفتاة عملها في تمام الساعة السابعة مساءً، لتتجه إلى غرفة إقامتها في الفندق، لكنها لم تكن تدري حينها أن هناك أحد الأشخاص يترقب خطواتها ويحاول الاستفراد بها دون أن يراه أحد، لتكتشف ذلك أمام باب الغرفة وهو يقترب منها سريعًا ليبدأ في إقناعها بقضاء يوم كامل معه مقابل العديد من الدولارات، ورفضت الفتاة ذلك بأسلوب لائق في البداية، حتى تعمد هذا الشخص مضايقتها وبدأ يقترب من جسدها بهدوء، لترد عليه قائلة: "بعد إذنك ابعد عني أنا رفضت طلبك والموضوع خلص".

لم يقتنع المتحرش برفضها ودفعها بشدة داخل غرفتها ليفعل ما يحلو له دون رغبتها، لكنها لم تتعامل بلطف هذه المرة، وقاومته بضربة واحدة في منطقة الرقبة، أفقدته الوعي على الفور، وعندما استفاق قدم فيها شكوى إلى مدير الفندق، لكن المدير وقف في صف الفتاة وطالب السائح بمغادرة الفندق فورًا وإلا سيتم تسليمه إلى الشرطة بتهمة التحرش.


- مدرب فنون قتالية: التصدي للمتحرش بضربة واحدة

وبعد الاستماع إلى حديث الفتيات وحكاياتهن مع مواجهة التحرش الجنسي، توجهنا إلى أحد مدربي الفنون القتالية، ليوضح لنا الأساليب المستخدمة في تدريب الفتيات على استخدام حركات وضربات معينة يستطعن من خلالها القضاء على أي شخص يتعدى عليهم في أسرع وقت.

أحمد ماضي، 32 عام، من قاطني منطقة فيصل، يملك صالة جيم ولديه خبرة كبيرة في لعبة كمال الأجسام، واستطاع أيضًا الحصول على ألقاب عدة في بطولات على مستوى الجمهورية، قرر منذ ثلاثة أعوام إنشاء مركز تدريب للسيدات فقط، وذلك بناءً على رغبة البعض منهم داخل صالة الجيم الخاصة به، وبالفعل أنشأ "ماضي" المركز داخل الصالة ليجعله مخصصًا في ممارسة الفنون القتالية وتعلم أساليب التصدي للعنف تجاه المتحرشين.

يقول "ماضي" إن هناك ضربات معينة يمكن من خلالها القضاء على أي شخص أيًا كانت قوة عضلاته أو أعصابه، فتلك الضربات لا يتحملها أحد بالأخص إذا تعرض لها في مكان معين من جسده مثل الرقبة والرجل، وهذا ما درب الفتيات عليه لممارسة القتال بأفضل شكل ممكن وتوجيه ضرباتهن لأماكن محددة تجعل المعتدي يفقد وعيه سريعًا، كما يعمل أيضًا على تدريبهن يوميًا داخل الصالة على بناء العضلات التي تجعلهن قادرات على المواجهة وفي ذات الوقت لا تفقدهن الجمال الطبيعي.