جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

متعافو «باخرة الأقصر» يروون لـ«الدستور» قصة الشفاء

الامل الكبير
الامل الكبير

فيما فتح شفاء الخاضعين للحجر الصحى فى مطروح، الذين كانوا على متن الباخرة السياحية بالأقصر «سارة»، من فيروس كورونا نافذة جديدة للحياة، جسَّد أيضًا ملحمة متعددة الجوانب، أحد طرفيها الأطباء المشرفون على الرعاية الطبية، والطرف الآخر هم المتعافون أنفسهم الذين عاشوا تجربة إنسانية عنوانها الأمل والإرادة.

وحكى هؤلاء المتعافون، لـ«الدستور»، التفاصيل الكاملة لما مروا به من محنة صحية بدءًا من إصابتهم حتى تلقيهم الخدمات العلاجية بشكل محترف ودقيق يعكس قدرة الدولة على حماية أبنائها، كما تحدثوا عن كيفية تعاطيهم مع المرض، وعن كواليس الدعم النفسى الهائل الذى تلقوه خلال فترة الرعاية الطبية، الذى ساعد بشكل كبير على اكتمال شفائهم.
عماد: الأطباء «خلية نحل».. وكنت أطمئن على أسرتى بشكل يومى

روى «عماد. أ»، وهو فرد أمن على متن الباخرة الموبوءة، تفاصيل إصابته، موضحًا أنه كان فى إجازة أثناء وجود السائحة التايوانية المصابة بالفيروس، ثم عاد إلى عمله، قبل يومين فقط، من إخضاع جميع العاملين على الباخرة للفحص الطبى.
وقال «عماد» إنه فوجئ بتوقف العمل على الباخرة ووجود حالة من الاستنفار، وإعلان وزارة الصحة عن احتمالية إصابة العاملين بـ«كورونا»، مشيرًا إلى أنه خضع لفحص الـ«pcr» مثل باقى العاملين، وذلك فى محافظة أسوان، وجاءت النتيجة إيجابية.
ولفت إلى أنه خضع للفحص مجددًا، بعدما أبحرت الباخرة إلى محافظة الأقصر وجاءت النتيجة «سلبية»، لكن مسئولى وزارة الصحة قرروا ضرورة سفره إلى الحجر الصحى كإجراء احترازى وقائى وامتثل للقرار.
وذكر أنه تلقى رعاية طبية جيدة جدًا فى الفترة التى قضاها فى الحجر الصحى، مشيرًا إلى أن الأطباء حرصوا على إعطائه الفيتامينات لتقوية المناعة، وكان يخضع للفحص الطبى بصفة مستمرة.
وقال: «كان يتم قياس درجات الحرارة ٣ مرات يوميًا، هذا إلى جانب قياس الضغط ومتابعة المعدلات الحيوية فى الجسم».
وعن لحظة تلقى أسرته خبر إصابته بالفيروس، كشف عن أنه لم يتمكن من إخبارهم بنقله إلى الحجر الصحى فى البداية؛ خوفًا عليهم من الصدمة، خاصة فى ظل ما يشاع عن الفيروس وخطورته.
وقال: «بعدما اطمأننت على نفسى، أخبرتهم بما حدث، وأكدت لهم أن الأطباء قالوا إن الفيروس ليس خطيرًا وإنه يمكن القضاء عليه بسهولة، حال اتباع تعليمات بسيطة».
وأضاف: «أسرتى كانت تتصل بى بشكلٍ يومى، وتتابعنى خلال فترة وجودى داخل الحجر الصحى، وكنت أمازح أهلى باستمرار حتى لا يتسلل الخوف والقلق إليهم، وكل هذا ساهم فى طمأنتهم».
وقال «عماد» إنه بعد عودته إلى منزله استقبله أفراد عائلته بالكثير من الترحاب، مشيرًا إلى أن البعض منهم كان يتخوف من إصابته بالعدوى.
وأشاد بالمجهودات المبذولة من جانب وزارة الصحة، قائلًا: «منذ اللحظة الأولى ورجال الطب الوقائى يعملون مثل خلية النحل بدون كلل أو ملل، وهذا يؤكد أن الدولة وضعت خطة قوية ومحكمة للتغلب على هذا الفيروس، كما أن رجال الشرطة والجيش بذلوا مجهودات خرافية لنقل المصابين ورعايتهم وتوفير كل احتياجاتهم».
وأكد «عماد» أن القطاع السياحى فى مصر ما زال فى المنطقة الآمنة، والدليل هو توافد وتدفق السائحين إلى الأقصر من شتى أنحاء العالم، مشيرًا إلى أن السياحة تعد أحد أهم الموارد بالنسبة للدخل القومى المصرى.
وأضاف أنه سيعود إلى عمله مجددًا عقب السماح للباخرة بالإبحار مجددًا، لتأدية دوره فى خدمة زائرى مصر، مشددًا على أن مصر ستظل آمنة بسواعد أبنائها وأطبائها ورجالها الذين تظهر معادنهم النفيسة فى وقت المحن والصعوبات.
خليل: نُقلت بطائرة حربية إلى مطروح.. وأشكر رجال الجيش والشرطة

