جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

طلاب يرفضون نظام E-Learning لاستكمال العام الدراسي.. وأساتذة: وسيلة جيدة

جريدة الدستور

"المحاضرات ستكون أونلاين" ذلك كان هو الحل البديل الذي وضعته الجامعات أمام طلابها لإنهاء الفصل الدراسي الثاني، بعد إصدار قرارات إغلاق المدارس والجامعات، كإحدى الإجراءات التي تم اتخاذها لانحسار أعداد المصابين بفيروس "كورونا"، والمعروف علميًا باسم "كوفيد 19".

وتلك الحزمة من القرارات كانت إحدى توصيات منظمة الصحة العالمية، التي طالبت الدول التي تشهد انتشار فيروس كورونا، بوقف المدارس وتعليق الفعاليات، في محاولة لوقف الفيروس ومنعه من الانتشار.

وبالفعل جرى تطبيق نظام التعلم عن بعد منذ ما يقرب من الأسبوعين، بعد قرار الرئيس عبدالفتاح السيسي بتعليق الدراسة لأسبوعين ويجدد، إلا أن ذلك خلق حالة من التخبط لدى الطلبة والأساتذة الجامعيين الذين منهم لا يتعاملون مع تلك التقنيات إلا للضرورة القصوى، وبدأت سلسلة من الأسئلة تنهال حول كيفية متابعة الدراسة بهذه الكيفية.

طالب: ليس هناك خطة واضحة للدراسة أونلاين
وكان بداية حديثنا مع الطلبة حول تفاعلهم مع النظام الجديد، فقال محمد مجدي، الطالب بالفرقة الثانية قسم صحافة كلية الإعلام جامعة القاهرة، إن هذا النظام له مميزات وعيوب، فأما عن ميزاته فهو تقليل الاجتماع والعدد والاختلاط وتجمع الطلبة، لكن عيوبه أكثر من ذلك، منها عدم وجود الإنترنت لدى جميع الطلبة، فإما غير متاح في منازلهم أو أنهم يعتمدون على نظام الباقات، وهي غير كافية لمتابعة المحاضرات أونلاين.

ولفت "مجدي"، خلال حديثه مع "الدستور"، إلى أن: هناك بعض الأساتذة ليس لديهم القدرة على التعامل مع تلك التقنيات الحديثة، ففي المحاضرات العادية كانوا يعتمدون على آخرين لتشغيل أجهزة الحاسب الآلي وعرض محتوى مادتهم بشكل تفاعلي، هذا إلى جانب أن هناك كثير منهم غير متاح أونلاين بشكل دائم ونجد صعوبة كبيرة في التواصل معهم.

وأكد أنه ليس هناك خطة واضحة للدراسة أونلاين، ما بين البعض الذي سيجعلنا نتابع المحاضرات من خلال تطبيق معين، وآخر يطلب أن نذاكر عدد من الملفات التي سيرفعها لنا، وثالث سيكتفي بعمل "لايف" على "فيسبوك"، بالتالي فليس هناك استعداد كافي لتطبيق فكرة الدراسة أونلاين.

طالبة: التواصل مع بعض الأساتذة صعب
ومن جامعة القاهرة إلى جامعة عين شمس، حيث التقينا آلاء زكي، الطالبة بالفرقة الثانية بكلية الألسن قسم لغات افريقية، تقول إن الأزمة بالنسبة لهم في قسمهم أن الأساتذة أجانب الجنسية، وبالتالي وجدت بعض الأزمات في أسلوب الشرح، لكن بالنسبة لباقي الأقسام فهناك أكثر من قسم فضّل أساتذته الظهور "لايف" على المجموعات الخاصة بالطلبة على "فيسبوك"، وتم الشرح بالفعل بهذه الكيفية، إلا أن هذا لا يسري بشكل عام في الكلية.

واعترضت خلال حديثها مع "الدستور"، على تلك الآلية في الدراسة، معللة أن "اللايف بيفصل كتير خلال الشرح"، لافتة إلى أن أغلب الكلية من المغتربين، بالتالي فالمتاح لهم هو نظام الباقات للدخول إلى الإنترنت، والتي تنتهي خلال ثواني من تشغيل الفيديوهات اللايف، إلى جانب عدم وجود طريقة تواصل بين الطلبة والأساتذة، فمن يريد السؤال عن جزء غير مفهوم من المحاضرة لن يتمكن من ذلك.

