جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

«تقارير إلى سارة».. رسائل أحمد همام إلى هناك

تقارير إلى سارة
تقارير إلى سارة

لم يقدر نجيب محفوظ بجلالة قدره على استجداء دموعي بعد أن فاجئني بموت فهمي في روايته الأهم "بين القصرين" التي أنهى سطورها بعبارة "زورونى كل سنة مره حرام تنسوني بالمرة"، بينما استطعت أنت يا صديقي أن تفعلها سامحك الله يا همام، ما كل هذا الوجع الذي حاوطني مثل أخطبوط غبي في تقريرك الثاني والخمسين من كتابك تقارير إلى سارة.

ضحكت علي يارجل فلن أسامحك، كنت تخدعني منذ التقرير الأول جعلتني أتابع يومياتك بشغف، أضحك، أندهش، أو أغتاظ أحيانًا من جرأتك وتطاولك على كل شيء، ثم أراك تربت بكفك على كتفي وتقول: " أنا يا صديقى ملك تدوير الكلمات البالية، لدى القدرة على أن أجعلها صالحة للنشر بل وممتعة، أنا تلميذ بوكوفسكي الذى لم يسلم من لساني فأخذ على دماغ أمه، ضحكت وقلت لك: يستاهل بضاعته ردت إليه".

أكملت القراءة حيث لم يكن لدي القدرة على العزوف، لأجدنى أكمل سطورك بمنتهى الأريحية، بل وأغار أحيانا من قدرتك على الكتابة، وأقول فى نفسى: صاحبك طلع اشطر منك، وانت فاكر نفسك مجابتكش ولادة، وأضحك وأضحك ولا أجد فى نفسى غصة من تفوقك ونبوغك ونباتهتك، " ابسط ياعم ".

أخرج من تقرير إلى تقرير وكأنى أركض خلفك لمعرفة المزيد، مستمتعا بوصفك الحقيقى لعالمنا الصحفي الذي شوهته الدراما ولم تنقله كما هو "بعبله"، سافرت معك إلى أرمينيا البديعة وإلى بيروت الحبيبة، وشاهدت معك مباراة الكلاسيكو التي أخبرتني عنها رغم أنني يومها كنت أتباعها فى المدينة المنورة، عدنا إلى القاهرة وجلسنا على مقهى البستان، وتبادلت معك السجائر ورفضت مشاركتك فى شراب النبيذ،ولم تعترض بل رأيت ابتسامتك تتسق مع إيماءات التى قالت لى " براحتك يابو عمو " لكنك لم تكن وفيا لى حتى النهاية، خدعتني يا صديقى، نعم خدعتنى حين طلبت من أصدقائك على فيسبوك التبرع بالدم الى حبيبتك سارة ثم خدعتني مرة أخرى حين عدت إلى بيروت وأخبرتني أن سارة بخير|، لأتابع يومياتك بكل هدوء لتابغتنى بموتها على حين غفلة، لتقذف بكل وجع الأرض فى قلبى دفعة واحدة، عذرا يا صديقى هى لم ترحل هى تسكن تلك الغيمة هناك، هى تلك الحورية التى تحمل وردة بيضاء وتنتظرك في سلام، فاطمئن.