كشف «خليل. م»، يعمل بقسم الاستقبال بباخرة الأقصر الموبوءة، عن أنه بمجرد ظهور نتيجة فحوصاته التى أثبتت إصابته بالفيروس جرى نقله إلى مستشفى العزل بمطروح بواسطة طائرة حربية، مشيرًا إلى أنه بمجرد أن رأى رجال الجيش أدرك أنه فى أيدٍ أمينة.
وقال «خليل» إن وزارة الصحة ليست الجندى الوحيد على جبهة مكافحة «كورونا»، موضحًا أن رجال القوات المسلحة والشرطة كان لهم دور كبير فى تلك المعركة، التى انتهت فى أولى جولاتها بالنصر.
وأضاف أنه بمجرد وصوله مستشفى «النجيلة» وجد رجال الجيش والشرطة يساعدون المرضى بشتى الطرق، ويقدمون لهم كل ما يحتاجونه، ما ترك أثرًا طيبًا فى نفوس المرضى، هذا إلى جانب الدعم النفسى الذى قدمه محافظ مطروح، الذى حرص على التواصل معهم وطمأنتهم، موضحًا أنهم كانوا يشعرون بأنهم فى منازلهم.
وذكر أنه استقبل خبر إصابته بالفيروس بهدوء وإيمان، لأن كل شىء بإرادة الله خير، واعتبر الأمر اختبارًا لا بد أن يتجاوزه بقوة وتماسك، مشيرًا إلى أن الأطباء قالوا له إن الانتصار على الفيروس ممكن باتباع نظام حياة معين، يتضمن الحفاظ على النظافة الشخصية ودعم مناعة الجسم.
وقال: «قرار إطلاع أسرتى بنبأ إصابتى لم يكن أمرًا سهلًا، واخترت أن أُطلع زوجتى فقط بالأمر، ولم أخبر أبنائى أو باقى أفراد الأسرة، وقلت لهم إننى مستمر فى العمل على السفينة، وإننى بصحة جيدة».
وأشار إلى أنه الآن يحكى لأبناء قريته عن تجربته تلك، وما حدث معه فى الحجر الصحى، مشددًا على أن المرضى حظوا برعاية طبية على أعلى مستوى، و«جميع من صعد على الباخرة خضع لفحص طبى للتأكد من سلامته».

أحمد: التجهيزات ممتازة.. مستوى خدمة عالٍ.. و«إحنا فى إيد أمينة»

