جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

4 شواهد.. هل شاركت إسرائيل في اغتيال قاسم سليماني بالعراق؟

جريدة الدستور

يعد الاحتلال الإسرائيلي هو أكثر الجهات قلقًا من مدى رد فعل طهران على مقتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، في غارة أمريكية، فجر اليوم، الجمعة، على مطار بغداد الدولي.

وتلتزم تل أبيب بالصمت التام والحذر للغاية تجاه عملية اغتيال سليماني، وعدم التعليق عليها بأي شكل كان، تحديدًا من قبل مسؤوليها، ربما خشية توجيه أصابع الاتهام إليها بالضلوع في تلك العملية، خاصةً أن هدف إسرائيل الأول هو إخراج إيران من المنطقة.

ولعل التنسيق المستمر بين واشنطن وتل أبيب، المعلن وغير المعلن، أحد المحاور التي تشير إلى أن إسرائيل قد تكون شاركت بشكل ما في عمليتها الأخيرة، وهو الأمر الذي ظهر في عدة وقائع تمت بين الجانبين، تحديدا في الأربعة أيام الماضية.

تصريح غامض: "مثيرة ودراماتيكية"
ولعلم أبرز تلك الوقائع هو إدلاء بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي المنتهية ولايته وزعيم حزب الليكود، بتصريح بدا غامضًا، أمس الخميس، خلال وجوده في مطار "بن جوريون"، أي قبل دقائق من سفره إلى اليونان، للتوقيع على اتفاقية لتصدير الغاز إلى أوروبا عبر أنابيب تمر بقبرص وأثينا.

وقال نتنياهو: "منطقتنا تتحرك، وهناك أشياء مثيرة ودراماتيكية للغاية تحدث هناك، ونحن نراقبها بيقظة، ونواصل الاتصال الوثيق مع صديقنا العظيم الولايات المتحدة الأمريكية، بما في ذلك محادثتي الهاتفية، التي تمت ظهر الأربعاء، مع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، فنحن ندعم بالكامل جميع خطوات الولايات المتحدة وحقها الكامل في حماية نفسها ومواطنيها"، حسبما نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية.

ويشير تصريح نتنياهو إلى أن الاتصالات التي تتم ما الولايات المتحدة كانت لتنسيق مشترك في أمر ما، وليست مجرد مباحثات روتينية تتم بشأن الوجود الإيراني في المنطقة، تحديدًا داخل سوريا والعراق.

مكالمتين مع أمريكا في 4 أيام
جرت مكالمتان هاتفيتان بين نتنياهو وبومبيو خلال أربعة أيام فقط، كان المحور الأساسي فيهما "إيران" دون غيرها، خاصةً في ظل الهجمات التي كانت تتم ضد السفارة الأمريكية لدى العراق، والتي ردت عليها واشنطن بقصف عنيف لبعض المواقع الإيرانية.

كانت أولى المكالمتين في 30 ديسمبر الماضي، بعد استهداف أمريكا لخمسة أهداف تابعة لكتائب حزب الله، في العراق وسوريا، وهو الأمر الذي وصفه نتنياهو في المحادثة بـ"العملية الهامة ضد إيران ووكلائها في المنطقة".

وكانت المكالمة الثانية، الأربعاء الماضي الموافق 1 يناير، أي قبل يوم واحد فقط من تنفيذ واشنطن لاغتيال سليماني، حيث تباحث نتنياهو وبومبيو حول خطر طهران، فيما أكد الأخير أن بنيامين أكد التزام إسرائيل الراسخ بالتصدي لإيران.

رد فعل سريع
لم تتخذ سلطات الاحتلال وقتًا في إصدار رد فعل سريع فور إعلان أمريكا اغتيالها لسليماني، فأغلقت أحد المواقع على الحدود مع لبنان وسوريا، ورفعت حالة التأهب القصوى، بالإضافة لعقد اجتماعات أمنية، وأصدرت الخارجية الإسرائيلية تعليماتها لوفودها، فيما قطع نتنياهو زيارته لليونان وأمر وزرائه بعدم الإدلاء بأي تصريحات، وأعلن دعمه للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

قرارات الاحتلال السبعة لم تكن مفاجئة، وبدت كونها خطوات تم إعدادها مسبقًا، على المستوى الداخلي والخارجي، خشية الرد الإيراني.

تعليق نتنياهو على "اغتيال سليماني"
أكد نتنياهو، وهو في طريق عودته من اليونان لإسرائيل، أن تل أبيب تقف بجانب واشنطن في عمليات الدفاع عن نفسها، قائلًا: "نقف بجانب أمريكا ولها حق الدفاع عن نفسها، كما لإسرائيل نفس الحق، وسليماني مسئول عن مقتل أمريكيين كثيرين، وغيرهم من الأبرياء، وكان يخطط للمزيد من الهجمات، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب يستحق الإشادة لتحركه الحازم والقوي والسريع".

في مثل هذه العمليات، لا يدلي نتنياهو بأي كلمات غير مدروسة، أو داعمة بشكل مرتجل، وهو ما أكدته جملة "سليماني كان يخطط لمزيد من العمليات"، ما يعني أن عمليات الرصد الإسرائيلي للتحركات الإيرانية في المنطقة، خاصةً قائد فيلق القدس، نتج عنها معلومات محددة، من المرجح بقوة أنه تم تسليمها لواشنطن، في إطار التعاون الوثيق معها، لتنفيذ مثل تلك العمليات.