جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

سلامتك يا خواجة.. كيف تعالج الأطقم الطبية فى مستشفيات العزل المرضى الأجانب؟

الأطقم الطبية
الأطقم الطبية

إلى جانب الملحمة البطولية التى سجلها «جيش مصر الأبيض» فى مواجهة انتشار فيروس «كورونا المستجد»، سجلت الأطقم الطبية اسمها بحروف من نور فى سجل الإنسانية، بعد تعاملها المتميز مع ضيوف مصر من المصابين بالفيروس، الأمر الذى جعل هؤلاء المرضى «منابر دعائية» تشيد بمصر وإمكاناتها الطبية عند عودتهم إلى بلدانهم، وهو ما تجلى، مؤخرًا، فى برقية الشكر التى وجهها السفير الأمريكى بالقاهرة، جوناثان كوهين، لمستشفى عزل أبوخلية والنجلية، على حسن استضافة ورعاية المواطنين الأمريكيين المصابين.
لكن هذه الأطقم الطبية واجهت عائقًا فى التواصل مع هؤلاء المرضى، من الجنسيات المختلفة حول العالم، فإذا كان الأطباء وبعض الممرضين يجيدون «الإنجليزية» بطلاقة، هناك العديد من المرضى الأجانب يتحدثون لغات غربية أخرى، الأمر الذى دفع تلك الأطقم إلى البحث عن وسائل بديلة، تنوعت بين الاستعانة بالقواميس والمترجمين، والتواصل مع السفارات، وغيرها.
«الدستور» تتعرف من أطباء ومسئولى مستشفيات العزل، فى السطور التالية، عن أبرز الطرق التى لجأوا إليها للتواصل مع مرضاهم من الأجانب، وكيف تجاوزوا حاجز اللغة فى التعامل معهم وذويهم من مختلف الجنسيات.

«النجيلة»: استعنا بسفارات ومترجمين لإمدادهم بالتعليمات
قال الدكتور محمد على، مدير مستشفى «النجيلة» بمحافظة مطروح، إن الطاقم الطبى فى المستشفى، منذ تجهيزه ليكون أحد المستشفيات المخصصة لاستقبال وعلاج الحالات المصابة بفيروس «كورونا المستجد»، كان فى حالة تأهب مستمر لاستقبال كل الحالات، أيًا كانت جنسيتها.
وأضاف «على»: «لم تكن هناك مشكلات فى التعامل مع الذين يتحدثون الإنجليزية، لأن جميع الأطباء يتحدثونها بطلاقة، لكن عندما استقبلنا مصابين يحملون الجنسيتين الهندية والفرنسية، تواصلنا مع سفاراتهم لتوفير مترجم، حتى نتمكن من التعامل معهم بسهولة».
وشدد على أن الطاقم الطبى اتبع فى التعامل مع المصابين بـ«كورونا»، من مختلف الجنسيات، بروتوكول العلاج الذى حددته اللجنة العلمية، ويجرى تحديثه بشكل مستمر، موضحًا أن «الأجانب عولجوا مثل المصريين بالضبط، فخضعوا لقياس الحرارة والمعدلات الحيوية بالجسم، وأعطيناهم جرعات الدواء اللازمة».
وتابع: «كل هذا لم يحتج ترجمة بالمعنى المفهوم، لكننا تواصلنا مع السفارات لإبلاغها بالحالات، وترجمة بعض التعليمات الطبية، والتواصل مع أهالى المرضى»، مشددًا على أن المستشفى حقق معدلات تعاف مرتفعة، وخرج كثير من المتعافين لممارسة حياتهم بشكل طبيعى.
وقال مدير «النجيلة» إن المستشفى واحد من أكثر وأوائل المستشفيات التى استقبلت أجانب، خاصة القادمين من باخرة سياحية كانت تقل على متنها عددًا من المصابين بفيروس «كورونا» فى الأقصر.
وبين: «النجيلة كان أول مستشفى استقبل الأجانب، وكانت حالة صينية فى بداية انتشار الوباء، وتم عزل المريض حتى تماثل للشفاء، وخرج منه بعد التأكد من حالته بشكل كامل».
وختم بقوله: «جميع أفراد الطاقم الطبى فى المستشفى تعاملوا مع الجميع، سواء مصريين أو أجانب، بأفضل شكل ممكن، من أول استقبال الحالات، وأثناء العزل والعلاج، حتى خروجها بعد التعافى».
من جهتها، قالت سمر مزروع، طبيبة تطوعت للعمل ضمن الفريق الطبى لمواجهة فيروس «كورونا المستجد» فى المستشفى، منذ بداية الأزمة، إن مريض «كورونا» يواجه صعوبات كبيرة، بسبب مرضه من ناحية، وعزلته من ناحية أخرى.
وأوضحت أن «المصاب بكورونا يجد نفسه فى عزلة إجبارية ضمن البرنامج العلاجى، وتختلف مدة العزل حسب الحالة الصحية لكل مريض، ويكون ذلك بهدف الحد من انتشار العدوى».
وأضافت: «أى طبيب سيجد نفسه متعاطفًا مع مرضى كورونا، لأنهم يقاومون المرض والشعور بالوحدة، ويسعى جاهدًا للتخفيف عنهم قدر المستطاع».
وكشفت طبيبة الحجر الصحى عن أن المستشفى استقبل ٤ حالات من دولتى الدنمارك وفرنسا، وتعافى أحد حاملى الجنسية الدنماركية وخرج من المستشفى، بينما بقيت الحالات الأخرى تتلقى العلاج.
واستكملت: «كان المرضى يشعرون بالخوف والقلق، وشعورهم هذا أمر طبيعى، خاصة أنهم بعيدون عن أسرهم، ويجدون صعوبة فى التواصل معنا بسبب عائق اللغة، لذا بدأ أطباء المستشفى التفكير فى كيفية التغلب على هذا الأمر، للتفاهم مع الحالات بطريقة أسهل، وبالفعل تخطوا الأزمة بعد الاستعانة بمترجمين، من أجل طمأنة الحالات وأسرها والتفاهم معها بلغة تفهمها».
واختتمت: «أصبح المترجمون حلقة الوصل بيننا وبعض الحالات الأجنبية، وهو ما ساعدنا بشكل كبير فى شرح التعليمات الطبية للمرضى وتحسن شعورهم وحالاتهم النفسية، ما أثر على حالتهم الصحية بشكل إيجابى».