طالبة: "لا عارفين نركز ولا نذاكر ولا نفهم"
واتفقت معها في الرأي لينا محمد، الطلبة بالكلية ذاتها، بأن هذا النظام ظالم، فالطالب ليس متاحًا 24 ساعة على الإنترنت، كما أن هناك بعض المحاضرات التي يتم عرضها ثم تُفاجئ بذلك ولا تتمكن من سماعها أو معرفة ما دار فيها، معلقة: "الوضع وحش جدًا لا عارفين نركز ولا نذاكر ولا نفهم".

أستاذ جامعي: النظام بلا عيوب
وانتقلنا في الحديث إلى الجزء الآخر من الأزمة وهم أساتذة الجامعة، شيماء السكري، معيدة بذات الكلية، التي حدثتنا أن الكلية وضعت نظامًا لتحويل كل المواد الخاصة بها إلى ملفات سوفت، مثل word.. PowerPoint وغيرها، وكذلك الكتب نفسها متاح لدى الكلية تحويلها إلى نسخة PDF، ويتم التواصل مع الطلبة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وسيتم وضع كافة المواد على موقع الكلية.

وتحدثت معنا عن أن أكثر أسئلة الطلبة شيوعًا، خاصة بعد قرار مد تعليق الدراسة، وتدور حول آلية توزيع الدرجات، وبالأخص طلبة الفرقة الأخيرة بسبب مشروع التخرج الذي صدر قرار من عميدة الكلية الدكتورة هويدا مصطفى، بعدم إجراء أي تكليفات عملية تقتضي التصوير أو مقابلة مصادر والاكتفاء بما تم عمله واحتساب الدرجات على خطة البحث وجمع المادة العلمية والإعداد والمعالجة للبيانات، ووضع تصور مبدئي للمشروع على أن توزع الدرجات وفقًا لرؤية كل قسم، أيضًا حول امتحانات نهاية الفصل وكيفية إجرائها.

وترى "السكري"، أن هذا النظام لا يشوبه عيوب كثيرة، فحتى وإن كان صعبًا بالنسبة لبعض الطلبة لعدم وجود إنترنت في منازلهم، خاصة المغتربين، مشيرة إلى تكلفة شحن باقة هاتفه المحمول ستكون أقل بكثير من المصروفات التي تخرج منه خلال تواجده بالجامعة من مواصلات وطعام وشراب وإقامة وغيرها، مقترحة أيضًا أن يتواصل مع أحد أصدقائه الذي يمكنه تحميل الفيديوهات والملفات الخاصة بالمحاضرات على فلاشة وإعطائها له.

"الأزمة في بعض الأساتذة"، هكذا استطردت حديثها حول وجود بعض العيوب في هذا النظام بالنسبة للجانب الآخر من العملية التعليمية، فالتطبيقات التي يتم الإعلان عنها لاستكمال العملية التعليمية من خلالها هناك بعض الأساتذة والمعيدين ليس لديهم دراية كافية بكيفية التعامل معها.

معيدة: معتادين على الدراسة "أونلاين"
والتقطت منها أطراف الحديث، إسراء العشري، المعيدة بنفس الكلية، قائلة إنه يتم محاولة تنفيذ خطة الجامعة بالنسبة لنظام التعليم عن بعد، وكل أستاذ جامعي يحاول إيجاد الطريقة الأنسب للطلاب لتوصيل المادة العلمية والمحاضرات بشكل تفاعلي، بعضهم قرر أن تكون وسيلته هي البث المباشر للمحاضرات في توقيت محدد بينه وبين الطلاب، وسيتم التفاعل من خلال التعليقات، والبعض الآخر يفكر في تسجيل المحاضرات في شكل تسجيلات صوتية يتم إرسالها للطلاب، وتكون المشاركات من خلال منشورات على مجموعات الطلاب على "فيسبوك".