قال «أحمد. ج»، مقدم طعام بالباخرة «سارة»، إنه أيقن أنه مصاب بالفيروس بعدما أعلنت وزارة الصحة عن احتمالية وجود مصابين على متن الباخرة، نظرًا لأنه يتعامل مع السائحين بصورة مباشرة ويومية.
وذكر أنه بعد أن خضع للتحاليل الطبية وثبتت إصابته بالفيروس تلقى الخبر بصدر رحب، إذ إنه متأكد من أن ما يصيب الإنسان ما هو إلا قضاء وقدر من الله.
وأضاف: «قبل سفرى إلى الحجر الصحى أخبرت أسرتى بإصابتى وأن صحتى جيدة، وأعراض الفيروس لم تظهر على، وتحسنت حالتى النفسية بعدما أصابنى القليل من القلق، وشعرت بالطمأنينة بعدما شاهدت درجة الاستعدادات القصوى داخل مستشفى الحجر».
وواصل: «الأطباء يعملون على مدار اليوم، وهناك تجهيزات ممتازة ومستوى عالٍ من الخدمة داخل المستشفى، وهذا ما زاد ثقتى بأننا بين أيدٍ أمينة قادرة على تحمل المسئولية التى كُلفت بها». وذكر أن «رعاية نحو ٤٥ شخصًا بين مصاب ومشتبه بإصابته ليس بالأمر الهين، إلا أن أطباء وزارة الصحة أكدوا أنهم قادرون على تقديم الأفضل دائمًا، وأنهم على قدر المسئولية والدليل على هذا هو تحسن حالة الكثير من الحالات وشفاء عدد كبير منها». وشدد على أن فيروس كورونا بسيط للغاية، إلا أن خطورته الوحيدة تكمن فى سرعة انتشاره، وأن سبل الوقاية منه تكمن فقط فى رفع معدلات النظافة الشخصية، وتجنب الاختلاط بالمصابين.

محمد جمال: الفيروس ضعيف ويمكن السيطرة عليه.. النظافة الشخصية مهمة.. ونحتاج لتجنب الاختلاط

ذكر محمد جمال، ٣٣ عامًا، ابن قرية البرجاية بمحافظة المنيا، أنه أصيب بفيروس كورونا؛ لأنه كان يعمل بمطبخ الباخرة التى جرى عزلها وتحويلها لحجر صحى.
وقال: «لم أكن أتصور أن حبى لعملى سوف يقودنى لاختبار صعب ومصير مجهول، لكننى استطعت بفضل الله ورحمته أن أتجاوز المحنة». وأضاف: «بعد ثبوت إصابة السائحة خضع جميع نزلاء وطاقم العمل لفحوصات طبية دقيقة، وفى هذه اللحظة تسلل الشك إلى نفسى وأدركت أننى قد أكون من بين من أصيبوا بالفيروس، وهو ما حدث بالفعل وأثبتته نتائج الفحوصات». وقال: «حملتنا طائرة حربية إلى مطروح، ووجدنا رعاية طبية راقية قدمها لنا الفريق الطبى بالمستشفى، وخضعنا للفحوصات الطبية على مدار الساعة وقدم لنا الأطباء مكملات غذائية وفيتامينات مقوية لمساعدتنا على التعافى، وبعد انقضاء فترة الحضانة أثبتت التحاليل شفائى؛ فعدت مجددًا إلى بيتى وأسرتى».
ولم يكن «جمال» مصدقًا فكرة إصابته بالفيروس فى البداية، لأنه لم يلحظ أى تغير على نشاطه، فلم تكن هناك أى أعراض مرضية تشير إلى إمكانية أن يكون حاملًا للفيروس، باستثناء نتائج التحاليل.
وقال: «فى بادئ الأمر تسلل الخوف والقلق إلى نفسى، لكن سرعان ما نجحت فى السيطرة على مخاوفى وجعلت ثقتى فى الله طريقًا للعلاج، وأدركت أن الإرادة والعزيمة هما ما يحتاجه الإنسان للتغلب على المرض».
وكان «جمال» يصر على ألا يخبر أفراد أسرته بخبر إصابته بالمرض؛ خشية أن يرعبهم الأمر، لكنه استسلم فى نهاية الأمر ولم يجد حجة مقنعة لتبرير غيابه.
وقال: «بعد أن عدت إلى منزلى صدمتنى نظرات أهل قريتى، كانوا يتحاشون الاقتراب منى؛ خشية أن يصيبهم الفيروس، كان شعورًا قاسيًا».
وبعد التجربة القاسية، لابن قرية البرجاية بالمنيا، تمنى لو أصبح لدى جميع من حوله الوعى الصحى لإدراك أن الإصابة بفيروس كورونا ليست كما يصورها العالم، حيث قال: «ليست خطيرة.. هذا الفيروس ضعيف ويمكن السيطرة عليه». وشدد على أن نصيحته لمعارفه والقراء للتغلب على المرض الحرص على النظافة الشخصية، وتجنب الاختلاط بالمصابين.