«إسنا»: لجأنا إلى «القواميس» للتواصل معهم

كشف الدكتور حسام فتحى، رئيس قسم الطوارئ فى مستشفى إسنا التخصصى بمحافظة الأقصر، عن خضوع جميع الحالات الإيجابية المصابة التى استقبلها المستشفى، من مختلف الجنسيات، لبروتوكول علاجى موحد، مشيرًا إلى عدم وجود أى فرق بين المصريين وغير المصريين فى تلقى العلاج.
وقال «فتحى»: «منذ تخصيص مستشفى إسنا ضمن المستشفيات المسئولة عن استقبال وعزل وعلاج المصابين بالفيروس، بعد بدء ظهور حالات فى مصر، والعمل فيه لا يتوقف على مدار الـ٢٤ ساعة، من أجل رعاية المرضى ومتابعتهم بشكل دورى، وضمان امتثالهم للشفاء».
وأشار إلى أن من أبرز الصعوبات التى واجهت الطاقم الطبى فى المستشفى كان التواصل مع المرضى الأجانب، خاصة أصحاب الجنسيات الإيطالية والألمانية، فيما كان يتم التواصل بسهولة مع أصحاب الجنسيات الأخرى الذين يتحدثون «الإنجليزية»، أو يعرفون بعض كلمات «العربية».
وأضاف رئيس قسم الطوارئ فى «إسنا التخصصى»: «بعض الأطباء استعانوا بقواميس اللغات الأجنبية لترجمة بعض الجمل التى يحتاجون إليها فى التواصل مع المرضى الأجانب، فضلًا عن تلقى طلبات تطوع كثيرة من قبل مترجمين للمساعدة فى الترجمة والتواصل مع هؤلاء المرضى».
ونوه بالدور الكبير الذى لعبه الدكتور ديفيد ماجد، المستشار الطبى بالسفارة الإيطالية، فى عملية التواصل مع الحالات الإيطالية المصابة التى استقبلها المستشفى، موضحًا أنه كان يتم التواصل معه تليفونيًا، أو بتسجيل مقاطع صوتية للمرضى، وإرسالها إليه عبر وسائل التواصل الاجتماعى «فيسبوك» أو «واتساب»، ليترجمها على الفور.



«15 مايو»: استخدمنا تطبيقات الموبايل.. ومرشدون سياحيون ساعدونا

عمله فى مستشفى عزل به مرضى من مختلف الجنسيات الأجنبية لم يكن أمرًا سهلًا، خاصة فى ظل الحاجة الكبيرة- من الناحية الطبية- للتواصل معهم، فى ظل شعورهم الكبير بالخوف والقلق بسبب بعدهم عن أوطانهم، الأمر الذى قد يضعف جهازهم المناعى اللازم لمقاومة المرض.
الحقيقة السابقة أدركها وتعامل معها عماد محمد عمدة، أحد أفراد هيئة التمريض فى مستشفى «١٥ مايو» بالقاهرة، الذى استقبل عددًا كبيرًا من الحالات الإيجابية الحاملة لفيروس «كورونا المستجد»، ومن بينها أشخاص من جنسيات مختلفة حول العالم، جاءت نتائج فحص اختباراتهم «إيجابية»، فتم تحويلهم إلى مستشفى العزل.
وقال «عمدة»: «معظم تلك الحالات كان يشعر بحالة من عدم الطمأنينة والخوف، نتيجة عوامل كثيرة من بينها الغربة، التى تجعله يشعر بإمكانية موته خارج موطنه، وكذلك عدم قدرته على التواصل بلغته مع المحيطين به، وبالتالى يكون عاجزًا عن توصيل ألمه ووجعه، الأمر الذى يؤثر على نفسيته بالسلب فى النهاية».
وأضاف: «الكثير من الأجانب المصابين بالفيروس فى المستشفى يتحدثون لغات أخرى غير الإنجليزية، ويعجزون عن توصيل ما يشعرون به من ألم جراء الإصابة بالفيروس، لذلك اضطررنا لتحميل تطبيقات خاصة بالترجمة على هواتفنا المحمولة، إلى جانب الاستعانة ببعض المرشدين السياحيين الذين كانوا يتلقون العلاج داخل المستشفى».
وأوضح أن هؤلاء المرشدين السياحيين أسهموا فى ترجمة التعليمات الطبية التى نحتاج أن نُخبر المصاب بها، ومع الوقت تأقلم طاقم التمريض مع بعض اللغات، ما أسهم فى شعور المرضى بالطمأنينة، وتحسين حالاتهم بعد اتباع التعليمات الطبية الموجهة لهم.