ولفتت "العشري"، خلال حديثها مع "الدستور"، إلى أنهم بالفعل كانوا يطبقون نظام التعليم أون لاين في بعض المواد قبل تعطيل الدراسة وتطبيق القرار، من خلال التواصل مع الطلاب عبر مجموعاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، ونشر المحاضرات ومقاطع الفيديو والرد على أسئلتهم أون لاين، أما بالنسبة للتدريب واجتماعات مشروعات التخرج، فأيضًا ستكون أونلاين من خلال تحديد وقت محدد للطلبة ليتفاعلوا معنا خلاله، كما سيتم تسليم التكليفات بشكل إلكتروني، سواء من خلال الميل أو الواتساب أو الماسنجر.

وحدثتنا عن أن بعض الأساتذة اتفقوا مع الطلاب على أبلكيشن معين أو إحدى برامج التعلم عن بعد المتاحة لعقد المحاضرات من خلاله، منها تطبيق GoToWebinar، وبدلًا من رفع ملفات وكلام مكتوب سيكون هناك تفاعل ومشاركات كأنهم في المحاضرة بالظبط، مشيرة إلى أن الأزمة في إمكانيات بعض الطلبة الذين لا يتمكنون من التواجد على الإنترنت بشكل مستمر.

غادة: تجربة يجب الاستمرار في تقديمها حتى بعد انتهاء الأزمة
الدكتورة غادة ممدوح، مدرس الإذاعة والتلفزيون بقسم الإعلام كلية الآداب جامعة بنها، ترى أنها تجربة جيدة في ظل الظروف التي تمر بها مصر حاليًا، وكان يفترض تجربتها وتطبيقها في وقت سابق على ذلك لا وقت الأزمات فقط، خاصة أننا في عصر التكنولوجيا والإنترنت، وأن يكون هذا النظام أساسيًا بجانب التعليم بالحضور في الجامعة أو المدرسة، معللة: "بحيث لو اعتذر أحد الأساتذة عن محاضرته لظرف ما خارج عن إرادته يكون هناك البديل ما يعوض الطالب بالمحتوى العلمي المراد دراسته"، مشيرة إلى أنه ينقصنا التطبيق في بعض المقررات العملية أو الكليات العملية.

وأكدت "ممدوح"، خلال حديثها مع "الدستور"، أن هذه التجربة في التعلم يجب أن تكون مكملة ويمكن الاعتماد عليه في مثل هذه الظروف، فهي الوسيلة الأنسب في حالة وقوع أي أزمات.

حسام: تنبأنا بسيناريو التعليم الإلكتروني فاستعدينا له
وحدثنا الدكتور حسام النحاس، مدرس الإعلام المساعد بقسم الإعلام جامعة بنها، قائلا إن تلك المنظومة لم تكن جاهزة للتطبيق بشكل كامل، إلا أن المجلس الأعلى للجامعات تنبأ بإمكانية وضع التعليم أونلاين كإحدى السيناريوهات في حال تعطيل الدراسة، فبدأت كل جامعة في تطوير المنصات الإلكترونية وتفعيل الإيميلات الإلكترونية، وتأهيل الطلبة من خلال مجموعاتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وتابع "النحاس"، في حديثه مع "الدستور"، أن الموضوع في بدايته واجه مشاكل منها بطء التحميل وزيادة حجم المحاضرة عن المساحة المخصصة على التطبيقات الإلكترونية، أيضًا بعض الأساتذة من كبار السن الذين لا يجيدون التعامل مع الإنترنت، لكن لكل أزمة منها تم إيجاد حل لها.

وأوضح أنه تم إعداد محاضرات مصورة "لايف" وإذاعتها للطلبة للحفاظ على مساحة التفاعل المباشر بين الطالب وأستاذه، فيتم الرد على استفساراتهم خلال وقت المحاضرة، أما بالنسبة للأساتذة ممن لا يجيدون التعامل مع الإنترنت فقد توفير طاقم عمل خاص بهم، بحيث يتم إبلاغهم بالحضور في توقيت محدد لتصوير محتوى المحاضرة، ثم يتعامل الطاقم معه من حيث رفعه على المنصات ونشرها بين الطلبة.

