جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

حكايات مصرية من منتدى شباب العالم.. من رأى ليس كمن سمع


من رأى ليس كمن سمع، هذا المثل ينطبق تمامًا على من حضر وشارك في منتدى شباب العالم في نسخته الثالثة، فأنا واحد ممن تابعوا المنتدى خلال العامين الماضيين من خلال شاشات التليفزيون، وأيقنت أن ما يجري على أرض مصر عمل عظيم، يعلى من شأن واسم بلدى بين كل بلاد العالم، لكن أن تتواجد في مكان يجمع رؤساء وزعماء عالم ووزراء وعلماء ومتخصصين وشباب من 197 دولة بمختلف ثقافتهم وخبراتهم وقدراتهم وكلهم طاقة وحيوية، يتسابقون في نقل ما لديهم لأقرانهم وزملائهم من كل الجنسيات بما يعطي طاقة إيجابية عالية لكل المشاركين، فهو أمر عظيم وإحساس أعظم بقيمة المؤتمر وأهميته لمصر وللعالم أجمع.

لم يقتصر مؤتمر شباب العالم للتعارف ونقل الخبرات، بل شمل مجموعة ورش عمل تناقش بجدية كل ما يشغل ويهم مستقبل الكون بما يليق بكم الحضور الذي تجاوز الـ7 آلاف مشارك، فمن قضايا الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية إلى الذكاء الاصطناعي، إلى مهارات الشباب، الثورة الصناعية الرابعة إلى الأمن الغذائي في العالم والأمن الغذائي في إفريقيا، وأيضًا تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة.

ومن أهم الجلسات أيضًا كانت حول التحديات الراهنة للأمن والسلم الدوليين والتميز المؤسسي الحكومي والتحول الرقمي وكيف يستعد شباب العالم للثورة الصناعية الرابعة، التعليم الفني والتدريب المهني وتطوير بيئة ريادة الأعمال ودول المتوسط: حضارات إنسانية عريقة وتاريخ مشترك.

وإن كان ذلك جزء من الجلسات فإن قراءة سريعة لعناوينها تكشف أن المؤتمر لم يقتصر على دور الشباب ولكنه تجاوز لدور الحكومات والهيئات الدولية والمنظمات في الارتقاء بالحياة عموما على الكوكب الذي نعيشه بما يؤكد أن مؤتمر شباب العالم أصبح منصة دولية مهمة تؤدي دورا مهما للإنسانية جمعاء خاصة أن الأمين العام للأمم المتحدة الذي منعته ظروفه من الحضور بشخصه أصر على المشاركة من خلال رسالة مصورة القاها هو بنفسه في أثناء حفل الافتتاح.

المشاركون في المؤتمر وانا منهم شعروا بالنجاح الباهر من أول لحظة من خلال دقة التنظيم الذي تشعر انه كبندول الساعه المنضبطة التي لا تخطىء ابدا، فكل شاب يعرف دوره بالضبط في المطار وفي الأتوبيس وفي الفندق واثناء الدخول للقاعات أو حضور الجلسات.

سيمفونية رائعة يعزفها شباب مصر الواعد، فلم تقع حادثة واحدة ولم تحدث مشكلة لأحد ولم يتخلف ضيف أو تأخر مشارك أو نسي أحد، كل شيء كبير كان أو صغير يتم عمله بأحترافية عالية وخبرة وكأن ما يحدث يتم عمله يوميا وليس مرة واحدة كل عام، ففي حوار دار بينى وبين إحدى الفتيات المتطوعات في لجنة النظام، سألتها سؤال بديهي: كيف وأين تدربتم على تنظيم هذا المؤتمر لدرجة أن كل واحد فيكم يؤدى دورة بمنتهى الدقة، فقالت: نعم نعرف دورنا وهو محدد لنا مسبقا ولكن لم يسمح لي بالحديث عنه، لتكتشف ان الانضباط في كل شيء حتى الأحاديث الجانبية ومع ذلك تصاحب الابتسامات الجميع من شباب التنظيم إلى رجال الأمن إلى كبار المسئولين، فلم نلمح أحد إلا والابتسامة على وجهه وأولهم الرئيس عبدالفتاح السيسي الداعم والراعي الأساسي للمؤتمر.

أما أهم وأروع ما لاحظته خلال المؤتمر أنه عند ذكر اسم أي دولة تهب القاعة بالتصفيق داخل القاعة من أبناء هذه الدولة ويشاركهم عدد كبير من الحاضرين كتشجيع وتعبير عن الحب والاحترام والتسامح، وهي الرسالة الأبرز للمؤتمر، غير ان عند ذكر اسم مصر تنقلب القاعة بالتصفيق وتتعالى الصافرات من كل الحاضرين ولو شاهدت وجوههم أيقنت أن هذه حالة خاصة بمصر وفلم يكن مجرد انفعال مع اسم الدوله المضيفه والمنظمة للحدث ولكنها حالة حب حقيقي وانتماء لوطن أثبت للعالم كله انه كبير وقادر على تغيير مجرى الواقع ويخطط للمستقبل.

تفائلوا وافتخروا بمصر