أما بالنسبة للطلبة غير القادرين على الوصول إلى الإنترنت، يحاولون التواصل مع أقرب زميل لهم قادر على إيصال المادة العلمية لهم، وذلك بشكل ودي وليس إلزاميًا، مقترحًا أن يكون لشركات الاتصالات دورا في هذه الأزمة مع الوزارة والجامعات المختلفة في توفير وإتاحة الإنترنت لكل طالب، وإذا لم تستمر فترة تعليق الدراسة سنخصص لهم فترة معينة لإعادة كل ما تم شرحه وكذلك التكليفات المطلوبة خلال تلك الفترة، مقترحًا أنه في حالة استمرار الأزمة يمكن تقسيم مواد هذا الفصل الدراسي على السنوات القادمة، فليس هناك إمكانية لإلغاء فصل دراسي في التعليم العالي.

ولاء: تجربة لها العديد من الميزات على الطلبة
"ظرف واتحطينا فيه ولازم نتأقلم عليه ونحوله من سلبي لإيجابي"، بتلك الكلمات تابعت معنا الدكتورة ولاء عبد الهادي أبوزيد، مدرس الطب الشرعي والسموم الإكلينيكية كلية الطب قصر العيني، حول أن فكرة التعلم الإلكتروني لها العديد من المميزات التي كان يجب تطبيقها في وقت سابق بالتدريج، لكن فكرة التطبيق الإجباري هو ما جعل الطلبة تنفر منها.

وأكدت "أبوزيد"، خلال حديثها مع "الدستور"، أنه بالطبع هناك مشكلات يواجهها الطلبة من أهمها بطئ سرعة الإنترنت وأن منهم من ليس لديه القدرة على دخول الإنترنت في كل الأوقات، لكن ذلك يمكن تداركه في الفترة القادمة من خلال دعم وزارة الاتصالات في ذلك أو توفير "فلاشة" تعليمية لها القدرة على دخول الإنترنت لكن لأغراض الدراسة فقط، ولكن تلك الطريقة ستكون متاحة للدراسة النظرية فقط أما العملية فتحتاج لنزول الطلبة إلى الكلية لمراقبة ما يتم عمله والذي من الصعب إيصاله لهم إلكترونيًا.

وترى أنه يجب الاستفادة من تلك الأزمة وتطبيق تجربة الأونلاين في الفترة القادمة تدريجيًا حتى تصبح نصف الدراسة معتمدة عليها، ويجب على الطلبة أن يكون لديهم مرونة في التعامل مع هذا النظام، الذي سيكون أوله صعبًا لكن بالممارسة سيكتشفون أنه أسهل وأوفر لهم جهدًا ومالًا.

دينا: رغم مميزاته لكن التواصل المباشر أهم
دينا ماهر، معيدة بكلية صيدلة جامعة 6 أكتوبر، ترى أنها كفكرة هي رائعة جدًا لو تم تنفيذها بشكل سليم، وذلك سواء كان بسبب الوباء الآن أو كتطور طبيعي نعمل به منذ مدة والعالم كله يطبق نفس الأمر، لكن المشكلة الحقيقية أن الأساتذة والطلاب ليس لديهم من المعرفة ما يكفي كي يتم الأمر بطريقة صحيحة، أيضًا شبكات الإنترنت في مصر لا تسعفنا.

وأما على المستوى الشخصي، فأكدت "ماهر"، خلال حديثها مع "الدستور"، أنه رغم مميزات الأونلاين لكن التفاعل بين المحاضر بشكل عام والطلبة شئ مهم جدًا، فتعلم المهارات والتواصل المباشر مهم جدًا، لذلك يمكن استخدام هذا النظام كجزء لكن لا استغناء عن المحاضرات والتفاعل بين البشر.

وحدثتنا أن طريقة المحاضرة تكون من خلال تسجيل المحاضرات ورفعها للطلبة ليتمكنوا من الاستماع إليها في الوقت المناسب لهم أو الوقت المتوفر به الإنترنت، ثم يتم عقد حلقة نقاش لمن يريد طرح أسئلة، وذلك من خلال برنامج معين نتفق على تحميله، فأتحدث ويمكنهم التواصل معي بنفس فكرة "الفيديو كونفرانس" أو صوتيًا إذا ما أرادوا فتح الكاميرات، وأحيانًا يتم طرح أسئلة بدرجات لكن ذلك بالاتفاق مع الطلبة.